اعتبر مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان في تصريحه أمس خلال جولة تفقدية للقوات السعودية المرابطة على الحدود الجنوبية أن الصحافة السعودية شهدت «نقلة نوعية كبرى» في تغطيتها لأحداث الحروب. وقال: «قبل أكثر من 18 عاماً كنت أتمنى أن أرى مراسلاً صحافياً متمكناً من تغطية الأحداث في تلك الأيام، واليوم أرى عشرات المراسلين القادرين على مواكبة الحدث». وعبر الأمير عن احترامه لدور الإعلام «الشفاف» في تغطية ونقل الأحداث على الحدود السعودية - اليمنية. وأضاف: «تحاول القوات المسلحة أن تقدم كافة المعلومات المطلوبة للوسائل الإعلامية لإيضاح الصورة الحقيقية للرأي العام عبر منحها جميع المعلومات اللازمة التي لا تؤثر في سير العمليات الحربية»، إلى هنا انتهت تصريحات الأمير خالد بن سلطان. ويذكر أنه عندما اندلعت حرب الخليج الثانية برز نجم الصحافي البريطاني الشهير روبرت فيسك الذي كان غطى قبلها حرب السوفييت في أفغانستان، قبل أن تستعين وسائل الإعلام بخبراته في أفغانستان والخليج مجدداً بعد أحداث 11 آيلول (سبتمبر) 2001 لفهم تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن الذي قابله فيسك في عام 1993. ويعتقد أن أول حضور للسعودية في الصحافة الغربية يعود إلى 28 آذار (مارس) 1934، نشرت صحيفة «سبوكن دايلي كرونكل» المسائية الأميركية على صفحتها السابعة، ونقلاً عن وكالة «أسوشيتد برس» الإخبارية، خبراً مقتضباً من أثينا عن صفقة محتملة بين رجل أعمالٍ أميركي يدعى «سام آنسول» والإمام يحيى حميد الدين في اليمن، يوفر بموجبها الإمام يحيى الحماية «خلف الجدران السميكة» –بحسب الصحيفة- لآنسول، الهارب من العدالة الأميركية، في مقابل دعمه المالي للجيش اليمني في الحرب القائمة مع الجار السعودي الملك «ابن سعود». وبعد ذلك التاريخ بأقل من شهرين، وفي 14 أيار (مايو) 1934، نشرت صحيفة «شيكاغو تريبيون» الأميركية خبر انتهاء الحرب السعودية اليمنية على إثر قبول الإمام حميد الدين شروط السلام السعودية والهدنة، والتي رافقها معاهدة ترسيم الحدود السعودية اليمنية الأولى، وعلى رغم أهمية الحدث في تاريخ العلاقات السعودية اليمنية إلا أن الحدث لم يكن ليستغرق أكثر من ربع العمود الصحافي في صحيفة مسائية غربية. في سيرة الملك عبدالعزيز، يبدو من المألوف قراءة أسماء صحافيين أجانب زاروا الأراضي السعودية من باب المغامرة في الصحراء وسبر أغوار حلم «ابن سعود»، ويذكر تاريخ الإعلام الغربي الظهور الأول لابن سعود على غلاف مجلة «لايف» الأميركية في أول تحقيق غربي كتبه «نول إف بوش». ويبرز اسم الانكليزي السير جون فيلبي «عبدالله فيلبي» كأحد أبرز الكتاب والمستعربين الذين جالوا الأراضي السعودي، ونقلوا على صفحات مذكراتهم تاريخ الملك ابن سعود في حروبه الداخلية لتوحيد الوطن «السعودية» ومواقفه في الحروب العالمية الأولى والثانية. ووصف فيلبي، خريج كامبردج وضابط الاستخبارات الانكليزية الأسبق، في مذكراته التضاريس والمواقع والقبائل وعاداتها وتقاليدها، وليخرج بأكثر من 15 كتاباً تعد فهارس مميزة تحكي جانباً من القصة السعودية للباحثين عن السعودية في زمن الحرب والصحراء. ويأتي اسم الأميركي الجنسية اللبناني الأصل أمين الريحاني كأحد الكتّاب الذين نقلوا عن الملك عبدالعزيز جزءاً من مواقفه تجاه القضية العربية وعلاقاته مع العرب، إضافةً إلى الفرصة التي أتيحت له ليرافق الملك عبدالعزيز في «اتفاقية العقير» ورؤية شخصية «ابن سعود»، ليصبح واحداً من أصدقاء الملك المقربين، الذين احتفظوا بصورة جميلة رواها في كتاب «ملوك العرب». الشخصية الصحافية التي ربما تكون الأشهر، مع ان الغالبية لا يعلمون امتهانها للصحافة، إذ يعرف معظم الناس محمد أسد (ليوبولد فايس سابقاً) النمساوي الجنسية، الذي أصبح من أصدقاء الملك عبدالعزيز المقربين على أنه مستشرق اعتنق الإسلام، وكتب كتابه الشهير «الطريق إلى مكة» الذي تحدث فيه عن تجربته في السعودية وعلاقته بالملك المؤسس. ولا يعرف كثيرون اسم الدنماركي كنود هولومبي، الذي اهتم بدراسة الفلسفة والأديان، ليعمل في مجال الصحافة متنقلاً بين عددٍ من الصحف الدنماركية قبل أن يزور المغرب ويتحول إلى الإسلام، قبل أن تأخذه زياراته المتعددة بين الدنمارك وعدد من الدول العربية إلى الاستقرار أخيراً في المغرب وتغيير اسمه إلى علي أحمد القصيري، ويحاول أخيراً الحصول على الإذن لدخول السعودية والوصول إلى مكة، إلا أنه وفي أثناء مروره بين العقبة وحقل اغتيل بعد عدد من المحاولات السابقة، قبل أن يستوفي جنود موالون للملك عبدالعزيز لعلي القصيري حقه من مغتاليه. وبعد اكتشاف النفط، لم يكن ليشغل بال الصحافة الغربية شيء أكثر من النفط وتأثيرات أحداث المنطقة على إمداداته إلى الأسواق العالمية، يضاف إلى ذلك الاتساع الكبير في عدد الوسائل الإعلامية وصعوبة رسوخ أسماء بعينها في ذاكرة تغطية الأحداث الحربية التي تشهدها المنطقة والسعودية تحديداً.br / ومع ذلك، يبقى اسم الانكليزي روبرت فيسك راسخاً في ذاكرة التغطيات الإعلامية التي برزت في الثمانينات الميلادية أثناء تغطية الاجتياح السوفيتي لأفغانستان، وصولاً إلى حرب الخليج الذي برز فيها فيسك عن بقية الصحافيين الأجانب، قبل أن تستعين وسائل الإعلام بخبراته في أفغانستان والخليج مجدداً بعد أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001 لفهم تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن الذي قابله فيسك في عام 1993. وفي الأحداث الإرهابية التي شهدتها السعودية عام 2004، لن تنسى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» خسارتها لمصورها «سيمون كمبرز» الذي قُتل في هجوم مسلح، إضافة إلى جرح مراسلها «فرانك جاردنر» على هامش تغطيتهم للأحداث الدموية في العاصمة الرياض، بعد أن أخذت الرغبة القتيل الايرلندي وزميله المراسل الأمني لمعرفة ما يحصل في سراديب أحياء الرياض.