أعلنت وزارة الداخلية السعودية أمس (الإثنين) استشهاد ثلاثة رجال أمن، أحدهم ضابط برتبة عميد، ومقتل أربعة مهاجمين، يعتقد أنهم ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي، عند تعرض دورية لحرس الحدود السعودي في مركز سويف، التابع لجديدة عرعر على الحدود الشمالية، لهجوم فجراً، بعدما رصدت قوات حرس الحدود تسلل المهاجمين الأربعة في محاولة لعبور الحدود إلى أراضي المملكة. وتجاور الحدود السعودية هناك محافظة الأنبار العراقية التي تخضع رقعة شاسعة منها لسيطرة التنظيم الإرهابي المذكور. وشدد المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء المهندس منصور التركي، في بيان أمس، على أن قوات الأمن السعودية عاقدة العزم على التصدي لمحاولات «الخوارج ومن يقف وراءهم، وإحباط مؤامراتهم». وأوضح المتحدث الأمني السعودي أن محاولة تسلل العناصر الأربعة رصدت في مركز سويف (40 كيلومتراً من عرعر) عند الرابعة والنصف فجر الإثنين، وحين اعترضهم رجال حرس الحدود السعودي بادروا بإطلاق النار، فردّ عليهم رجال حرس الحدود بالمثل، ما أدى إلى مقتل أحدهم في الحال، فيما عمد الآخر لتفجير نفسه بحزام ناسف. وحاول العنصران الآخران الاحتماء بالنباتات، وعند محاصرتهما من حراس الحدود السعوديين، بادر أحدهما بتفجير نفسه بطريقة مماثلة، فيما تم قتل الآخر. (للمزيد) وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية إلى أن الهجوم الغادر أسفر عن استشهاد العميد عودة البلوي، والعريف طارق حلوي، والجندي يحيى نجمي، فيما أصيب العقيد سالم العنزي والجندي يحيى مقري اللذان نقلا للعلاج، مؤكداً أن حالهما الصحية مستقرة. وتساءلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس عما إذا كان للهجوم «هدف استراتيجي أكبر»، مشيرة إلى أن تنظيم داعش كان دعا إلى شن هجمات «ذئاب وحيدة» ضد الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية، ومنها السعودية. وهذا هو أول هجوم مباشر يستهدف الحدود السعودية المحاذية للعراق التي كانت تعرضت لقذائف هاون متفرقة في وقت سابق. ويذكر أن السعودية كانت اتهمت «الدولة الإسلامية» بشن هجوم في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في محافظة الأحساء، وأسفر عن مقتل ثمانية أشخاص. ووجّه وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف بنقل جثمان العميد البلوي إلى مكةالمكرمة للصلاة عليه، ودفنه كما ورد في وصيته، ونقل جثمان الفقيدين الآخرين إلى أماكن عائلتيهما لدفنهما هناك. وأشار المتحدث الأمني السعودي أمس إلى أنه عند مسح الموقع، عُثر على أسلحة رشاشة، ومسدس، وقنابل يدوية، وأحزمة ناسفة، إضافة إلى أوراق نقدية تطايرت من حقيبة كانت بحوزة المهاجمين. وكشفت مصادر موثوق بها ل«الحياة» أن عناصر «داعش» الأربعة قدموا إلى قرب مركز سويف، التابع لقيادة قطاع جديدة عرعر، رافعين أيديهم لتسليم أنفسهم، وطالبوا بحضور قائد قيادة حرس الحدود بالحدود الشمالية إلى الموقع، الذي استجاب لطلبهم في وقت باكر، وعند اقتراب رجال الأمن فجّر أحدهم نفسه. وأبلغ أحد زملاء العميد البلوي (طلب عدم ذكر اسمه) «الحياة» بأن قائد حرس الحدود في المنطقة الشمالية استشهد صائماً، وباشر الحادثة بحماسة، إذ غادر مكتبه فور إبلاغه بتسلل العناصر الأربعة. وأكدت مصادر طبية في مستشفى عرعر المركزي ل«الحياة» أن قسم الطوارئ بمستشفى عرعر المركزي استقبل أمس رجلي الأمن المصابين في العمل الإجرامي الذي تعرضت له قوات حرس الحدود بمركز سويف. وذكرت أنه تم إجراء الفحوص