قدم رئيس الحكومة التونسية التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية علي العريض استقالته أمس، إلى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، منهياً بذلك فصلاً مهماً من الأزمة السياسية الحادة التي عاشتها البلاد منذ تموز (يوليو) الماضي اثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي على أيدي «متشددين». وقال العريض الذي أمضى عشرة أشهر على رأس ثاني حكومة شُكِّلت بعد انتخابات المجلس التأسيسي: «قدمت استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الذي كلفني بتصريف الأعمال إلى حين الانتهاء من تشكيل حكومة الكفاءات». وأضاف: «استجبت لتعهداتي بالاستقالة وفقاً لخريطة الطريق التي قدمها الرباعي (الراعي للحوار) بعد الاطمئنان على مسار الانتقال الديموقراطي في البلاد». ويُنتظر أن يكلف المرزوقي رسمياً صباح اليوم، مهدي جمعة بتشكيل الحكومة العتيدة في مهلة أقصاها أسبوعين، وفق نص الإعلان الدستوري. والتقى جمعة مساء أمس، زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي بصفته ممثلاً لأكبر الأحزاب في المجلس التأسيسي. وكان «مجلس الحوار الوطني» الذي يشرف عليه «الرباعي» (الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان) حدد منتصف الشهر الجاري، حداً أقصى للانتهاء من المصادقة على الدستور وتشكيل الحكومة الجديدة. وتأتي استقالة العريض عقب الانتهاء من تشكيل «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» وانتخاب أستاذ القانون الدستوري شفيق صرصار رئيساً لها. وكان تشكيل الهيئة شرطاً أساسياً ل «النهضة» قبل تسليم السلطة. في سياق متصل، صادق المجلس التأسيسي على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل وهي سابقة في تونس والعالم العربي، خصوصاً أن النواب الإسلاميين يشكّلون الغالبية فيه. ونصت الفقرة الثالثة من الفصل 45 على أن «الدولة تسعى إلى تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة». على صعيد آخر، نفذت وحدات عسكرية مساء أمس، عمليات تمشيط واسعة لجبل الشعانبي في محافظة القصرين الحدودية مع الجزائر وذلك بعد رصد تحركات لعناصر «إرهابية». وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت في بيان صباح أمس، إحباط عملية اقتحام مركز أمني حدودي في المحافظة. وحذرت الداخلية من «استغلال الاحتجاجات الاجتماعية للقيام بعمليات حرق وتخريب المراكز الأمنية والمنشآت العمومية». إلى ذلك، عاد الهدوء إلى محافظات القصرين وقابس وسيدي بوزيد وجندوبة بعد احتجاجات دامت أكثر من أربعة أيام على الضرائب التي فرضتها الحكومة على السيارات والعربات الزراعية. أتى ذلك بعد إعلان رئيس الحكومة تعليق العمل بالضرائب الجديدة. وتدخلت وحدات من الجيش في عدد من المحافظات لتأمين المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، بعد انسحاب قوات الأمن منها. وأحرق محتجون مراكز أمنية ومقار لحركة «النهضة» في مدن عدة. وأُحرق خمسون محلاً تجارياً في «سوق ليبيا» (سوق شعبي للبضائع والملابس) في محافظة أريانة المحاذية للعاصمة التونسية ليل الخميس-الجمعة. وأكد مصدر أمني أن أسباب الحريق مجهولة.