أُطلق في المقر العام للأمم المتحدة في نيويورك أمس، التقرير العربي للأهداف الإنمائية للألفية، والذي أعلنه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، والأمينة التنفيذية ل «إسكوا» رئيسة آلية التنسيق الإقليمية لمنظمات الأممالمتحدة العاملة في الدول العربية ريما خلف، والمديرة الإقليمية لمكتب الدول العربية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي رئيسة فريق الأممالمتحدة للتنمية الإقليمية للبلدان العربية سيما بحوث. ويأتي إعداد هذا التقرير استجابة لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة حول إجراء تقويم دوري للتقدّم المحقق في المنطقة العربية نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وأشار التقرير إلى أن المنطقة «لا تزال متأخرة في بعض الأهداف خصوصاً في مكافحة الجوع وتحقيق الأمن الغذائي، والحصول على المياه وتأمين خدمات الصرف الصحي المحسّن للمناطق الريفية». واعتبر أن «تزايد الفقر من أبرز مظاهر التعثر التي أصابت المنطقة نتيجة عدم الاستقرار السياسي والنزاعات التي تشهدها منذ العام 2010». واستبعد أن «تتمكن أقل البلدان نمواً من تحقيق معظم الأهداف في المهلة المحدّدة». أما بلدان مجلس التعاون فكانت «الأكثر تقدّماً في المجال الاقتصادي وحققت أهدافاً كثيرة»، لكنها «لا تزال تسجل فوارق كبيرة بين مناطقها وتشهد تأخراً في تحقيق المساواة لمصلحة المرأة». ولفت إلى أن بلدان المجلس «تواجه تحديات في إدارة الموارد الطبيعية بطرق مستدامة وهي تعتمد عليها بشدة». وعرض التقرير الإنجازات والثغرات، لافتاً إلى «تحقيق مكاسب مهمة في أهداف كثيرة لكن تقابلها ثغرات كبيرة أيضاً». ولاحظ أن «الحكم السليم هو الحلقة الأساسية المفقودة بين النمو المُحقق والتنمية المنشودة». وأشار إلى أن بعض البلدان العربية وبغض النظر عما شهدته المنطقة من اضطرابات اجتماعية أخيراً «هي من البلدان التي حققت أفضل أداء في أهداف كثيرة». بالنسبة إلى هدف الفقر المدقع، لفت التقرير إلى أن «عتبة الفقر المدقع في المنطقة بلغت 4.1 في المئة بحلول عام 2010، بعدما كانت 5.5 عام 1990». وأشار إلى أن الفقر المدقع «ربما يتجاوز اليوم المستوى الذي كان عليه عام 1990، إذ تشير التقديرات إلى 7.4 في المئة، ويبلغ الفقر المدقع أعلى معدل في أقل البلدان نمواً حيث وصل إلى 21.6 في المئة عام 2012، بعدما سجل 13.9 في المئة عام 1990». والمكاسب التي تحققت في الحد من الفقر في بعض البلدان «تبددت بسبب التحوّلات السياسية والنزاعات، ففي سورية «تسبب النزاع الذي اندلع أخيراً بإهدار عقد كامل من التقدّم، إذ تشير التقديرات إلى أن معدّل الفقر عاد وارتفع إلى 7.2 في المئة من 2012 حتى العام الجاري، بعدما كان 0.3 في المئة عام 2007». وأظهر التقرير أن «نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في المنطقة العربية هي أقل من النسب المسجلة في مناطق نامية أخرى، وباستثناء أوروبا وشرق آسيا، كانت الأدنى بين الأعوام 1990 و2010». ودلّت التقديرات على أن «ما يزيد على خُمس سكان المنطقة العربية هم من الفقراء. وأدى الإقصاء الناجم عن «عدم المساواة في الدخل وفي غير الدخل أيضاً إلى تقويض المكاسب الإنمائية في المنطقة»، لافتاً إلى أن «الخُمس الأشد فقراً في المنطقة يحظى بنسبة ضئيلة جداً من الدخل القومي، وتبلغ حصته 6.7 في المئة في مجموعة بلدان المغرب، و6.8 في المئة في أقل البلدان نمواً، و8.8 في المئة في مجموعة بلدان المشرق». في البطالة، آلت الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية في بعض البلدان العربية بظروف العمل إلى «مزيد من التدهور في المنطقة. وفي إنتاجية العمل وعلى رغم تحسنها فهي «لا تزال أقل كثيراً مما هي عليه في المناطق الأخرى باستثناء أميركا اللاتينية والكاريبي». وعن هدف خفض سوء التغذية، أعلن التقرير أن «نسبة الأشخاص الذين لا يستهلكون الحد الأدنى من السعرات الحرارية اللازمة للحفاظ على الطاقة الضرورية ارتفع من 13.9 في المئة عام 1991 إلى 15.3 في المئة في عام 2011، ما يعني أن عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية ارتفع من 30 مليون إلى أكثر من 50 مليوناً، بسبب النمو السريع في عدد السكان». وتطرح قضية سوء التغذية «مشكلة حقيقية في تسعة بلدان عربية تضم 40.4 مليون شخص يعانون من سوء التغذية». عن هدف إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية، لاحظ التقرير أن البلدان العربية «اتخذت خطوات مهمة نحو تحرير التجارة والتكامل الاقتصادي الإقليمي والاندماج في الاقتصاد العالمي». وتوقع أن «تزداد المساعدات الواردة إلى المنطقة العربية في الأعوام المقبلة على رغم الركود في البلدان المانحة». وفي معضلة الدين، فهو «يبلغ مستويات مثيرة للقلق في عدد من بلدان المشرق». وفي المتوسط، تُعتبر المنطقة العربية متأخرة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بنسبة 9.6 في المئة، وهذا المتوسط أفضل من متوسط التأخير لكل المناطق النامية وهو 13.3 في المئة». وأشار الى ان الموعد النهائي للأهداف الإنمائية للألفية لم يعد «بعيداً»، وبدأت المداولات العالمية والوطنية حول وضع إطار لخطة التنمية لما بعد عام 2015. وبالنسبة إلى المنطقة العربية، تتطلب عملية التنمية «إصلاح العقد الاجتماعي بما في ذلك إعادة تقويم النماذج الاقتصادية والاجتماعية والحكم». ويُنظر ب «تفاؤل حذر اليوم إلى الاتجاه الذي تسلكه المنطقة العربية». وأوصى التقرير ب «اعتبار إصلاح الحكم أحد المقاييس الأساسية للإنجاز التنموي، والسعي إلى بناء أنظمة تحترم حقوق الإنسان وتعزّز أسس الحكم الديموقراطي وسيادة القانون، ونصح البلدان العربية بأن تعيد النظر في سياسات الاقتصاد الكلي على هذا الأساس». وفي إطار التحضير لما بعد عام 2015، دعا الى بناء شراكات جديدة تضمّ الجهات المعنية بالتنمية الشاملة أي الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية».