تمكّنت ألمانيا هذه السنة من تحسين موقعها الدولي بين الدول الأكثر تقدماً في التطوير والابتكار، وانتقلت من المرتبة التاسعة التي حصلت عليها عام 2009 إلى المرتبة الرابعة بين 26 دولة صناعية أو ناشئة، وُضعت تحت المجهر هذه السنة. وتجري مؤسسة «تليكوم» الألمانية و «اتحاد الصناعة الألمانية» تقويماً مشتركاً كل سنتين تحت عنوان «مؤشر التطويرات»، لتحديد حركة الابتكار والاختراع عالمياً. وجاء في الدراسة الصادرة أن سويسرا احتلت المرتبة الأولى من جديد، تبعتها سنغافورة والسويد كما في السنوات السابقة. ويعتمد خبراء المؤسستين الألمانيتين في أحكامهم على معايير تستند إلى الاستثمارات العامة المخصصة للبحوث والتطوير، والجهود التي يبذلها القطاع الألماني الخاص في مجالات التطوير والابتكار. وأظهرت ألمانيا تقدماً واضحاً في هذين المجالين خلال السنتين الماضيتين، انعكس على موقعها المتقدم في المؤشر، لكن نقطة الضعف تبقى في قطاع التعليم الألماني على حدّ ما ذكره الخبراء، الأمر الذي أدى إلى تراجعه إلى وسط اللائحة في هذا المعيار، أي من المرتبة 12 إلى المرتبة 17. وجاء في المؤشر أن «نظام التعليم المهني المزدوج يعتبر قوة لألمانيا تتميز بها عن غيرها، إلا أن النقص المتزايد في القوى العاملة المؤهلة يلغي أفضليات هذا النظام إلى حدّ بعيد». والنقص واضح في عدد المتخرجين من المعاهد الألمانية العليا في الرياضيات والمعلوماتية والعلوم الطبيعية والتقنيات. واعتبر رئيس مؤسسة «تليكوم» كلاوس كينكل أن البحوث الجيدة والتطوير والاختراع «غير ممكن من دون تأمين علم جيد ونمو اقتصادي مستدام، الأمر الذي يفرض على ألمانيا تعزيز جهودها في المجال التعليمي». ولفت رئيس المؤسسة إلى أن الدولة تستثمر 4.8 في المئة فقط من موازنتها العامة في القطاع التعليمي، وهي نسبة تقل ب 1.1 في المئة عن متوسط هذه الاستثمارات في الدول ال 30 المنضمة إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأضاف أن إزالة النقص في القوى العاملة المؤهلة تستدعي «جلب أمثالهم من الخارج»، مطالباً بإلغاء فقرة في الدستور الفيديرالي تمنع التعاون في هذا الحقل بين الحكومة المركزية والولايات الألمانية لتمويل مشاريع تعليمية محدّدة. وأوضح أن المطلوب من الدولة تحسين الشروط العامة التي تمكّن الشركات المتوسطة والصغيرة من الدخول في حقول البحوث والتطوير، من طريق خفض الضرائب عليها، لا الاكتفاء بتمويل مشاريع محددة. وذكر باحثو المؤسسة أن على ألمانيا بذل جهد كبير، كونها تحتل المرتبة ال 15 في هذا المجال. وظهر في المؤشر أن الولاياتالمتحدة كانت الخاسر الأكبر في هذه المنافسة بسبب العجز المالي الكبير الذي تعانيه والاضطرابات التي يشهدها اقتصادها، وتراجع الاستثمارات فيه، وهي خسرت موقعها المتقدم على لائحة المؤشر، وتراجعت إلى المرتبة التاسعة. وفي المقابل، حسّنت دول آسيوية ناشئة مثل الصين والهند مواقعها، فصحيح أن الصين حلّت في المرتبة ال 21 هذه المرة، إلا أن الخبراء يعتقدون أن الاستثمارات الضخمة التي قررتها بكين في السنوات الماضية ستنعكس قريباً إيجاباً عليها لتتحسن مرتبتها في صورة ملموسة.