جنرال الحرب -كما تصفه وسائل الإعلام العالمية- يصل ولياً للعهد، بعد أن تم تعيينه ولياً لولي العهد في ال23 من كانون الثاني (يناير) الماضي، وبذلك يصبح الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي الجديد أول من يتولى هذا المنصب من أحفاد الملك عبدالعزيز آل سعود، منذ تأسيس الدولة السعودية. وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمراً ملكياً، فجر أمس الأربعاء، يقضي بتعيين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود (55 عاماً) ولياً لعهد المملكة، ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية ورئيساً لمجلس الشؤون السياسية والأمنية». ويعتبر ولي العهد الجديد الذي يشغل منصب وزير الداخلية، منذ عام 2012 عرّاب الحرب على الإرهاب، إذ قاد قوات الأمن في المملكة ل10 أعوام، وهي فترة قَمَعَ خلالها تنظيم «القاعدة» في السعودية، وعزز الأمن من خلال فلسفته التي نجح فيها من خلال محاربة الإرهاب عبر المواجهة الفكرية والحل الأمني. وولد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود في 30 آب (أغسطس) 1959، وهو أحد أبناء الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز آل سعود من زوجته الأميرة الجوهرة بنت عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود. ودرس في مراحل التعليم الابتدائية والمتوسطة والثانوية في معهد العاصمة بالرياض، ثم درس المرحلة الجامعية في الولاياتالمتحدة الأميركية، وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية عام 1981، كما خاض دورات عسكرية عدة متقدمة داخل المملكة وخارجها تتعلق بمكافحة الإرهاب. وفي حزيران (يونيو) 2004، صدر الأمر الملكي بتعيينه مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بمرتبة وزير. وجاء تعيين الأمير محمد بن نايف في فترة تشهد فيها السعودية موجة عامة من الإرهاب، وكان يحمل رؤية مميزة في محاربته، عبر تركيزه على الأمن الفكري في محاربة الإرهاب إلى جانب الحل الأمني. وفي هذا الصدد كان أول من أسس لجان المناصحة في المملكة والخليج العربي عام 2005، وقد حظيت فكرته بانتشار واسع عالمي حاز على استحسان العالم الغربي. ويتوجه جهد مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية إلى المقبوض عليهم في قضايا إرهابية أصحاب الفكر المتطرف، إذ يتم إخضاعهم لدورات تعليمية تتضمن برامج شرعية ودعوية ونفسية واجتماعية وقانونية، بهدف تخليصهم من الأفكار المتطرفة التي يحملونها، وبعد ذلك تقوم الجهات المعنية بالإفراج عن المتخرجين من الدورات ممن لم يتورطوا في قضايا التفجيرات بشكل مباشر. وتعرض في ال27 من أغسطس 2009 لمحاولة اغتيال من مطلوب أمني زعم أنه يرغب في تسليم نفسه، وكان الأمير محمد بن نايف في مكتبه في منزله بجدة، إذ قام الشخص المطلوب بتفجير نفسه بواسطة هاتف جوال وتناثر جسده أشلاءً، وأصيب الأمير بجروح طفيفة. وأعلن تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجوم في رسالة بثتها منتديات تابعة له على مواقع الإنترنت. ونتيجة جهوده المتواصلة في محاربة الإرهاب، وصفته شبكة MSNBC الأميركية ب«جنرال الحرب على الإرهاب». ومطلع الشهر الجاري زار الأمير محمد بن نايف واشنطن. التقى عدداً من المسؤولين الأميركيين في مقدمهم الرئيس باراك أوباما، وبحثا العلاقات المشتركة بين البلدين. وفي الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، صدر أمر الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بتعيينه وزيراً للداخلية، ليخلف الأمير أحمد بن عبدالعزيز في المنصب. وفي الأمس، صدر أمر ملكي بتعيينه ولياً للعهد ليصبح الطريق ممهداً أمامه لتولي مقاليد الحكم في السعودية مستقبلاً، باعتباره أول حفيد من أحفاد الملك عبدالعزيز يصل إلى هرم السلطة في المملكة. ويأتي ولي العهد الجديد إلى هذا المنصب الرفيع، ولديه الكثير من الإنجازات الأمنية التي حققها طوال مسيرته الأمنية في وزارة الداخلية السعودية، لاسيما توليه منصب مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، الذي ترك إرثاً هائلاً من النجاحات والخبرات التي جعلت من وزارة الداخلية منظومة موحدة تعمل بشكل منظم وحضاري، عبر توظيف التقنية والتدريب والتأهيل مما مكّنها من مواجهة أصعب التحديات، لاسيما الفترة التي شهدت تصاعد العنف من «القاعدة»، قبل أن تتمكن الداخلية من دحرها وطردها من السعودية في انتصار ظل يعصف بهذا التنظيم الإرهابي الذي حاول أن ينتقم من الأمير محمد بن نايف من خلال اغتياله، وهي العملية التي فشلت وزادت الأمير قوة لمواجهة الموجة القذرة من الإرهاب مرة أخرى عبر منصب ولي العهد.