عاش لبنان أمس على وقع التجاذب الإقليمي – الدولي حول الضربة العسكرية المحتملة لسورية بعد تأجيلها، فشهد تحركات من جهات حليفة للنظام السوري ضد التوجه الأميركي نحو تنفيذ الضربة، فيما استمرت الجهود البعيدة من الأضواء من أجل حلحلة الموقف من تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام وإنهاء الفراغ الحكومي المستمر منذ زهاء 5 أشهر. ولقيت مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الداعية لأن يرأس رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلوة لخمسة أيام لهيئة الحوار الوطني من أجل الاتفاق على شكل الحكومة العتيدة وبيانها الوزاري ودعم الجيش لإزالة فوضى السلاح في البقاع وطرابلس وقضايا أخرى، ردود فعل متباينة، فانتقدها بعض نواب «قوى 14 آذار» لأنها تغيِّب صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة في وضع التشكيلة الوزارية، فيما رحّب رئيس»الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط «بحرص بري الدائم على الحوار»، لكنه أكد أن «المطلوب عدم القفز فوق المؤسسات الدستورية». وفي المقابل، علمت «الحياة» من مصادر رسمية أن تحالف قوى 14 آذار أبدى ليونة في الساعات الماضية إزاء مبادرة الرئيس سليمان التي أطلقها السبت في 24 آب (أغسطس) الماضي بالدعوة الى حكومة جامعة. وأوضحت مصادر في 14 آذار أنها باتت مقتنعة بعد التفجيرات في الضاحية الجنوبية وطرابلس واحتمالات الضربة العسكرية على سورية وارتداداتها، بضرورة اللجوء الى حكومة سياسية بدل الحيادية والتكنوقراط لحماية البلد «الذي هو أولوية لنا»، وعلى أساس طرح سليمان باعتماد إعلان بعبدا أساساً لبيانها الوزاري، «لكن شكل هذه الحكومة هو ما يتطلب البحث لأن الشيطان يكمن في التفاصيل». ومع أن الأوساط الرسمية اعتبرت أن في موقف 14 آذار هذا موافقة على الحكومة الجامعة وبمشاركة «حزب الله»، فإن مصادر 14 آذار تريثت في إعلان موافقتها النهائية الرسمية، قبل التأكد من صيغة البيان الوزاري لأنها ترفض اعتماد معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» في برنامج الحكومة، الأمر الذي ما زال يصر عليه «حزب الله». وتراهن أوساط متابعة للاتصالات الجارية على نطاق ضيق أن يتم استنباط صيغة للبيان الوزاري تجمع بين الموقفين، تحت سقف «إدارة الاختلاف»، كي لا تتشكل الحكومة ثم يتعذر انطلاقها بفعل الخلاف على البيان. وزار بيروت أمس رئيس لجنة الأمن والشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي على رأس وفد، فالتقى بري وسلام، وقال إن «ضبط النفس الذي تحلى به حتى الآن الرئيس الأميركي باراك أوباما يخدم المصالح الأميركية وأمن الكيان الصهيوني، لأن أي خطأ في الحسابات يرتد سلباً على أوضاع المنطقة برمتها». وأمل أن «يفرمل الكونغرس الأميركي التوجهات العسكرية الأميركية ضد سورية». ودان استخدام الأسلحة الكيماوية. وتمنى بروجردي «أن تُزال العراقيل من أمام تشكيل الحكومة الجديدة وأن ترى النور على يد الرئيس سلام». وشدد على استقرار لبنان. وفيما بقي هاجس السيارات المفخخة والتفجيرات جاثماً على صدور اللبنانيين حيث يشهد كل يوم الاشتباه بسيارات من هذا النوع، تتواصل الاجتماعات الأمنية لاتخاذ التدابير اللازمة الاحترازية. وفي سياق متصل، أبقى القضاء العسكري اللبناني على رئيس مجلس قيادة «حركة التوحيد الإسلامي» الشيخ هاشم منقارة موقوفاً بملف «تفجيري طرابلس» بعدما ميَّز مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر قرار قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا بترك منقارة بسند إقامة، في ملف التحقيق بتفجيري طرابلس في 23 آب (أغسطس) الماضي. وكان منقارة مثُل أمس أمام أبو غيدا الذي استجوبه بحضور محاميه، كما استجوب الموقوف أحمد الغريب وأصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه وبحق الموقوف مصطفى حوري واستمهل الأخير استجوابه لتعيين محام عنه. ورفع القاضي أبو غيدا الملف الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، فقرر تمييز القرار أمام محكمة التمييز العسكرية التي تجتمع غداً للبتّ به، إما بالمصادقة على قرار الترك أو إبقاء منقارة موقوفاً بإصدارها مذكرة توقيف وجاهية بحقه وإحالة الملف مجدداً أمام أبو غيدا لمتابعة تحقيقاته. وأطلع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الرئيس سليمان على ملفات الموقوفين في حوادث التفجير وإطلاق الصواريخ لاتخاذ القرارات المناسبة في حقهم. من جهة أخرى، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على الموقوفَين اللبنانيين يوسف الفليطي ومحمد عبدالمولى الأطرش بجرم إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه فلسطينالمحتلة، الأمر الذي يمس بأمن الدولة، كما ادعى على ثالث فار من وجه العدالة، وأحالهم على قاضي التحقيق العسكري الأول. على خط موازٍ، قالت مصادر معنية بملف التحضيرات القانونية لبدء إجراءات التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، إنه بحلول 2 ايلول (سبتمبر) أمس، كان يجب أن تكون الدولة اللبنانية أنجزت وضع قانوني مربعات التنقيب وقانون الاستكشاف والإنتاج كي تتمكن وزارة الطاقة من مباشرة خطوات استدراج العروض وفضها بعد شهرين، لكن هذين القانونين لم تتم إحالتهما من قبل الحكومة المستقيلة، التي طلب وزير الطاقة جبران باسيل اجتماعها لهذا الغرض. وقالت مصادر رسمية إن المشاورات بين الرئيس سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس بري والنائب جنبلاط أفضت الى تفضيل عدم تولي الحكومة المستقيلة متابعة هذا الملف في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة.