قال ناشطون إن طائرات القوات الجوية السورية قصفت مدينة دير الزور بشرق البلاد أمس الجمعة، بعد اشتباكات عنيفة وقعت الليلة قبل الماضية ومقتل واحد من كبار ضباط جهاز المخابرات العسكرية. كما أفيد أن عناصر في «جبهة النصرة» أعدموا 10 من جنود النظام الأسرى في دير الزور. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قناصة قتلوا اللواء جامع جامع الخميس وسط معركة مع جماعات معارضة بعضها مرتبط بتنظيم «القاعدة». ومثّل قتل جامع، الذي احتفى به مقاتلو المعارضة ونشطاؤها، انتكاسة كبيرة لجهود الرئيس بشار الأسد لاستعادة السيطرة على المدينة عاصمة المحافظة الشرقية المنتجة للنفط. وورد في إعلان وفاة جامع على موقع «فايسبوك» أن جثمانه سيُنقل بالطائرة إلى قريته زاما في الجبال المطلة على البحر المتوسط معقل الطائفة العلوية التي ينتمي لها الأسد. وعرضت مواقع مؤيدة للنظام بالفعل حشوداً ضخمة على الطرقات التي مر بها الموكب الذي حمل جثمان اللواء جامع إلى مثواه الأخير. كما ظهر من صور تشييعه مشاركة أعداد غفيرة من المواطنين والمسؤولين، في إشارة إلى المكانة التي يبدو أن الراحل كان يحظى بها في منطقته وداخل منظومة حكم الأسد. وكان جامع مسؤولَ المخابرات العسكرية السورية في لبنان إلى أن سحبت دمشق قواتها من جارتها تحت ضغط دولي مكثف عام 2005. وجاء الانسحاب بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري والذي أنحي باللائمة فيه حينذاك على سورية. وقال المرصد إنه تم التحقيق مع جامع نفسه في هذه القضية. وتم تعيين جامع بعد ذلك رئيساً للمخابرات العسكرية في دير الزور وهو منصب كبير وله حساسية بسبب تدفق المسلحين السنّة عبر الحدود إلى العراق حيث كان مسلحون يقاتلون القوات الأميركية والعراقية. وفي آب (أغسطس) 2011، أي بعد خمسة أشهر من اندلاع الاحتجاجات للمرة الأولى ضد الأسد، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على جامع لدوره في «القمع والعنف ضد السكان المدنيين». ويقول نشطاء إن عشرات من المقاتلين المعارضين والموالين للأسد قتلوا هذا الأسبوع في اشتباكات حول دير الزور. وأوضح المرصد أن اشتباكات اندلعت الليلة قبل الماضية في عدة مناطق من المدينة. وأضاف أن مقاتلين من جماعة «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» أعدموا عشرة جنود احتجزوهم في منطقة الرشيدية حيث قتل جامع الخميس. وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد إنه في حين أحرز مقاتلو المعارضة تقدماً وشنوا هجوماً على مطار عسكري قريب، فإن من غير المرجح أن يحققوا انتصاراً سريعاً في المنطقة الاستراتيجية المنتجة للنفط والمتاخمة للعراق. وأضاف أن على الرغم من أن معظم محافظة دير الزور تحت سيطرة المعارضة، إلا أن بعض العشائر لا يزال موالياً للأسد، وأن السيطرة على المدينة نفسها منقسمة بين المعارضين والموالين. على صعيد آخر، قتل 12 شخصاً بينهم ثمانية أطفال ونساء في قصف لقوات النظام السوري على قرية تلعرن الكردية في ريف حلب في شمال البلاد، وفق ما ذكر الجمعة المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى مقتل عشرين عنصراً من القوات النظامية وسبعة مقاتلين معارضين في معارك وقعت في المنطقة نفسها. وتعتبر تلعرن نقطة استراتيجية لوقوعها على الطريق الرئيسي بين منطقة السفيرة جنوب شرقي مدينة حلب التي تتقاسم السيطرة عليها قوات النظام ومجموعات المعارضة المسلحة. وتسيطر على تلعرن «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المرتبطة ب «القاعدة» منذ ان انتزعتها من سيطرة المقاتلين الأكراد في نهاية تموز (يوليو). وقال المرصد في بريد إلكتروني «استشهد 12 مواطناً كردياً بينهم ستة أطفال وشابتان، وسبعة منهم ينتمون إلى عائلة واحدة في قصف للقوات النظامية على مناطق في بلدة تلعرن». كما أصيب ما لا يقل عن أحد عشر شخصاً آخرين بجروح. وبذلك يرتفع عدد القتلى في البلدة إلى 21 خلال أربع وعشرين ساعة، بعد مقتل سبعة كانوا في سيارة في قصف لقوات النظام ليلة الخميس - الجمعة، واثنين الخميس. ومنذ أسابيع، تحتدم المعارك في محيط منطقة السفيرة ومعامل الدفاع الواقعة شرق حلب والتي يرجح أنها تضم مخازن للأسلحة الكيميائية. وشهدت هذه المنطقة عمليات كر وفر واحتلال مناطق من الطرفين ثم الانسحاب منها في إطار معركة للسيطرة على طرق الإمداد إلى حلب. وأفاد المرصد بعد ظهر الجمعة عن «اشتباكات عنيفة» وقعت فجراً في المنطقة الواقعة بين بلدة خناصر ومعامل الدفاع، قتل فيها عشرون عنصراً من القوات النظامية وسبعة مقاتلين من الكتائب. وأوضح أن المعارك جاءت نتيجة مهاجمة مقاتلي المعارضة مركزاً لكتيبة في الدفاع الجوي وقريتي حجيرة وعبيدة اللتين تنتشر فيهما قوات النظام. وفي مدينة حلب (شمال)، تتواصل المعارك منذ يومين في محيط السجن المركزي بين المجموعات المقاتلة التي تحاصر السجن منذ شهر نيسان (أبريل)، وبين القوات النظامية. وقال المرصد إن اشتباكات متقطعة دارت أمس بين «مقاتلين من حركة أحرار الشام وجبهة النصرة من طرف والقوات النظامية من طرف آخر داخل أسوار السجن»، بعد انسحاب المقاتلين المعارضين من مبنيين اثنين تمكنوا من السيطرة عليهما الخميس. واندلعت المعارك ظهر الأربعاء عقب تفجير عنصرين من «جبهة النصرة» نفسيهما داخل أسوار السجن في متاريس للقوات النظامية، ما أدى إلى مقتل سبعة جنود على الأقل، بحسب المرصد. وقصف الطيران الحربي الجمعة بالصواريخ والأسلحة الرشاشة مواقع المقاتلين في محيط السجن. ويعاني السجن من أوضاع صعبة نتيجة حصار مقاتلي المعارضة المستمر منذ نيسان (أبريل)، ويستقدم النظام لقواته المتحصنة داخله الإمدادات إجمالاً عبر الطائرات التي تقوم بإلقائها من الجو. وتقول المعارضة إن السجن يضم خصوصاً معتقلين معارضين وجنوداً منشقين يتعرضون للتجويع وللتعذيب.