الطبية اللازمة والأشعة المقطعية والعادية واستخلاص الأجسام الغريبة، فاتضح وجود أجسام في الكتف الأيسر لأحد المصابين، بعيدة عن المناطق الحساسة بالجسم، غير متداخلة مع الأوعية أو الأعصاب. ويذكر أن قائد حرس الحدود السعودي في المنطقة الشمالية تولى منصبه قبل شهر فقط من استشهاده أمس، وتنقل في العمل بمديريات حرس الحدود في مدن المملكة، إذ بدأ في قطاع حرس الحدود في محافظة أملج (غرب)، ثم عُيّن قائداً لحرس الحدود في قطاع حقل، قبل أن يصدر قرار نقله إلى عرعر قبل نحو 4 أشهر، ليشغل منصب مساعد حرس الحدود بالمنطقة الشمالية. وصدر الشهر الماضي قرار تعيينه قائداً لحرس الحدود في المنطقة الشمالية. إلى ذلك، وصل رئيس الاستخبارات السعودية الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز إلى واشنطن أمس في زيارة رسمية تستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري، وتركز - وفق ما أفادت مصادر ديبلوماسية - على «الحرب ضد تنظيم داعش والتعاون الأمني والاستراتيجي بين الرياضوواشنطن». وأبلغت مصادر ديبلوماسية «الحياة» أمس، أن الأمير خالد وصل ليل الأحد (الإثنين) إلى واشنطن، وسيبدأ اجتماعاته مع مسؤولين في الإدارة الأميركية وفي الكونغرس اليوم على مدى ثلاثة أيام، وقالت إن «التحالف ضد داعش والوضع في سورية والعراق يتصدران ملفات الزيارة». وستتخلل الزيارة لقاءات مع قادة الدفاع والاستخبارات الأميركية واجتماعات في البيت الأبيض قد يعرج عليها الرئيس الأميركي باراك أوباما، كما سيكون هناك عشاء موسع يحضره ديبلوماسيون أجانب وعرب. وتأتي الزيارة بعد استضافة واشنطن وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي زار أميركا مرتين في أقل من عام، وتعكس هذه الزيارات حراكاً ديبلوماسياً وسياسياً متزايداً بين الحليفين. وعلمت «الحياة» أن الأمير خالد بن بندر سيلتقي مستشارة أوباما لمكافحة الإرهاب ليزا موناكو في البيت الأبيض اليوم (الثلثاء). ومن جهة أخرى، أكدت قيادة العمليات في الأنبار أمس، وجود خطة لدى «داعش» للسيطرة على المعابر الحدودية بين المحافظة والأردن والسعودية، ولفتت إلى إحباط محاولة لدخول الأراضي السعودية، فيما يستعد التحالف الدولي لحماية هذه المنطقة. وكانت عناصر من التنظيم شنت هجوماً على مخفر عنازة الواقع على الحدود العراقية - السعودية ظهر أول من أمس، لكن قوات الأمن تمكنت من صد الهجوم، وبعد 12 ساعة شن التنظيم هجوماً آخر على المواقع الأمنية. وقال ضابط كبير في قيادة الفرقة السابعة التابعة لمركز عمليات الأنبار ل«الحياة» أمس، إن «معلومات استخباراتية وصلت إلى مقر القيادة منذ مطلع هذا الشهر تؤكد نية داعش السيطرة على المنافذ الحدودية مع الأردن والسعودية». وأوضح أن «الحدود تمتد إلى أكثر من 250 كيلومتراً، وشددت السعودية إجراءاتها ونشرت قواتها وعدداً من الدبابات والدروع على طول الشريط غرب الأنبار، وعززت عناصرها في أبراج المراقبة ومخافر الرصد». ودانت دول مجلس التعاون الخليجي في بيان أمس «الحادثة الإرهابية ضد رجال الأمن السعوديين»، وأعلنت أنها «عمل جبان»، فيما استنكرت هيئة كبار العلماء في السعودية الحادثة، وأكدت أنها «جريمة عظيمة تحرمها الشريعة الإسلامية». وشددت الهيئة في بيانها على أنها «تؤيد ما تقوم به الدولة، من تتبع لمن ينتسب إلى فئات الإرهاب والإجرام، والكشف عمَن ينتسب إلى داعش أو القاعدة وغيرهما، ويجب على الجميع أن يتعاونوا للقضاء على هذا الأمر الخطر، لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى».