للمرة الثانية في غضون شهر استدعت وزارة الخارجية المصرية القائم بالأعمال القطري في القاهرة (سكرتير أول السفارة) وسلّمته رسالة احتجاج ضد «التجاوزات المستمرة» في حق مصر، كما استدعت في الوقت نفسه القائم بالأعمال البوسني لابلاغه رسالة استنكار شديدة اللهجة. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية بدر عبدالعاطي أنه تم أمس استدعاء القائم بالأعمال القطري لدى مصر كون السفير غير موجود حالياً في القاهرة، وجرى التأكيد له بضرورة الالتزام بتنفيذ ما طلبته مصر والنيابة العامة والانتربول العربي والدولي بتسليم مطلوبين من جانب العدالة يقيمون في قطر، و «ضرورة التدخل لمنع التجاوزات بحق مصر»، مشيراً في هذا الصدد إلى «بيان أحد المصريين المقيمين في قطر ضد مصر وشعبها» (في إشارة إلى الشيخ يوسف القرضاوي)، فضلاً عن «التحريض المتواصل من جانب قنوات تلفزيونية (في إشارة إلى «الجزيرة») موجودة على الأراضي القطرية». وأضاف الناطق أنه تم خلال استدعاء القائم بالأعمال القطري «مطالبة الدوحة بتوضيح موقفها إزاء التجاوزات، والإعلان عن أنها لا تمثّل الموقف الرسمي القطري». وقال عبدالعاطي للصحافيين إن ذلك جاء في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الخارجية «في مواجهة التجاوزات القطرية المتكررة ضد إرادة الشعب المصري، وكان من بينها إضافة إلى الاستدعاء السابق للسفير القطري في كانون الثاني (يناير) الماضي، قيام سفير مصر في قطر بنقل رسالة إحتجاج شديدة اللهجة للخارجية القطرية، وسبقها صدور تصريحات وبيانات رسمية مصرية تستنكر هذه التجاوزات، والإشارة إلى مشاورات تجريها مصر مع الأشقاء العرب لوقفها». وندد عبدالعاطي بالطريقة التي «تتعامل بها وسائل إعلام ومؤسسات إعلامية موجودة على الأراضي القطرية، وتصريحات بعض الشخصيات المطلوبة والموجودة على الأراضي القطرية» و «التي تمثّل تجاوزاً غير مقبول على الإطلاق في حق الشعب المصري وفي حق الدولة المصرية وهي مرفوضة تماماً». وطالب الناطق المصري بأن «يخرج موقف قطري رسمي واضح في هذا الشأن... كما تم في الحالة الإماراتية، فلا بد من إدانة ورفض كل التصريحات التي تصدر عن مؤسسات أو شخصيات متواجدة على الأراضي القطرية وتتجاوز في حق مصر». وأكد الناطق مجدداً ما تم تضمينه في بيان رسمي لوزارة الخارجية من أن «الطرف الذي يستمر في تجاوزه عليه أن يتحمل مسؤولية وتبعة هذا التجاوز». ورفض عبدالعاطي ما يذهب إليه البعض من أن الموقف المصري إزاء قطر «أقل مما ينبغي». وقال إن «من يعود إلى الأشهر الماضية سيجد أن موقفنا كان واضحاً بإدانة التجاوزات القطرية منذ الخريف الماضي» و «كلما حدثت تجاوزات من الجانب القطري كان الرد المصري واضحاً» سواء «في صورة تصريحات رسمية صادرة من الخارجية أو من خلال اتصالات جرت مع دول عربية شقيقة لعل وعسى أن تقنع الجانب القطري بالتوقف عن هذه التجاوزات». وأضاف أنه في الرابع من كانون الثاني (يناير) الماضي في خطوة غير مسبوقة من جانب مصر «تم استدعاء سفير دولة عربية لتسليمه رسالة احتجاج شديدة اللهجة على البيان المرفوض تماماً الصادر من الخارجية القطرية» في شأن التطورات الداخلية في مصر بما في ذلك إجراءات تم اتخاذها ضد جماعة «الإخوان المسلمين». واعتبر عبدالعاطي أن استدعاء القائم بالأعمال القطري في القاهرة «إجراء قوي وواضح» وأنه «يتعين على الجانب القطري أن يستجيب الطلبات المصرية المقدمة وأن يقرن الأقوال بالأفعال». وأشار إلى تصريحات وزير خارجية قطر خالد العطية أخيراً وقال «إنها في مجملها إيجابية ولكن هذا لا يكفي على الإطلاق ولا بد أن تقترن أقوالهم بالأفعال وأن يقوموا بالاستجابة لطلبات الإنابة القضائية لاستلام بعض المطلوبين والتحرك لدى المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية والأشخاص المقيمين على الأرض القطرية لمنع تجاوزهم وتدخلهم السافر والمرفوض في الشأن الداخلي المصري». وقال إن «السفير المصري في قطر موجود في القاهرة منذ يوم الجمعة الماضي ولن نضيف أكثر من ذلك». وعن أسباب استدعاء القائم بالأعمال البوسني أوضح عبدالعاطي أنه حدث تجاوز غير مقبول على الإطلاق من جانب أحد أعضاء المجلس الرئاسي في البوسنة باقر عزت بيغوفيتش الذي رفع شارة (رابعة) التي تمثّل جماعة «الإخوان المسلمين» والتي تعتبرها الحكومة المصرية «جماعة إرهابية». وقال عبدالعاطي إن «هذا التصرف يُعتبر تجاوزاً مرفوضاً تماماً ... لقد أبلغنا (الجانب البوسني) رسالة استنكار شديدة اللهجة على هذا المسلك غير المقبول والذي يتجاوز الأعراف الديبلوماسية». وشدد الناطق على أن «المسألة ليست خلافاً قطرياً - مصرياً، ولكنها مشكلة بين قطر والعالم العربي بما في ذلك دول الخليج وآخرها الإمارات الشقيقة». وحول وجود وساطة خليجية بين مصر وقطر، قال عبدالعاطي إنه «ليس سراً أن هناك دولاً شقيقة في مجلس التعاون الخليجي بذلت وتبذل جهوداً، ولكن مرة أخرى وللأسف الشديد لم تتمخض هذه الجهود عن أقوال وأفعال محددة توقف التجاوزات القطرية بحق مصر».