انطلقت مساء الثلثاء الماضي فعاليات الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية، التي ينظمها نادي جدة الأدبي على مدار ثلاثة أيام في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي في أبرق الرغامة. وبدأت حفلة الافتتاح التي حضرها عدد كبير من الأدباء والمثقفين وقناصل الدول العربية في جدة بالنشيدين الوطنيين الفلسطيني والسعودي. وقال رئيس النادي الدكتور عبدالمحسن القحطاني: على رغم من الظروف القاسية التي يمر بها الفلسطينيون من حصار وقمع وتهميش وسلب للهوية، إلا أننا نبقى لحمة واحدة فقدسنا هي الذاكرة الجمعية والهم الأول لهذه الأمة، ولا يمكن أن تنسى الشعوب ذاكرتها فحتى إن غابت القدس اليوم مكاناً، فقد حضرت في الوجدان. ونحن اليوم في نادي جدة الأدبي نحتفي بمناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية 2009، وقد صافح «أدبي جدة» يد القنصلية الفلسطينية في جدة لإنجاح هذه الفعاليات، ورأينا أن تكون هناك عروض فلوكلورية فلسطينية وأفلام وثائقية مصاحبة للمحاضرات والقصائد الشعرية»، مضيفاً: أن كل ناد أدبي يحاول أن يقدم ما يستطيعه في سبيل الاحتفال بهذه المدينة الغالية على قلوبنا، وبهذا الوطن الذي هو جزء من جسد العالم العربي والإسلامي». وأكد القنصل العام لدولة فلسطين في جدة الدكتور عماد سليمان شعت، أنه منذ بزوغ فجر الحضارة على أرض القدس، «واغتنى التاريخ من مهدها ونام الزمانُ على كتفها لترتقي مهداً للأنبياء وأرضاً للرسالات السماوية والحضارات القديمة، إنها مدينة السلام وزهرة المدائن بمآذنها وقبابها وأجراس كنائسها وأسوارها وأبوابها العريقة وإنسانها»، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني «نما وتطور وأبدع وجوده الإنساني، عبر علاقة عضوية لا انفصام فيها ولا انقطاع بين الشعب والأرض والتاريخ. هذه العلاقة منحت الأرض هويتها وفي المركز منها قدسنا، وبعثت في الشعب روح الوطن مطعماً بسلالات الحضارة وتعدد الثقافات»، مؤكداً أهمية الاحتفاء في مدينة القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009 على المستوى العربي والدولي، بصفتها جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ العام 1967، «وتكريساً لبعدها السياسي كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ومكانتها في الوجدان الديني والإنساني، وتجذيراً لهويتها الثقافية العربية، ودعماً للوجود الفلسطيني وصموده فيها، وتصدياً لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيزاً للشعور بالانتماء الوطني والعربي تجاه هوية ثقافية عربية موحدة. وقال الأديب الفلسطيني يحيى يخلف، في اتصال حيّ من رام الله في الأراضي المحتلة: إن القدس تظلّ العاصمة الإنسانية العربية والإسلامية، وليست قضيتنا وحدنا، بل قضية الإنسان عامة، ولا يزال المقاوم الفلسطيني يدافع عن حقه وهويته ولا وطن له سواه»، متطرقاً في نحو ساعة ونصف الساعة عن حاضر ومستقبل القدس، والدور الكبير الذي لعبته في تكوينه الثقافي والفكري والسياسي، مؤكداً على الدور البارز للثقافة، «في حماية الهوية والتراث». وإن المثقفين «يلعبون دوراً واضحاً في حماية القدس، وما قام به النادي الأدبي في جدة خير دليل على حرص المسؤولون عن الثقافة في السعودية على الهوية والثقافة الفلسطينية، وليس منا من يفرط في تراب القدس ونطالب جميع الشرفاء في العالم، بدعم صمود الإنسان الفلسطيني في مواجهة المحتل. وكنت أتمنى لو كنت بينكم جسداً في هذة الحفلة، التي تشعرنا بالسعادة وبتكاتفنا العربي والإسلامي حتى في أحلك الظروف». وشارك في الحفلة أمين جائزة الملك فيصل العالمية الدكتور عبدالله العثيمين بقصيدة شعرية، تناول فيها الواقع الفلسطيني وحقوقه المشروعة. ثم استمع الحضور إلى النشيد الفلسطيني «صباح الخير» وقصيدة «أنا متأسف» للشاعر سميح القاسم ثم قصيدة للشاعر عبدالرحمن بارود. وقدمت فرقة العودة الفلسطينية عدداً من اللوحات الفلوكلورية الفلسطينية الراقصة، كما شاهد الحضور فليماً وثائقياً عن القدس وتاريخها العربي القديم، وتضم الاحتفالية معرضاً تشكيلياً لعدد من الفنانين الفلسطينيين، وآخر للأزياء التراثية والمشغولات اليدوية الفلسطينية.