حضت روسيا القيادة السورية على إعلان استعدادها ل «حوار جدي» مع المعارضة، ووجهت دعوة إلى قيادة «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية» لإجراء محادثات مع روسيا. وقال ديبلوماسي روسي ل «الحياة»، إن دمشق تعتزم إطلاق مبادرة رداً على عرض المبعوث الدولي-العربي الأخضر الإبراهيمي تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحية. وقال الديبلوماسي، الذي اطلع على محادثات مكثفة شهدتها العاصمة الروسية خلال اليومين الماضيين، إن المبادرة «تشتمل على دعوة واسعة لحوار وطني قد يديره نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ويستهدف تحديد آليات لتشكيل الحكومة الانتقالية والوصول إلى انتخابات بعد تهدئة الموقف الميداني ووقف إطلاق النار». ووفق المصدر، أبلغ نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي أجرى محادثات الخميس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، موسكو أن القيادة السورية «لديها تحفظات على اقتراح الإبراهيمي» وأوضح أن بلاده تعتزم الرد على الاقتراحات قريباً، عبر إعلان مبادرة لحوار موسع يحضره كل الأطراف. لكن الديبلوماسي الروسي أشار إلى أن «موسكو ليست واثقة من وجود أرضية واقعية لإنجاح حوار من هذا النوع». وكان لافروف حض أمس، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره المصري محمد عمرو، السلطات السورية على إبداء استعداد جدي للحوار مع المعارضة، وقال إن موسكو «أكدت في كل محادثاتها مع القيادة السورية على ضرورة تحويل الكلام المُعلن عن الاستعداد للحوار إلى ممارسة ملموسة». وزاد أنه دعا الجانب السوري خلال المحادثات مع المقداد إلى طرح خطوات محددة للحوار مع المعارضة، مشيراً إلى أن «القيادة السورية منفتحة للبحث في مختلف المبادرات في إطار بيان جنيف». ووجه لافروف في الوقت ذاته، دعوة إلى المعارضة السورية بأن «تبحث عن سبل الحوار بدلاً من التركيز على هدف إسقاط النظام قبل أي حوار». وقال لافروف: «أظن أن التقدير الواقعي والموضوعي للوضع داخل سورية لا بد أن يدفع المعارضين إلى البحث عن سبل لبدء الحوار السياسي». وأوضح أن بلاده «ناقشت هذا الوضع مع الشركاء الغربيين، بما في ذلك الطرف الأميركي، وناقشناه اليوم مع وزير الخارجية المصري»، وأشاد بموقف مصر «التي استضافت المعارضة (السورية) وتحضهم على العملية السياسية والحوار السياسي». وفي تأكيد على رفض موسكو إدراج مسألة مصير الرئيس السوري بشار الأسد في الحوارات الدولية الجارية حالياً، قال لافروف إن روسيا ترى أنه من الضروري أن يقرر الشعب السوري بنفسه مصير رئيس الجمهورية، و «يجب ألا يقوم المجتمع الدولي بتحريض هذا الطرف أو ذاك على مواصلة إراقة الدماء، وألا يضع شروطاً مسبقة». وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أعلن أن بلاده وجهت دعوة إلى رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب، ليلتقي ممثليها في موسكو أو جنيف أو القاهرة. وتُعد هذه أول دعوة رسمية توجهها موسكو إلى «الائتلاف» بعدما حصل على اعتراف من جانب نحو 130 بلداً. لكن لافروف أعرب عن خيبة أمل موسكو بسبب بيان «الائتلاف» الذي اشترط رحيل النظام لبدء الحوار، مشيراً إلى أن موسكو مستعدة لإجراء محادثات مع الخطيب. وقال الوزير المصري إن بلاده اتخذت موقفاً واضحاً منذ بداية الأزمة يقوم على رفض التدخل العسكري الأجنبي، لكنه زاد أن إرادة الشعب السوري يجب أن تحترم. تغيير محكوم وأضاف: «نعتقد أن التغيير في سورية، وهو قادم من دون شك، يجب أن يكون تغييراً محكوماً يحافظ على وحدة سورية وعلى النسيج المتعدد لكل أطياف الشعب السوري». موضحاً ان «النظام السوري يستخدم العنف الشديد والأسلحة الثقيلة ضد المدنيين، ولا بد من عملية انتقالية في سورية تضمن حكماً ديموقراطياً يحفظ وحدة البلاد، معتبراً أنه «لا مكان لنظام الأسد في سورية الجديدة». وتحدث الوزير المصري إلى صحافيين عما وصفه «رؤية مصر للحل» وهي تقوم على ضرورة «تشكيل حكومة انتقالية يمكن أن يرأسها (نائب الرئيس السوري) فاروق الشرع الذي يحظى بتأييد مقبول وتضم عدداً من الشخصيات (تكنوقراط) مع ممثلي المعارضة» ومهمتها فتح باب حوار شامل وتهيئة البلاد لانتخابات. في غضون ذلك، تستعد موسكو لإجراء محادثات اليوم مع الإبراهيمي الذي ينتظر أن يطلع لافروف على تفاصيل عرضه لتشكيل حكومة انتقالية «كاملة الصلاحيات». وكانت موسكو قالت أنها ستُعلن موقفها من عرض الإبراهيمي بعد المحادثات. لكن نائب الوزير الروسي ميخائيل بوغدانوف أشار أمس، إلى أن «خطة الإبراهيمي» ستغدو محوراً لمناقشات جديدة يعقدها الروس مع الأميركيين بحضوره. وقال إن «القرار النهائي في شأن ترتيب لقاء جديد على مستوى نائبي وزيري الخارجية مع الإبراهيمي سيُحدد بعد زيارة الإبراهيمي لكن المتوقع أن يتم مباشرة بعد عطلة عيد رأس السنة».