اكتشفت مديرة فرقة «لا كوميدي فرانسيز» الوطنية موريال ماييت، الممثلة الفرنسية أدلين ديرمي (26 سنة) حين كانت تؤدي فقرة درامية من إحدى مسرحيات الروسي أنتون تشيخوف فوق خشبة معهد كونسرفاتوار الفنون المسرحية في باريس. وقد أعجبت بموهبتها الفذة وأسلوبها البريء والبسيط في إيصال مشاعرها إلى المشاهد، وعرضت عليها بالتالي خوض تجربة المشاركة في مسرحية من إخراج ماييت شخصياً في مسرح «لا كوميدي فرانسيز». وتعترف ديرمي بأن هذا العرض وقع عليها مثل الصاعقة ولم تكن تتوقعه، إذ كانت تنوي البحث عن وكيل أعمال فني يوجهها إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية وربما مسرحية، ولكن ليس في إطار الفرق الكبيرة، خصوصاً الفرقة الوطنية الفرنسية العريقة. هكذا، لمعت ديرمي في عمل كلاسيكي فوق خشبة أفخم مسرح باريسي، وكعضو في فرقة بارزة على مستوى العالم، بما أن المديرة ماييت عرضت عليها الانضمام الرسمي إلى الفرقة وليس المشاركة في أحد عروضها كضيفة فحسب. وعلى رغم حداثة سنها، وبداية مشوارها الفني، عرفت ديرمي كيف تخرج من تأثير الصاعقة التي وقعت عليها وفق تعبيرها، وتفرض على المسؤولة عن الفرقة بعض الشروط قبل أن توقع عقد الانضمام إلى «لا كوميدي فرانسيز»، وأهم شرط تلخص في تمتعها بحرية قبول أي عمل خارجي يثير اهتمامها في السينما أو التلفزيون أو في المسرح، فهي كانت قد سمعت عشرات المرات حكاية أعضاء الفرقة الوطنية الذين لا يقدرون على ممارسة أي نشاط فني خارج إطار الفرقة. والطريف أن تكون موريال ماييت وافقت فوراً على هذا الشرط ولم تعترض عليه بأي شكل، ما دامت الأعمال الأخرى التي تظهر فيها ديرمي تتميز بنوعية متفوقة ولا تسيء إلى سمعة صاحبتها وبالتالي الفرقة الوطنية. موظفون حكوميون تسلقت ديرمي سلم الشهرة بسرعة البرق بينما يمضي بعض أفراد «لا كوميدي فرانسيز» حياتهم في خدمة الفرقة من دون أن يعرفهم الجمهور العريض، وإن كانوا من أصحاب المواهب الفذة. فحالهم حال الموظفين الحكوميين، يؤدون عملهم لا أكثر ولا أقل ويخدمون النصوص التي يؤدونها بإخلاص كبير ولكن بلا نجومية من أي نوع، على عكس ديرمي التي لفتت أنظار الإعلام من ناحية، وفئة من أكبر المخرجين المسرحيين، فاستغلت حقها في العمل خارج الفرقة الوطنية ووقفت فوق خشبة مسرح «لا كولين» المرموق مؤدية أحد أهم أدوار مسرحية «سولنيس الباني» للمؤلف النروجي الراحل هنريك إيبسن، غير ظهورها في أفلام للسينما ومسلسلات للشاشة الصغيرة جعلتها بدورها محط الأنظار لتميزها بملامح جذابة ناعمة. وترغب ديرمي في المشاركة في إحدى المسرحيات المقتبسة عن نصوص أدبية عربية بين تلك التي ترغب موريال ماييت في تقديمها قريباً فوق خشبة «لا كوميدي فرانسيز»، إثر الرواج الذي لاقته في الموسم الفائت مسرحية «طقوس التحولات والإشارات» من تأليف السوري الراحل سعدالله ونوس والتي شكلت أول تجربة للفرقة الوطنية الفرنسية مع نص مسرحي عربي مترجَم. وتفسر ديرمي أمنيتها بكون التجديد أفضل ما يمكن أن يحدث لفرقة «لا كوميدي فرانسيز»، وبأن الانفتاح على الثقافات والفنون الأجنبية ومنها العربية، سيكون له أثر إيجابي على مستقبل الفرقة.