في مشهد رياضي غير مسبوق، تجلّى جمهور نادي الاتحاد بوصفه ظاهرة استثنائية تجاوزت حدود التشجيع إلى صناعة المجد، وتخطت مفهوم الحضور إلى أن أصبحت قوة دافعة لتحولات الرياضة السعودية الحديثة، حيث تحوّل مدرج الاتحاد إلى كيان نابض، لا يهدأ، لا يمل، ولا يعرف للرتابة مكاناً، حتى بات يتحدى نفسه، ويتفوق على ذاته، ويكسر أرقامه واحدًا تلو الآخر. وعبر تاريخ الدوري السعودي، احتكرت جماهير الاتحاد المراتب الخمس الأولى لأعلى حضور جماهيري عبر المواسم، في مشهد يُترجم شغفًا فريدًا لا تحكمه النتائج ولا تؤثر فيه التقلبات: المركز الأول: موسم 2023 – 606,801 مشجع المركز الثاني: موسم 2015 – 550,822 مشجع المركز الثالث: موسم 2019 – 502,230 مشجع المركز الرابع: موسم 2025 – 496,350 مشجع المركز الخامس: موسم 2022 – 466,283 مشجع وهذا الحضور المتواصل والكثيف لم يكن مجرد رقم يتباهى به الاتحاديون، بل هو مؤشر حيوي على عمق الولاء الاتحادي وتجذره في الوعي الشعبي الرياضي، وهو ما جعل مدرجات العميد أيقونة لا تُضاهى في تاريخ الكرة السعودية، و هنا، في مدرجات الذهب، لا تُقاس العظمة بنتيجة مباراة، بل بقصة ولاءٍ لا تُروى إلا بلغة الاتحاد. جماهير الاتحاد.. الثروة الحقيقية وفي خضم التحولات التي تشهدها المملكة ضمن إطار رؤية السعودية 2030، تُعد الجماهير أحد الأعمدة الرئيسية لدفع عجلة الاستثمار الرياضي، وتشكل جزءاً جوهرياً من استراتيجية تعظيم المداخيل وتعزيز استدامة القطاع الرياضي.ك، فجمهور الاتحاد، بما يمثله من قاعدة جماهيرية واسعة وولاء غير مشروط، يشكل ثروة معنوية واقتصادية ينبغي التعامل معها كأصل استثماري لا يقل أهمية عن العقود والرعايات. ومن الطبيعي أن ينعكس الحضور الجماهيري بهذا الحجم مباشرة على عوائد التذاكر، حقوق البث، التسويق، والرعاية، كما يُغري المستثمرين من مختلف القطاعات للدخول في شراكات طويلة الأمد، إيماناً بأن المدرج الاتحادي ليس مجرد مكان للفرجة، بل منصة ترويجية فاعلة تحمل نبض الشارع الرياضي. صندوق الاستثمارات.. بين الولاء والالتزام ومع امتلاك صندوق الاستثمارات العامة لنادي الاتحاد، تبرز الحاجة الملحّة إلى مواءمة هذا الزخم الجماهيري مع أداء فني يوازي حجم الدعم والمكانة، حيث أنّ جمهورًا بهذا الحجم لا يرضى إلا برؤية ناديه منافساً على أعلى المستويات، قارياً ودولياً، ولا يقبل إلا أن يكون الاتحاد واجهة مشرّفة للكرة السعودية على مختلف المنصات، وعليه، فإن المسؤولية اليوم تتجاوز دعم الفريق محلياً، لتتجه نحو تدعيمه بمنظومة متكاملة فنياً وإدارياً وتقنياً، تعيد العميد إلى المكان الذي يليق به، وتترجم طموح مدرجاته التي لم تنفك يومًا عن الحلم والانتظار. ولا يمكن إنكار أنّ ما يقدمه جمهور الاتحاد ليس مجرد وفاء، بل حالة متفردة من الانتماء تتحدى المفاهيم الكلاسيكية للتشجيع الرياضي، فهو جمهور لا يحتاج إلى خصم ليرفع رايته، يكفيه أن ينظر إلى الوراء، فيُقرر أن يكسر رقمه، ويتفوق على ذاته، ويصنع مجده بأيديه، وفي زمن باتت فيه كرة القدم أداة من أدوات القوة الناعمة والدبلوماسية الاقتصادية، أثبت جمهور الاتحاد أنه ليس فقط رقماً أول، بل أول الأرقام في كل حسابات النجاح والجدوى.