تمر فرقة «لا كوميدي فرانسيز» المسرحية الوطنية التي يعود تأسيسها إلى القرن السابع عشر، بفترة حساسة من تاريخها حالياً إثر قيام مديرتها موريال ماييت بتطوير جذري عبر تعيين نجوم يعملون في حقل السينما أكثر من المسرح، لتولي الأدوار الرئيسة في الأعمال التي تقدمها الفرقة، بينما يؤدي سائر أفرادها الأدوار الأخرى. وهذا سابقة لم تحدث في الماضي، إذ اشتهرت هذه المؤسسة بنوعية المسرحيات التي تطرحها على الجمهور وبالمستوى الرفيع جداً في الإخراج والأداء من دون أن تكون أسماء الذين يشاركون في هذه المسرحيات معروفة سوى من المعتادين حضورها في شكل ملتزم. وتسبب التطور المذكور، في إثارة البلبلة في قلب الفرقة خصوصاً أن القانون الداخلي لها ينص على عدم السماح للممثلين الأعضاء بالمشاركة في أعمال فنية مسرحية كانت أم سينمائية أو تلفزيونية إلا بعد الحصول على تصريح خاص يسلم بطريقة استثنائية ولعمل واحد فقط. وما يحدث الآن هو العكس تماماً، بمعنى أن نجوماً يعملون في السينما والتلفزيون باتوا يشاركون استثنائياً في مسرحية تقدمها «لا كوميدي فرانسيز». ورداً على الاتهامات الموجهة ضدها صرحت موريال ماييت أن نسبة بيع التذاكر صارت تضرب الأرقام القياسية منذ أن بدأ نجوم الشاشة الكبيرة يتولون بطولة مسرحيات الفرقة، وأن العنصر التجاري حتى بالنسبة إلى مؤسسة وطنية، لا بد أن يؤخذ في الحسبان. وأضافت أنها تحرص دوماً على ألا يحتل اسم النجم المشارك في مسرحية ما مكانة أعلى من الأسماء الأخرى فوق اللافتات الدعائية، مثلما يقف الفنان المشهور في الصف مع زملائه في لحظة تحية الجمهور في ختام العروض ولا يحيي وحده مثلما يحدث في مسارح القطاع الخاص بالمرة. موظفون حكوميون وبين القرارات الجديدة التي اتخذتها ماييت، تحويل بعض النصوص المسرحية الكلاسيكية المقدمة فوق خشبة «لا كوميدي فرانسيز» إلى سيناريوات للتلفزيون تصور داخل المبنى العريق الذي تحتله الفرقة ويتولى بطولتها أفراد تلك الأخيرة حتى من غير المشهورين، ما قد يسمح بتحويلهم إلى نجوم. ولم تلق هذه المبادرة رد فعل إيجابياً من قبل ممثلي الفرقة بل على العكس اعتبروها مهينة لكيانهم كفنانين في خدمة أحد أعرق المسارح العالمية. وهناك نقطة أخرى تثير القيل والقال في نقابات الفنانين المسرحيين خصوصاً الممثلين، وهي تخص الأجر الذي يحصل عليه النجم السينمائي لقاء مشاركته في مسرحية تقدمها «لا كوميدي فرانسيز» والذي لا علاقة له بطبيعة الحال بمثيله لدى أفراد الفرقة الآخرين الذين يعاملون مثل موظفين حكوميين. وفي إطار اهتمامها البالغ بترويج «لا كوميدي فرانسيز» قررت موريال ماييت تنظيم مناسبة ضخمة وهي حفلة موسيقية تنكرية مساء الخميس المقبل في ساحة «كوليت» الجميلة التي تواجه مبنى المسرح، وحضور فرقة أوركسترا ضخمة وضيوف من الأوساط الفنية والأدبية ومن عالم الموضة والسياسية، مقلدة في ذلك السهرة السنوية التي يقيمها مسرح «أوبرا متروبوليتان» في نيويورك تحت إشراف آنا وينتور مديرة مجلة «فوغ» المرموقة. هكذا تتغير الأوضاع في قلب فرقة مسرحية اعتادت العيش منذ أربعة قرون على نمط واحد وصارم لم يقبل التقلبات، وعبرت موريال ماييت عن عدم شعورها بأي قلق تجاه رد الفعل الذي تواجهه معتبرة إياه أكثر من طبيعي حاله حال ما يحدث عند نشوب أي ثورة في العالم بصرف النظر عن المجال الذي يشهدها، مضيفة أن العكس هو الذي كان قد أثار تعجبها.