أسدل الستار على الدور الأول من كأس القارات، المقامة في البرازيل حتى 30 الجاري، من دون أي مفاجآت مع الكثير من الإثارة، وأنتج في النهاية مواجهتين تقليديتين في نصف النهائي، تجمعان إسبانيا بإيطاليا من جهة، والبرازيل بالأوروغواي من جهة أخرى. وجاء الترتيب النهائي للمجموعتين على قدر التوقعات التي سبقت انطلاق البطولة، إذ تأهلت المنتخبات المرشحة، وأقصيت الأقل إمكاناً، وهي المكسيكواليابان ونيجيريا وبالطبع تاهيتي المشاركة للمرة الأولى. وكانت المباراة التي فازت بها الأوروغواي على نيجيريا (2-1) في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثانية الأكثر تقارباً من حيث الأداء أو النتيجة. ومن المؤكد أن العنوان العريض للدور الأول كان غزارة الأهداف، إذ سجل 58 هدفاً في 12 مباراة، أي بمعدل استثنائي نسبته 4.8 في المباراة الواحدة، وهو المعدل الأعلى على الإطلاق في الدور الأول من النسخات السبع التي أقيمت حتى الآن بالصيغة الحديثة أي برعاية الاتحاد الدولي «فيفا». كما أنها المرة الأولى التي ينتهي فيها الدور الأول من دون أي تعادل سلبي. وكان لوجود هواة تاهيتي دور أساسي في هذه الغلة الوفيرة من الأهداف، وذلك بعدما تلقوا في مباراتهم الأولى أمام نيجيريا 6 أهداف، وفي الثانية أمام إسبانيا 10 أهداف وفي الثالثة الأخيرة أمام الأوروغواي 8 أهداف، فودعوا البطولة، واهتزت شباكه في 24 مناسبة خلال ثلاث مباريات. وأهدى المنتخب التاهيتي، بطل أوقيانا، نظيره الإسباني رقماً قياسياً، سيبقى صامداً لفترة طويلة، إذ لم يسبق لأي منتخب أن فاز بفارق 10 أهداف في بطولة ينظمها ال«فيفا» (للمنتخبات الأولى)، كما نجح «لا فوريا روخا» في معادلة الرقم القياسي لأكبر عدد أهداف في مباراة واحدة (الرقم الآخر 10-1 حققت المجر على السلفادور في مونديال 1982). كما كان الاستعراض والإثارة على الموعد في الدور الأول، وتجلى ذلك أولاً في نصف الساعة الأولى من لقاء إسبانيا والأوروغواي (2-1) في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثانية، إذ قدم «لا فوريا روخا» أداءً رائعاً بفضل التمريرات المتتالية، ومن اللمسة الأولى، وهدد مرمى منافسه بفرصة على الأقل في كل 5 دقائق، كما سجل هدفيه في هذه الفترة عبر بدرو رودريغيز وروبرتو سولدادو. وشهدت المجموعة الأولى أيضاً مباراتين مثيرتين للغاية، كانت إيطاليا «الدفاعية» تاريخياً طرفاً فيهما، الأولى في الجولة الثانية أمام اليابان، إذ تخلف «الأزوري» (صفر-2) ثم تقدم (3-2) قبل التعادل (3-3) ثم الفوز في الوقت القاتل (4-3) في لقاء حصل خلاله على ركلة جزاء، وعلى هدف هدية من مدافع ياباني. أما الثانية، فكانت في الموقعة الكلاسيكية مع البرازيل المضيفة في الجولة الأخيرة إذ كان التنافس بين الطرفين على الصدارة بعد أن حسما تأهلهما، ما جعلهما يخوضان اللقاء بتحرر من دون حسابات كثيرة، وهو ما أسفر في النهاية عن 6 أهداف، بينها ركلة حرة رائعة لنيمار الذي ارتقى في هذه البطولة، حتى الآن إلى مستوى الآمال المعقودة عليه، خصوصاً بعد انتقاله إلى برشلونة الإسباني في مقابل 57 مليون يورو. وبدا نيمار قادراً على التعامل مع الضغط، على رغم أن نجم سانتوس السابق لم يتجاوز ال21 من عمره، وهو أظهر أنه قادر على تحمل المسؤولية الناجمة عن ارتدائه الرقم 10 الأسطوري في «سيليساو»، واختير أفضل لاعب في المباريات الثلاث التي خاضها في الدور الأول، كما سجل هدفاً في كل من المباريات الثلاث بأسلوب رائع، وهو ما دفع مدربه لويز فيليبي سكولاري لوصفه ب«النابغة». وفي الجهة الإيطالية، كان ماريو بالوتيلي على الموعد بتسجيله هدفين بالأداء الرجولي الذي قدمه، وهو ما سيجعل غيابه عن مباراة نصف النهائي ضد إسبانيا خسارة كبيرة لمنتخب تشيزاري برانديلي الذي يعول على عودة النجم الآخر اندريا بيرلو بعد غيابه عن لقاء البرازيل، بسبب الإصابة. من الناحية التهديفية، تألق مهاجم تشلسي الإنكليزي فرناندو توريس بتسجيله 5 أهداف للمنتخب الإسباني، بينها 4 في مرمى تاهيتي التي برز أمامها أيضاً ابل هرنانديز بتسجيله رباعية للأوروغواي. ولم ينحصر التألق بالشبان، فهناك لاعبان احتفلا على أكمل وجه بخوض المباراة الدولية رقم 100 في مسيرتهما، وهما بيرلو الذي سجل في مباراته الاحتفالية هدفاً رائعاً من ركلة حرة أمام المكسيك (2-1) على ملعب «ماراكانا» الأسطوري، ودييغو فورلان الذي احتفل بمئويته بتمريره كرة الهدف الأول أمام نيجيريا (2-1) وتسجيله هدف الفوز المصيري.