دخلت السلطات السعودية، في ما يشبه حالة التأهب القصوى بعد أن اعلنت «داعش»، عن اعتزامها شن هجوم على المملكة العربية السعودية عبر حدودها خلال عيد الأضحى، الذي يمثل تتويجًا لموسم الحج السنوي. وعليه فقد كثفت الحكومة من جاهزيتها الامنية من خلال مشاركة اكثر من 95 ألفا من رجال الأمن، إضافة إلى القوات المساندة لهم من وزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني ورئاسة الاستخبارات العامة، كما صرح بذلك الامير محمد بن نايف وزير الداخلية. اضافة الى ذلك صدور الموافقة الملكية على إنشاء القوات الخاصة بأمن الحج والعمرة التي تقدر ب40 ألفا من رجال الأمن. وقد تكللت خطط الحج لهذا العام بالنجاح ولله الحمد، بإشراف مباشر من الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا، وبمتابعة مباشرة من الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية. ولعلي هنا ألخص مبعث القلق السعودي في ثلاث نقاط رئيسية: اولا: هو اعلان «داعش» نفسها عن اعتزامها شن هجوم على السعودية خلال عيد الأضحى في العاشر من سبتمر الماضي. فبحسب تقارير أمنية دولية،، فإن متشددي "داعش" سيبدؤون عملية مسلحة في المملكة العربية السعودية بعد أن زُودوا بالسلاح والمال من خلال وكلاء القاعدة. فالتنظيم يبحث التمدد لدول الخليج للسيطرة على حقول النفط بهدف تمويل عملياته وإقامة خلافته المزعومة، وقد اخذت الحكومة السعودية هذا التهديد على محمل الجد، فاعلنت الاستنفار الامني العام واعدت العدة لمواجهته امنيا وتقنيا وميدانيا عبر قوات الداخلية والقوات المساندة لها، فحشدوا جموعهم داخل المشاعر المقدسة وخارجها حماية لامن الحج والحجاج من اي تهديد. ثانيا: ان السعودية تدرك تماما ان حدودها امام مناطق حدودية هشة وضعيفة وقابلة للتسلل، سواء عبر الحدود المشتركة الطويلة مع العراق والتي تصل الى 900 كم وهي على علم بأن داعش، قريب جداً من الحدود خاصة بعد سيطرة التنظيم على مناطق واسعة من محافظة الانبار الممتدة بمحاذاة هذه الحدود. واما عبر حدودها المشتركة مع اليمن والتي تمتد الى اكثر من 2000 كم. الامر الذي يمكن ان يمثل تهديدا حقيقيا من خلال احتمال تسلل عناصر داعش عبر الحدود الشمالية، او تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (فرع تنظيم القاعدة في اليمن) عبر الحدود الجنوبية للسعودية، مما قد يزيد من حدة تهديدهم لأمن السعودية ودول الجوار. فقد حاولت «داعش» في يونيو الماضي السيطرة على معبر عرعر الحدودي، مما اضطر الحكومة السعودية الى محاولة تدعيم امن الحدود عبر نشر حوالي 30 الف جندي على الحدود المشتركة مع العراق، بهدف صد تمدد داعش عبر الحدود، وخاصة بعد انسحاب القوات العراقية من المناطق المتاخمة للحدود بين الدولتين وسيطرة داعش على محافظة الانبار. الأمر نفسه ينطبق على الحدود مع اليمن، فلا ننسى حادثة الوديعة التي حاولت عناصر من تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» التسلل الى الاراضي السعودية عبر منفذ الوديعة الحدودي مع اليمن، لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف رجال أمن ومواطنين ومقيمين ومنشآت عامة داخل السعودية، في اليوم الذي يصادف الذكرى الخامسة لمحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية السعودي (مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية آنذاك) في أغسطس 2012 الا ان القوات الامنية السعودية تمكنت من القبض عليهم. وبالتالي ففي ظل غياب سلطة مركزية قوية سواء في الشمال او الجنوب، ستظل مشكلة الحدود وتسلل الإرهابيين الى الاراضي السعودية هاجسا أمنيا قويا لدى الحكومة السعودية. ثالثا: فإذا أضفنا الى هذه الحدود الهشة بداية تنسيق وعمل حقيقي بين مليشيات «داعش» وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإن هذا يعكس مدى الخطورة التي يمكن أن يشكلها على الامن والاستقرار الوطني. ففي يناير الماضي أعلن مأمون حاتم القيادي في القاعدة في جزيرة العرب، فرع تنظيم القاعدة في اليمن عبر تغريدات له على تويتر عن دعمه لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، كما اشار الى قرب مبايعة فرع التنظيم له. وقد كانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في شهر مايو الماضي أنها احتجزت 62 شخصاً بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف سعودية وأجنبية في المملكة، وأشارت إلى أن بعض أولئك الأشخاص لديهم اتصالات ب«داعش» في العراق وسوريا، وفرع تنظيم «القاعدة» في اليمن. فبحسب اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية فإن أحد الموقوفين السعوديين تمت مبايعته لتولى قيادة التنظيم الارهابي (داعش) داخل السعودية والعمل على تجنيد عناصر للتنظيم. كما ذكر التركي أن هذه الشبكة باشرت بالفعل في بناء مكونات التنظيم ووسائل دعمة والتخطيط لعمليات إرهابية، موضحا انه من خلال التحقيقات تم رصد انتشار واسع لهذه الشبكة وارتباطات لها مع عناصر القاعدة وداعش في العراق وسوريا واليمن.