لاحظ متابعون للملف الأمني في الجزائر أن الجيش ينفّذ منذ فترة خطة لقطع خطوط الاتصال بين قيادة «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» في مناطق الوسط شرق العاصمة الجزائرية، وبين فروع التنظيم في الصحراء وبقية المناطق الجزائرية.وأكد مصدر مطلع أن الجيش نجح إلى حد كبير في عرقلة الاتصالات بين «الجماعات الإرهابية» التي ما زالت تنشط في مناطق ولايتي الجلفة وبسكرة في جنوب البلاد وعناصر ما يُعرف ب «كتيبة طارق بن زياد» في الصحراء، من جهة، وبين قيادة «القاعدة» في الوسط. كذلك يحاول الجيش منع الاتصال بين مسلحي التنظيم في الغرب والشرق وبين قيادة التنظيم. ويعتمد المخطط الأمني على عزل المنطقتين الشمالية والجنوبية وتكثيف وجود قوات الجيش والدرك في مناطق تُمثّل حلقة الاتصال بين قيادة «القاعدة» وأتباعها في الساحل والصحراء. والظاهر أن الهدف هو عزل فروع «القاعدة» عن بعضها تمهيداً لتفكيكها إلى وحدات صغيرة حيث يسهل تصفيتها في ما بعد. وأكدت معلومات أمنية أن الجنوب بات «رئة» فرع «القاعدة» المغاربي التي يتنفس منها، مثل شحنات السلاح والمراسلين والمتطوعين الذين يأتون في الغالب من دول الساحل الافريقي وبالتحديد من موريتانيا. وفي الإطار ذاته، قتلت قوات الأمن الجزائرية أمس، مسلحين إثنين في منطقة غابية في بومرداس (50 كلم شرق العاصمة) وقتلت ثالثاً في ولاية الشلف (200 كلم غرب العاصمة). وجاء قتل الثلاثة الذين يُشتبه في انتمائهم إلى «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، في وقت ترددت أنباء عن توقيف ثلاثة من العناصر التي وُصفت بأنها «خطيرة» خلال الأسبوع الماضي في حي الحراش الشعبي في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية. وقالت مصادر أمنية إن فرقة خاصة نفّذت عملية في منطقة قريبة من شعبة العامر شرق عاصمة ولاية بومرداس، بناء على معلومات مسبقة عن مجموعة مسلحة يُعتقد أنها تضم مرشحين لتنفيذ «عمليات إنتحارية». ووصفت تقارير العمليات التي نفذتها أجهزة الأمن خلال آب (أغسطس) الماضي بأنها كانت «ناجحة». إلا أن ثمة من يعتقد في الجزائر بأن «تراجع» نشاط «القاعدة» خلال الأسابيع الماضية كان «متعمداً» للظهور في هجمات أكبر لاحقاً. وقتلت قوات الجيش في مطاردة في جبال الشلف (غرب العاصمة) مسلحاً كان ضمن مجموعة يُعتقد أنها تحاول الربط بين منطقتي الوسط والغرب في «القاعدة». وترجح قيادات أمنية في الوقت الراهن أن «القاعدة» غيّرت من أسلوبها الموروث عن «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» والذي يقسّم الجزائر إلى تسع مناطق، بحيث تقلّصت المناطق إلى أربع فقط. في غضون ذلك، أشارت مصادر أمنية في العاصمة إلى توقيف ثلاثة مسلحين ينتمون إلى سرية في العاصمة تتبع ل «القاعدة». وكشفت المصادر أنه عُثر على وثائق تؤكد أن «القاعدة» تسعى إلى تشكيل سرية جديدة تستخلف سرية فاتح بودربالة (أبو بصير) المعتقل حالياً، وربما «إجراء اتصالات مع ناشطين سلفيين بهدف دمجهم في النشاط الإرهابي». وترددت أنباء عن أن الموقوفين ينحدرون من برج بوعريريج، ومن حيي باش جراح والحراش الشعبيين الواقعين جنوب العاصمة وشرقها. وقال مرجع جزائري إن بين الموقوفين المدعو «أبو إسحق» الذي يُوصف بأنه «مسؤول التنسيق» بين الجماعات المسلحة لمنطقة الوسط وبين كتيبة السنّة في تلمسان. وأوضح أن «أبو إسحق» كان طالباً في جامعة العلوم الإسلامية في الخروبة في العاصمة. وأُجريت التوقيفات على أساس معلومات من عناصر مسلحة قُبض عليها قبل شهور خلال عملية تدخل في إطار مكافحة الإرهاب.