بعد ليال مؤلمة عاشها أهل شمال لبنان من جرّاء الحرب بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، لتصفية حسابات سورية بقيادة حزب «العربي الديموقراطي» الموالي للنظام السوري. ارخت اجراءات المجلس الاعلى للدفاع السرية، المتصلة بضبط الوضع الامني في طرابلس وتوجيهات رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان لجهة تأمين الغطاء الكامل للجيش والقوى الامنية لتنفيذ مهامها وضرورة تكليف الجيش بحفظ الامن في طرابلس وخضوع الجميع لتعليماته، بظلالها على الوضع الطرابلسي الذي شهد هدوءا نسبيا بعدما سلكت الخطة الامنية طريقها الى التنفيذ بانتشار واسع في جبل محسن وباب التبانة واقامة حواجز على مداخلهما ومخارجهما وبدأ الجيش المداهمات لتوقيف المخلين بالامن ومصادرة السلاح. وتوقعت مصادر وزارية ل»اليوم» ان «يتوسع شعاع المنطقة الامنية في وقت لاحق الى خارج منطقتي جبل محسن وباب التبانة ليلامس سائر الاحياء الممكن ان تشكل موئلا لأي تحرك مشبوه». في وقت أمضى الطرابلسيون أول ليلة خالية من دوي أصوات القذائف وأزيز الرصاص من مختلف العيارات، بعدما سيرت دوريات مؤللة وراجلة عند الخط الفاصل في شارع سوريا، وازالت منه الدشم والسواتر والمتاريس ومن الطريق الرئيسي الذي يربط طرابلس بعكار وعلى طول الخط الممتد بين الملولة وجبل محسن. وعلى الأثر، اختفت المظاهر المسلحة من الشوارع وبدأت الحياة تعود تدريجيا الى مدينة طرابلس، وحركة السير مقبولة جدا عن سائر الايام السابقة، ومعظم المحال والمؤسسات العامة والخاصة فتحت ابوابها كالمعتاد. الا ان المدارس والجامعات لم تفتح ابوابها بعد. والحاقا لبياناتها السابقة، وبعد وقوع اصابات بين المدنيين والعسكريين، اعلنت قيادة الجيش مديرية التوجيه في بيان انها قامت بتعزيز وحداتها في مدينة طرابلس اعتبارا من ليل الثلاثاء، تنفيذا لخطة امنية وضعتها هذه القيادة بناء على قرار المجلس الاعلى للدفاع لقمع المظاهر المسلحة واطلاق النار الجيش: سنتصدى بحزم للعابثين بالامن والحاقا لبياناتها السابقة، وبعد وقوع اصابات بين المدنيين والعسكريين، اعلنت قيادة الجيش مديرية التوجيه في بيان انها قامت بتعزيز وحداتها في مدينة طرابلس اعتبارا من ليل امس، تنفيذا لخطة امنية وضعتها هذه القيادة بناء على قرار المجلس الاعلى للدفاع لقمع المظاهر المسلحة واطلاق النار، حيث كثفت هذه الوحدات دورياتها الراجلة والمؤللة والحواجز الثابتة والمتحركة في الاحياء الداخلية لمنطقتي جبل محسن وباب التبانة، وعمليات ملاحقة المسلحين ودهم اماكن انتشارهم، وازالة الدشم والمتاريس وكل المظاهر المسلحة. وطلبت القيادة من المواطنين كافة ان «يتقيدوا بتعليمات القوى العسكرية، ومن جميع الافرقاء المتصلين بهذه الحوادث في شكل مباشر او غير مباشر ان يتبصروا دقة الوضع ويستشعروا مصلحة العاصمة الثانية طرابلس وأهلها». وشددت القيادة على ان «وحداتها المنتشرة ستتصدى بكل حزم وصرامة للعابثين بالامن الى اي جهة انتموا، وان تلاحقهم حتى توقيفهم وتسليمهم الى القضاء المختص». غصن: على القيادات نبذ الخطاب التحريضي وفي هذا الإطار، أكد وزير الدفاع اللبناني فايز غصن في تصريح تناول فيه الأوضاع الأمنية في منطقة الشمال، ان «الهدوء الذي بدأ يعود تدريجيا الى المنطقة جاء نتيجة الخطة الأمنية المحكمة التي بدأها الجيش اللبناني، والتي انهى في موجبها تمركزه في جبل محسن والمناطق التابعة له، وبسط السيطرة تماما على شارع سوريا الفاصل بين المنطقتين، مستتبعا ذلك بعمليات امنية لاستكمال الانتشار في باب التبانة وإنهاء كل المظاهر المسلحة». ونوّه «بالإرتياح العارم الذي تركته إجراءات الجيش اللبناني لدى اهالي المنطقتين»، محذرا من ان «هذا الإرتياح يقابله وجود بعض المستفيدين من استمرار الفوضى والتوتر، وهذا ما لن يسمح به على الإطلاق»، ومؤكدا ان «الجيش سيكون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه العبث بالأمن وإعادة اجواء التوتر التي قضت مضاجع اهل الشمال لأيام عدة، وجعلتهم يدفعون الثمن من ارواحهم وارزاقهم». وختم: «بدعوة القيادات السياسية الى ملاقاة الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني من خلال نبذ الخطاب التحريضي والفتنوي والعمل على تحييد لبنان عن اي توترات لا طائل منها، لأن من شأن اي توتر جرّ البلاد الى انتكاسات امنية خطيرة قد تودي بها الى ما لا تحمد عقباه». وفي هذا السياق، بحث الوزير غصن مع قائد الجيش العماد جان قهوجي في مكتبه، في الاجراءات والمهمات التي ينفّذها الجيش لضبط الامن والاستقرار، خصوصاً في مدينة طرابلس. شربل: لا يجوز بقاء الأمن متفلتاً في المدينة بدوره، اوضح وزير الداخلية والبلديات مروان شربل ان «الخطة الأمنية التي تنفذ اليوم في طرابلس هي غير كل الخطط التي كانت تنفذ في السابق»، مشيرا الى ان «هناك اجماعا شعبيا على دور الجيش وان هذا الوضع لا يمكن ان يتكرر ولا يجوز ان يبقى الوضع الأمني متفلتا في طرابلس». اعتصام مدني وإحتجاجا على اعمال العنف في طرابلس، نفّذ المجلس المدني لمدينة طرابلس اعتصاما امام سرايا عاصمة الشمال، وسط تدابير امنية مشددة. وفي المناسبة القيت كلمات نددت بما يجري في طرابلس، داعية الدولة الى حفظ الامن. الى ذلك، اعلنت لجنة اهالي الشهداء والمفقودين في طرابلس عن ارجاء التصعيد الذي كان مقررا الاربعاء المقبل نظرا للظروف الأمنية الصعبة ونظرا لتسلمهم 3 جثامين لأبنائهم من الذين قضوا في كمين تلكلخ وإفساحا للمساعي في استلام الجثامين الباقية دفعة واحدة والكشف عن مصير المفقودين الأحياء.