أظهر مؤشر الرفاهية «بروسبيريتي إندكس» الصادر عن «معهد ليغاتوم للبحوث» في لندن لهذه السنة، أن ألمانيا «احتلت في مجال الازدهار والرفاهية، الموقع الرابع عشر بين 142 دولة، خضعت للدراسة التي يجريها سنوياً، وتقدمت مرتبة واحدة عن العام الماضي». ولم يعتمد خبراء المعهد في مقارناتهم، على الناتج القومي السنوي وحده كمعيار أساس لتحديد رتبة الرفاهية لكل بلد، بل وضعوا عوامل اقتصادية أخرى في الاعتبار، مثل فرص العمل وتأسيس الشركات، والحكم الرشيد، وضمان التعليم والصحة والأمن والحريات الفردية، والعلاقات الاجتماعية، ومدى شعور الفرد بالارتياح لوضعه. كما استندوا في هذا المجال إلى بيانات وإحصاءات البنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، وحكومات الدول المعنية ومعهد «غالوب» للبحوث. وعلى قاعدة هذه المعايير، حلّت ألمانيا في المرتبة الخامسة في مجال الصحة، وفي المرتبة السادسة في مجال الاقتصاد، كما حصلت على مراتب أفضل من السابق في مجالي الحكم الرشيد والتعليم. وأعلن مدير المعهد جيفري غيدمين، أن «هذه النتائج الجيدة تظهر تمتّع ألمانيا بقيم صلبة وتحكّم جيد بالموازنة المالية». فيما لفت الخبير أيدو أوميك، إلى وجود «مبادرات قوية لدى قيادة الحكم في ألمانيا». ومثل السنوات السابقة، حلّت دول الشمال الأوروبي في المراتب المتقدمة، إذ احتلت هولندا المرتبة الأولى، وبعدها الدنمارك والسويد، لأنها تؤمّن أفضل الشروط لتأسيس الأعمال فيها بحسب الدراسة. ولم تتمكن الولاياتالمتحدة هذه المرة من البقاء ضمن الدول العشر الأفضل، متراجعة عن الموقع العاشر إلى الثاني عشر. ولحظت الدراسة أن الرفاهية في مجالات متنوعة ارتفعت منذ العام 2009 في شكل طفيف في الدول ال 142 الخاضعة للدراسة، لكن أضافت أن الناس فيها «يشعرون على رغم ذلك بعدم الارتياح أكثر فأكثر، خصوصاً في دول أميركا اللاتينية. وأظهرت أيضاً تحقيق دول آسيوية مثل فيتنام وتايلند وماليزيا وإندونيسيا تقدماً في هذا المجال. وفي وقت تمكنت الصين وماليزيا وتايلند وفيتنام من تحسين مواقعها في مجال الاقتصاد، لم يحصل الأمر ذاته في مجال الحريات الفردية كما أوردت الدراسة. وعلى رغم اتساع الهوة بين الفقر والغنى في ألمانيا، سجّلت الأموال الخاصة التي يدّخرها الألمان في المؤسسات المالية رقماً قياسياً. إذ بلغ مجموع مدخراتهم في نهاية الربع الثاني من هذه السنة 4811 بليون يورو، وهو رقم لم يُسجل بعد، على ما أعلن البنك المركزي الألماني أخيراً. إلى ذلك، أظهر مؤشر الإبداع والتطوير الصادر أخيراً عن مؤسسة «دويتشه تيليكوم» واتحاد الصناعة الألمانية، تراجع ألمانيا مرتبتين إلى المركز السادس بين 28 دولة. وفازت سويسرا وسنغافورة والسويد بالمراتب الأولى والثانية والثالثة. فيما حلّت هولندا وبلجيكا في المرتبتين الرابعة والخامسة. وعزا رئيس مؤسسة «تيليكوم» كلاوس كينكل، السبب الرئيس لتدهور موقع ألمانيا إلى «ضعف النظام التعليمي فيها، وباستثناء التعليم المهني المزدوج فإن مراحل التعليم تعاني اهتزازاً». وأشارت الدراسة في هذا الصدد إلى أن الاقتصاد الألماني وليس ألمانيا كدولة، «لا يزال يحتل المركز الرابع لجهة الإبداع بعد اقتصادات سويسرا والولاياتالمتحدة وتايوان». وحذرت دراسة صدرت أخيراً عن المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي والإنماء، من أن «تؤدي منافسة الدول الناشئة في المستقبل غير البعيد إلى خسارة الموقع الاقتصادي العالمي لكل من ألمانيا ودول أوروبية أخرى، إضافة إلى الولاياتالمتحدة». وأشارت إلى أن ألمانيا «ستهبط عام 2060 من المركز الخامس على لائحة الدول الاقتصادية العظمى (صندوق النقد الدولي يضع ألمانيا في المرتبة الرابعة) إلى المركز العاشر بعد فرنسا التي ستحتل المركز التاسع. وأضافت أن الصين ستنتزع المرتبة الأولى من الولاياتالمتحدة عام 2016، أي بعد أربع سنوات. وتوقع خبراء المنظمة الأوروبية لكبرى الدول الناشئة في العالم مثل الصين، والهند، والبرازيل، وإندونيسيا، والمكسيك، وروسيا، «صعوداً اقتصادياً مثيراً» خلال السنوات الخمسين المقبلة، على حساب الدول الاقتصادية الحالية الكبرى.