يُسَر مدرب منتخب فرنسا لكرة القدم ريمون دومينيك بالضجيج المثار حوله، ولا يهنأ له العيش من دونه، يمقت الهدوء ويجده مضجراً. ديماغوجي يحفزّه الانتقاد للتحدي. وفي ضوء "الغبار الكثيف" الذي يحجب الرؤية، أعلنها صراحة قبل أيام: "لم أستقل أبداً ولن أستقيل". وفي مقابلة مطولّة أجرتها معه مجلة "لكسبرس" الفرنسية أخيراً، ردّ دومينيك (57 سنة) على منتقديه بهجوم مضاد لم يوفر فيه أحداً، من وزيرة الصحة والرياضة روزلين باشولو إلى النجمين السابقين ايريك كانتونا وبيسنته ليزارازو. وحملت أجوبته استهزاءاً بمن "لا يفقه بالأمور الفنية ويريد أن يحشر أنفه"، مؤكداً أنه مجبر فقط على تقديم تفسيرات وشروحات إلى لاعبيه والمعنيين في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، "وهم على دراية تامة بأفكاري ويمحضونني ثقتهم... والباقي هراء". ويلفت دومينيك إلى أن الرئيس نيقولا ساركوزي هو الوحيد الذي كانت له ردة فعل مشرّفة عقب التأهل لمونديال جنوب أفريقيا المثير للجدل، نظراً إلى هدف التعادل الفرنسي الذي جاء من كرة حوّل تييري هنري مسارها بيده ولم ينتبه لها الحكم السويدي مارتن هانسون. ويشدد دومينيك على أن "الهجوم" على هنري "جحود كبير". ويؤكد أن هدفه المباشر حماية لاعبيه، واضعاً في الاعتبار أن التأهل لنهائيات المونديال "الهدف الأساس" و"الباقي تفاصيل". ويضيف: "لم أعر الانتقادات الفارغة اهتماماً، لكنني أستمع وأناقش الآراء القيمة. الانتقادات تستفزني لأكون صلباً أكثر". دومينيك الأضعف شعبية بين المدربين الذين تعاقبوا على تولي مقدرات المنتخب الفرنسي، لم يطلب الشهرة يوماً كما يقول، "بل أكون مسروراً وممتناً إذا قدّر من يعرفني عملي". «منصب تفجيري» من جهته، خرج المدرب السابق ايميه جاكيه الذي قاد "الديوك" لإحراز المونديال عام 1998، عن تحفظاته وأورد في مقالة له نشرتها مجلة "فرانس فوتبول" أنه لا يجوز بقاء المدير الفني طويلاً في منصبه، كما انتقد أسلوب عمل دومينيك وتصرفاته، لافتاً إلى أن المنتخب لم يكن على مستوى المهمة في مباراتي الملحق أمام إيرلندا. وأوضح جاكيه أنه "بعد أربع سنوات (الفترة التي أمضاها دومينيك حتى الآن على راس المنتخب) يصبح الأمر قاسياً، والوضع أصعب, وهناك أمور عدة تمنعك من العمل". ووصف جاكيه منصب المدير الفني بأنه "تفجيري" و"الأضواء مسلطة عليه والسهام مصوبة نحوه دائماً". ولام الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لأنه لم يفهم عمق مهمة مدرب المنتخب, فدافع عنه بعد كأس أوروبا 2008...". وبقي دومينيك في منصبه بعد الخروج من الدور الأول في البطولة, ليصبح عرضة لانتقادات غير منقطعة من الجماهير والصحف الفرنسية، وأظهر استفتاء وقتذاك أن 4 من كل 5 فرنسيين يفضلون رحيله. وأشار جاكيه إلى أن الحكم على المدرب ينطلق من خلال تحقيقه نتائج "فإن نجح أكمل مهمته، وهو مطالب بتقديم إيضاحات وعليه تقبّل مناقشة أفكاره، والبعض يرى أن دومينيك لا يعتمد طريقة أداء واضحة ميدانياً ولم يكلّف نفسه تفسير ذلك، وهذا من حق الجمهور والصحافة. ولا يجوز أن تتم المناقشة دائماً خلف أبواب موصدة". واعتبر جاكيه أن همّ دومينيك كان التأهل للمونديال، "لكن بهذه الطريقة لن نحقق شيئاً في جنوب أفريقيا". ورأى أن تصرّف هنري في المباراة الأخيرة "رد فعل لا إرادي، وأخشى أن تطارده فعلته طويلاً". وزاد مستدركاً: "أنا لم أتوقف عند هذا الخطأ بقدر ملاحظتي أن اللاعبين أدوا مباراة سيئة عموماً". أما دومينيك فإكتفى معلقاً على رأي جاكيه بالقول: "نسي ايميه الدرجة المتدنية التي بلغتها شعبيته قبل ستة شهور من مونديال 1998".