لم يعد هناك فارق عند السوريين، كيف تكون طبيعة الموت أو طعمه أو متى يحين موعده. «الموت واحد» بالنسبة إليهم بحثاً عن الحرية والكرامة، مهما بلغ حجم الجرائم والمذابح الجماعية التي ينفّذها نظام الأسد. منذ أسبوع لا صوت يعلو في الصحافة الغربية تحديداً سوى الحديث عن الأدلة المتزايدة على استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين. تنسى الحكومات الغربية ومعها العربية أن «جرائم حرب» تُرتكب ضد الشعب السوري منذ اندلاع ثورته ولا يزال يُقتل ويُنكّل به فيما المجتمع الدولي يغط في صمته وسباته! النظام السوري مجرم ولا يفرق بين ما هو محرم وغير محرم، فقد ارتكب مجازر جماعية عدة لم توفّر طفلاً ولا كهلاً ولا امرأة، حتى وصل عدد القتلى اليوم إلى أكثر من 65 ألفاً، في ظل «موت» الضمير العالمي. يهمني هنا التذكير بأنه في الوقت الذي تتزايد المطالب الدولية بتجريم نظام بشار الأسد وتسريع الحل والتدخل الدولي ولو عسكرياً لوقف شلال الدم ومساعدة السوريين لإسقاط نظام مجرم، لم يترك جريمة لم يرتكبها مستخدماً الدبابات والطائرات والأسلحة الكيماوية، هناك من يشاركه في ممارساته وهو «حزب الله» اللبناني. تورّط حسن نصرالله في حرب ضد السوريين، ما سينعكس على وجوده وسلاحه وعلى بلاده مستقبلاً بعد أن ورّط حزبه وشوّهه عربياً وإسلامياً وقلب صورته! ينفّذ «حزب الله» تعليمات «الولي الفقيه»، ويخوض حروباً بالوكالة عن إيران وحكومة الأسد باعتبارها «مقدسة وإلهية»، ما دعا عدداً من عقلاء وعلماء الشيعة إلى التعبير عن مخاوفهم من فتنة سنية - شيعية، إذ حذّر العلامة اللبناني الشيعي السيد علي الأمين مرات عدة من تورط «حزب الله» في سورية، معتبراً سياسة «النأي بالنفس» التي يعتمدها لبنان، قولاً لا فعلاً، هي سياسة دفن النعامة لرأسها في الرمال. موضحاً أن هناك لبنانيين يذهبون للقتال في سورية ويُقتلون فيها، وهي أحياناً تفاوض على استرجاع جثثهم، لكنها لا تقوم بأي عمل يمنع من المشاركة، ولا تحاسب الجهات التي ترسلهم إلى ساحات القتال، وهذا ما ستكون له ارتدادات خطرة على الساحة اللبنانية. كما كشف الأمين العام السابق ل«حزب الله» صبحي الطفيلي أن عدد قتلى عناصر الحزب في سورية تجاوز ال138، مطالباً بعدم السماح بإرسال أسلحة أو مقاتلين إلى سورية، وعدم السماح بإقامة قواعد تدريب داخل لبنان. موضحاً خلال حديث الى قناة «المستقبل» اللبنانية، أن عناصر الحزب تقاتل في سورية دفاعاً عن نظام الأسد، وفق قرار إيراني. من جانبه، أعلن المرجع اللبناني الشيعي هاني فحص عن رفضه دخول «حزب الله» على خط الأزمة في سورية، داعياً في حوار مع «السياسة» الكويتية أخيراً، إلى إدخال أي جهد لمساعدة الشعب السوري في إسقاط نظامه الفاسد وإقامة دولة ديموقراطية حديثة تتسع لكل السوريين. لا يخجل نصرالله من الدفاع والمنافحة عن النظام في دمشق، على رغم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وآخرها استخدام الأسلحة الكيماوية، لذلك اعترض بعض السوريين على رسالة معاذ الخطيب إلى حسن نصرالله، حتى وإن حاول مخاطبة الإنسان فيه، لأنه يخاطب شخصاً ولغ في دماء السوريين، ودفع بعناصر حزبه إلى ذبحهم. يتساءل السوريون كيف خاطب الخطيب نصرالله، وعناصر حزبه شركاء في المجزرة الأخيرة في «جديدة الفضل» وقتلاها من الأطفال تبولوا على أنفسهم جراء الخوف من بطش نظام مجرم بغيض! تتهم المعارضة السورية «حزب الله» وإيران بالتورط في قتل السوريين وفق براهين عدة، ما دعا المتظاهرين في مدن سورية عدة إلى إحراق أعلام «حزب الله» وصور زعيمه نصرالله، معتبرة الحزب شريكاً في الجريمة بدفاعه عن النظام الأسدي لأنه إحدى أدوات إيران الاستراتيجية في المنطقة، ولكون سقوطه يعني انحسار النفوذ الفارسي في المنطقة، وتلاشي الدور المنوط بميليشيا «حزب الله». ومع تزايد الجدل سخونة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل قوات الأسد ومن يشاركها، يثبت أن إدارة أوباما ضعيفة ومتذبذبة وغير قادرة على تجاوز الروس واتخاذ قرار تاريخي، ينتصر للإنسانية. لذلك سيبقى طعم الموت واحداً عند السوريين حتى النصر ومحاكمة القتلة من نظام الأسد و«حزب الله»، وكأن الثوار يرددون أبيات المتنبي: إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