يبدو أن عودة «العالمي» إلى منصات التتويج وذكريات الزمن الجميل باتت مسألة وقت لا أكثر، فمن شاهد روعة الأداء وتميز العطاء وحماسة اللاعبين ومنهجية المدرب كارينيو في النزالات الكروية الأخيرة، يدرك تماماً بأن في الكيان الأصفر رجال يعملون بمنتهى الواقعية ويخططون بأفضل الرؤى الاستراتيجية ويدركون أهمية العمل المنظم الذي يؤدي إلى النجاح، فكل المؤشرات في «فارس نجد» هذه الأيام تبشر بالخير، وكل الانتصارات والنتائج الإيجابية لم تأتِ من فراغ، وهي رسالة قوية من أبناء النصر إلى بقية الفرق الأخرى أن يفسحوا طريق البطولات والإنجازات أمام نجوم «العالمي» في المستقبل القريب، فالزمن يبدو أنه زمنهم، والألقاب الذهبية تخطب ودهم شريطة أن لا يتوقف العطاء في مرحلة محددة، وأن لا يغتر اللاعبون بما قدموه في فترة معينة. وقدمت إدارة النصر في هذا العام برئاسة الأمير فيصل بن تركي وجهاً مشرقاً لكرة القدم في النادي، وفضلت العمل بهدوء وصمت بعيداً عن ضجيج الإعلام، واختارت أن تتحدث النتائج الرائعة عن مسيرة عملها بدلاً من الوعود المتوالية التي لا تقدم ولا تؤخر في كل عام، فبعد النتائج غير المقنعة مع المدرب الكولمبي العجوز ماتورانا سارعت الإدارة لإقالته والتعاقد مع المدرب الجديد جوزيه كارينيو وهو الذي لم يسبق له العمل في الشرق الأوسط، فبدأ المدرب الجديد مهمته وسط مخاوف محفوفة بالخطر من أن يكون كارينيو امتداداً لكثير من المدربين الذين دفع النادي لهم الملايين ولم يجنِ من ورائهم إلا المزيد من الخسائر والأحزان، ولكن المدرب الأوروغوياني بدل عامل الخوف والقلق إلى التفاؤل والأمل وأعاد توهج النصر سنوات إلى الوراء ليذكر النصراويين بجيل العصر الذهبي الذي تتجدد ذكرياته في كل عام جيل النجوم الأفذاذ ماجد عبدالله والهريفي ومحيسن الجمعان وخميس والمقرن وسالم مروان. وسطع النصر أول من أمس في سماء الشرائع، وحقق فوزاً غالياً ومهماً على وصيف بطل آسيا في نسخته الأخيرة فريق الأهلي بهدفين في مقابل هدف وحيد، ونجح أبناء «العالمي» من قلب الطاولة على أصحاب الضيافة الذين تقدموا بالهدف الأول من منصور الحربي في (7)، لينتفض نجوم الأصفر البراق ويهاجموا الأهلي في ملعبه ويدركوا التعادل في وقت قياسي (11) عن طريق المتألق خالد الزيلعي، ليبدأون رحلة البحث عن الانتصار والتأهل إلى الدور نصف النهائي من مسابقة كأس ولي العهد، ويقدموا واحدة من أجمل وأفضل مبارياتهم في الموسم الرياضي، ويتسيدوا أرضية الميدان ويهددوا منافسهم حتى تحقق مرادهم عبر هدف ولا أروع من صانع الألعاب المبدع عبده عطيف ليكسب نجوم العالمي التحدي ويطيروا بورقة التأهل إلى الدور نصف النهائي عن كل جدارة واستحقاق في الطريق إلى تحقيق اللقب الغالي. ثمة أمر لافت في مسيرة العالمي ما زال يثير الدهشة والإعجاب في ميادين الكرة السعودية وهو الكثافة الجماهيرية التي تحضر في كل مباريات الفريق سواء التي تقام في الرياض أم خارجه، فمدرج الشمس بحد ذاته قصة لوحدها، مدرج يحكي لغة العشق والولاء والصبر والانتماء يُبهر النقاد والرياضيين وجماهير الأندية الأخرى بحضوره الرهيب في مدرجات الملاعب، يشجع فريقه بحرارة ويؤازره بحماسة ويحفز لاعبيه طوال مجريات المباريات ما يبث روح العزيمة والإصرار في نفوس اللاعبين من أجل أن يحققوا الانتصارات ويرسموا ملامح البهجة والأفراح على محيا جماهيرهم الوفية التي تبادلهم الحب والوفاء في نهاية كل لقاء في الاستحقاقات المحلية أو في منافسات كأس العرب.