تعيش مدينة طرابلس (شمال لبنان) هاجس عودة الاضطراب الأمني الى محاورها بين جبل محسن وباب التبانة، على خلفية توقيف الاجهزة الامنية الرسمية ليل أول من أمس، يوسف دياب من «الحزب العربي الديموقراطي» في جبل محسن واعطاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر امراً امس بتوقيفه واثنين آخرين مشتبه بهم بتفجيرات طرابلس، وجميعهم لبنانيون. والهواجس المتجددة من تدهور أمني مرده انه بعد مداهمة عناصر من فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي مساء أول من أمس محلاً تجارياً يملكه عضو المكتب السياسي في الحزب المذكور علي فضة في «طلعة الشمال» عند مدخل جبل محسن، وتوقيف احد العاملين فيه ويدعى يوسف دياب، اقدم مسلحون من جبل محسن على اطلاق رصاص القنص احتجاجاً ولكن باتجاه المارين في محيط شارع سورية، ما ادى الى اصابة احد عناصر الجيش. وتطور الامر الى اشتباكات وأعمال قنص على محاور التبانة ادت الى جرح شخصين، فتدخل الجيش ورد بعنف على مصادر النيران وقطع الطريق الدولية التي تربط طرابلس بعكار، بعد تجدد عمليات القنص، حفاظاً على سلامة المواطنين، وأعاد الهدوء الى المنطقة الا ان اجواء التوتر ظلت مسيطرة. وزار القاضي صقر مبنى فرع المعلومات أمس، واطلع على سير التحقيقات الجارية باشرافه والنائب العام التمييزي بالانابة القاضي سمير حمود، مع دياب وانيس حمزة وعلي جعفر وجميعهم من الحزب العربي الديموقراطي، وأمر بتوقيفهم. وشهدت طرابلس حركة سير عادية، وفتحت المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة والدوائر الرسمية والمصارف والجامعات والمدارس ابوابها كالمعتاد، فيما سيّر الجيش اللبناني دوريات مؤللة عند الخط الفاصل بين المنطقتين وفي شوارع المدينة، وسيّرت عناصر قوى الامن الداخلي الدوريات في الشوارع الرئيسية والفرعية. وعادت الطريق الدولية بين طرابلس وعكار سالكة. وجال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على حواجز الامن العام في منطقة طرابلس، وجاء في بيان صادر عن المديرية «ان اللواء ابراهيم اطلع على أوضاع العسكريين وأعطى التوجيهات للضباط للبقاء في جهوزية تامة، في اطار تنفيذ الخطة الامنية، بالتنسيق مع باقي الاجهزه لضمان الاستقرار في هذه المنطقة العزيزة التي يستأهل مواطنيها العيش بأمان وأن تتأمن لهم الحياة الكريمة». وتابع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الوضع الأمني في طرابلس عبر سلسلة من الاتصالات مع وزير الداخلية مروان شربل وقادة الأجهزة الأمنية. وإطلع من وزير العدل شكيب قرطباوي على مسار التحقيقات التي تجري مع الموقوف دياب. كرامي وعلق وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال فيصل كرامي على «النكسة المحدودة التي تعرض لها الوضع الأمني في طرابلس نتيجة عدم استكمال الخطة الأمنية الخاصة بالمدينة»، معتبراً انها «لا تمنح لأي طرف المبرر لإطلاق النار على هذه الخطة تحت عناوين سياسية لا يخفى على أحد الاستهدافات التي ترمي اليها وكأن هذه الخطة أزعجت بعض القوى السياسية المحلية لأسباب لا ندركها». وقال كرامي في تصريح امس: «لم يكن وزير الداخلية مروان شربل متحفظاً في قول الحقائق تلميحاً وتصريحاً، فهو قال قبل الشروع في وضع الخطة وتنفيذ مرحلتها الأولى، ان ما يعرقل خطة طرابلس وجود غطاء سياسي للفلتان الأمني ولانتشار السلاح، وأن كل ما يتم الاتفاق عليه في الاجتماعات حول رفع الغطاء، لا يتم الالتزام به على الأرض، وهذا الكلام حقيقي وخطير، ويتطلب المزيد من المصارحة والمزيد من وضع الحقائق أمام الرأي العام». وشدد على ان «كل ما يحكى عن عدم توافر العديد اللازم من العناصر الأمنية لاستكمال المرحلتين الثانية والثالثة من خطة طرابلس، مرفوض وغير مقنع، ويكفي أن أسوق مثالاً واحداً وهو انه عندما توافر الغطاء السياسي الجدي لخطة الضاحية، تم فرز 2000 عنصر بين ليلة وضحاها، وهذا يعني أن المشكلة في مكان آخر، وليست في عدم توافر العناصر». وقال: «سمعت اخيراً أن الرئيس ميقاتي تخلى عن 50 عنصراً من العناصر الملحقة به كرئيس لمجلس الوزراء، لمصلحة خطة المدينة، بحيث أصبحنا بحاجة الى 450 عنصراً فقط من أصل 500، وأستغرب ذلك وأرى ان هذه البادرة الطيبة من الرئيس ميقاتي يتم استغلالها في غير محلها، والأفضل ألا يتبرع بعناصره، بل أن يصدر أوامره بتأمين 500 عنصر خلال ساعات». واستغرب «البدعة المستجدة التي نشهدها بين الآونة والأخرى، بحيث يتم قطع الطرق وتوتير الأجواء كلما قامت المؤسسات الأمنية بواجباتها وبالأعمال المنوطة بها، في حين أن البديهي هو أن نترك عمل الأمن للأمن، وأن ننتظر التحقيقات ونتائجها، وأن نعترض حين ينبغي الاعتراض لدى القضاء وتحت سقف القانون».