أكد عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث - بحكم خبرته السابقة في القضاء - أن محققي هيئة التحقيق والادعاء العام يستعجلون بإنهاء القضايا بالحد الأدنى، نظراً لكثرتها، ما يجعل كثيراً منها يصل إلى المحاكم وفيه الكثير من الأدلة التي لم يفطن لها المحقق، «لصغر سنه وقلة خبرته». من جهتها، قالت عضو المجلس الدكتورة لطيفة الشعلان في جلسة الشورى أمس (الإثنين): «إن الكثير من الشاتمين والتكفيريين في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي شخصيات معروفة ومنتظمون في مؤسسات الدولة، لا يختبئون ولا يخجلون، وبعضهم أعضاء هيئة تدريس في الجامعات السعودية رجالاً ونساء، ومدعو وعظ ودعوة ومذيعون». وحظيت توصيتان إضافيتان بتأييد غالبية الأعضاء، إذ دعت الأولى هيئة التحقيق والادعاء العام إلى تحريك الدعوى الجزائية ضد من يقوم بالقذف والقدح العلني عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، وتستهدف الرموز الدينية أو المسؤولين، والتنسيق مع الجهات الأمنية لتحديد هوية المجهول منهم. فيما طالبت التوصية الثانية بوضع قواعد يتم الاستناد إليها في إسناد الأعمال لأعضائها، بما يحقق أعلى درجات المهنية والعدالة في القضايا محل النظر. وأشار الغيث إلى أن نسبة الجرائم الكبيرة تعود إلى أسباب عدة، أبرزها «ضعف التحقيق والادعاء والأدلة، ما أدى إلى ضعف الأحكام الصادرة عن القضاء». وشدد في تأييده لتوصية على ضرورة وضع قواعد لفئات القضايا، لاسيما أنه رصد عبر ممارسته للقضاء القصور في عمل المحققين، الذي يضطر بعض القضاة إلى جمع الأدلة التي نقصت للمصلحة العامة، وهو ما لا يجب على القاضي عمله، مبيناً أن حضور المحامي مع المدعى عليه يمكنه من اكتشاف الكثير من الثغرات، نظراً إلى ضعف المحقق والمدعي العام. من جهتها، أشارت الدكتورة لطيفة الشعلان إلى معاناة المجتمع منذ الثمانينات الميلادية من القرن الماضي من عمليات «الشتم والتكفير» التي طاولت الكثير، وبينهم وزيران سابقان للتربية والعمل ، وكُتابٌ، إضافة إلى رموز حركة الحداثة الشعرية. وقالت: «وتيرتا السب والتكفير تسارعتا في العقدين الماضيين لتصل هذا العام إلى سب وشتم عضوات الشورى عند تعيينهن وتقديمهن لبعض التوصيات»، مشيرة إلى أن الشتائم لها طابع قبائلي ومذهبي ومناطقي، والتيارات التي تكفر وتشتم تستهدف مشروع الإصلاح والسلم الاجتماعي في المملكة، وأن بوابة الشتم تؤدي إلى العنف المادي وتمثل ذلك في حالات التصفية والاغتيالات التي شهدتها بلدان عربية. بدوره، أوضح مقدم التوصية سعود الشمري أنه لم يتوقع أن تنجح وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرديء في تحريف مضمون توصيته أثناء تقديمها في مداخلة سابقة في المجلس، وإظهارها بأنها تهدف إلى تحصين المجلس ومسؤوليته عن النقد ومعاقبة من يتعرض لهم، مشيراً إلا أنه لا يقصد في توصيته الحجر على المجتمع وتحجيم نقدهم لمسؤولي الدولة، ما دام النقد في حدود اللياقة والأدب. ومن المؤيدين للتوصية الدكتور مشعل السلمي الذي أكد أن تأييده يعود إلى أن مشكلة التشهير حقيقة ويعاني منها المجتمع وتكبر يوماً بعد يوم، فيما عارض الدكتور فهد العنزي قبول التوصية لأنها تؤدي إلى نتائج عكسية في انتقائية الدعاوى من الهيئة والتمايز في حماية سمعة البعض «ذوي السمعة» من الشخصيات العامة، ولا يمكن بذلك تحقيق المساواة الاجتماعية لمن يتعرض للسب والشتم من هيئة التحقيق والادعاء العام. وفي السياق ذاته، طالب المجلس الهيئة بوضع معايير لقياس الأداء، وإنشاء معهد عالٍ للتحقيق والادعاء العام، ودراسة إنشاء مركز وطني لدراسات العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة.