فيما واصل أركان الدولة العبرية البحث عن سبل لاسترضاء قادة المستوطنين في الضفة الغربيةالمحتلة المحتجين بعنف على قرار الحكومة المصغرة تعليق البناء في المستوطنات جزئياً وموقتاً لعشرة أشهر، أكد مدير حركة «السلام الآن» اليسارية يريف اوبنهايمر زيف ادعاءات الحكومة بتعليق البناء جزئياً، واعتبر الضجة حول الموضوع مفتعلة إعلامياً، مشيراً إلى حقيقة أن البناء متواصل في أكثر من 3500 وحدة سكنية جديدة. والتقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمس في مكتبه في تل أبيب ممثلين عن قادة المستوطنين في الضفة «للاستماع إلى تحفظاتهم عن قرار تعليق أعمال البناء في المستوطنات». وسبقت الاجتماع تسريبات من أوساط نتانياهو بأن الأخير معني بتعويض المستوطنات التي تقرر تعليق البناء فيها ب «رزمة تسهيلات وامتيازات» مثل إعادة الصلاحيات لرؤساء المستوطنات بإتاحة إجراء تصليحات في المنازل أو توسيعها وإصدار تراخيص لتنفيذ أعمال بنى تحتية في المستوطنات مثل مد أنابيب للصرف الصحي وغيرها من الأعمال التي حظرتها أوامر سلمها ممثلو الجيش لرؤساء المستوطنات في الأيام الماضية، وبمنح المستوطنين امتيازات ضريبية ورفع المخصصات الحكومية للتعليم والرفاه الاجتماعي والبنى التحتية وإعادة الهبات المالية التي ألغيت خلال السنوات الماضية. وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن نتانياهو طرح فعلاً هذه الامتيازات خلال الاجتماع. لكن قادة المستوطنين ردوا بالقول إن ما يريدونه هو إلغاء قرار تعليق البناء. وقال رئيس «مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة» داني ديان بعد الاجتماع إنه وأترابه أوضحوا لرئيس الحكومة أنهم لم يأتوا للتفاوض معه في شأن إضافة شرفة أو مكيف هواء إلى هذا المنزل أو ذاك، إنما طالبوه بإلغاء أوامر تعليق البناء، «وأكدنا أنه طالما بقيت الأوامر على حالها فإننا لن نتعاون مع الجيش... وسنواصل البناء في كل مكان متاح». وأضاف أن رئيس الحكومة سجل عشرات الملاحظات التي سمعها من ممثلي مجلس المستوطنات ووعد بالرد عليها قريباً. وزاد أن المجلس يعتزم تنظيم تظاهرة احتجاجية على تعليق البناء الأربعاء المقبل. من جهته، قال رئيس المجلس الإقليمي للتكتل الاستيطاني «غوش عتسيون» شاؤول غولدشتاين في ختام الاجتماع إن رئيس الحكومة طمأنهم إلى أن الأمور ستكون على ما يرام، ونقل عنه قوله: «انتظروا بضعة أيام وسترون أن ما تخشونه ليس قائماً». وتابع أن نتانياهو قال لممثلي مجلس المستوطنات أنه اتخذ قرار تعليق البناء «في غياب مفر أمامه». وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن نتانياهو أبلغ قادة المستوطنين أن قرار تعليق البناء لن يتغير، «لكن سيتم تصحيح الأخطاء التي وقعت أثناء تسليم أوامر تعليق البناء لرؤساء المستوطنات». وأضافت أن رئيس الحكومة طلب من قادة المستوطنين عدم اعتبار تعليق البناء «دماراً وخراباً لئلا يشعر المستوطنون بذلك فعلاً». وأضاف: «لن يكون فك ارتباط ثانٍ، أنا لست عدوكم، بل كلي آذان صاغية لمطالبكم». وقال رئيس مجلس التكتل الاستيطاني «بقعات هيردن» (غور الأردن) إنه خرج مرتاحاً من الاجتماع بعدما أيقن أن رئيس الحكومة «ما زال متمسكاً بموقفه القائل بوجوب إبقاء غور الأردن تحت السيادة الإسرائيلية في إطار أي تسوية دائمة». وقبل الاجتماع، قال رئيس مستوطنة «إفرات» عوديد رفيفي إنه سيحذر نتانياهو من أن الأرض تشتعل وأن رؤساء المستوطنات «يحاولون منع فقدان السيطرة على الأمور». ولقي موقف قادة المستوطنين دعماً من اللجنة الفرعية لشؤون الضفة الغربية المنبثقة عن لجنة الخارجية والأمن البرلمانية التي دعت وزير الدفاع إيهود باراك إلى تجميد أوامر تعليق البناء بداعي أن «ثمة خروقاً قانونية» في نشر الأوامر، وأنه يتوجب قبل تسليمها تسوية قضية تعويض المستوطنين المتضررين. وكان باراك أكد لأربعة من قادة المستوطنين التقاهم مساء أول من أمس أنه قرر أن يعيد إلى رؤساء المستوطنات في الضفة صلاحية إصدار تراخيص لتنفيذ تعديلات بناء بسيطة في المنازل مثل إقامة البنى التحتية الفنية وإغلاق شرفات وتركيب مكيفات الهواء. وطمأن باراك قادة المستوطنين إلى أن إسرائيل ترى في الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة غرب الجدار الفاصل وفي محيط القدسالمحتلة «جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل في إطار أي اتفاق دائم»، فيما سيتم البت في مستقبل سائر المستوطنات شرق الجدار في قلب الضفة في المفاوضات. وأضاف أن «غور الأردن والبحر الميت عزيزان عليّ إلى حد كبير». وأكد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في حديث إذاعي أمس أن البناء في المستوطنات سيستأنف «في شكل طبيعي» فور انتهاء الأشهر العشرة. وأضاف أن قرار تعليق البناء هو «قرار صائب... لكن، هناك حدود لبادرات حسن النية التي تقدمها إسرائيل للفلسطينيين». في المقابل، اعتبر مدير حركة «السلام الآن» التي ترصد الاستيطان في حديث للإذاعة العامة أمس الضجة المثارة في شأن تعليق البناء واحتجاجات المستوطنين «ضجة إعلامية ليس أكثر، إذ تتواصل أعمال البناء على الأرض. وعليه أقول إن كل هذه المسألة ليست سوى نكتة». وأضاف: «بعد أقل من أسبوع على قرار تعليق البناء تمت المصادقة على بناء 109 وحدات سكنية جديدة لتضاف إلى مواصلة العمل في بناء نحو 3000 وحدة قيد الإنشاء و490 وحدة سكنية جديدة أقر بناؤها قبل شهر، والآن تمت المصادقة على بناء 109 وحدات سكنية جديدة، كل هذا في ظل قرار وزير الدفاع عدم المس بالبؤر الاستيطانية العشوائية التي تعهد منذ أشهر إخلاء بعضها، وأخشى أن يعمل الآن على إضفاء الشرعية عليها».