نفى الدكتور سعيد السريحي فشل الحداثة في السعودية، مؤكداً أنها كإنتاج باقية، «وهو ما نشاهده اليوم ولاشك». وقال: «إن من يراهن على المستقبل، لن يفشل». وأوضح أن الذين منعوا عنه درجة الدكتوراه في جامعة أم القرى «لن يرحمهم التاريخ». وعبر السريحي عن قلقه، «من أن تُختطف ثورة الجماهير التي حركتها الإرادة الشعبية، ولاشك أن هذا الربيع سيؤثر على حركة الثقافة والأدب». ووصف الدكتور السريحي في كلمته، خلال تكريمه في إثنينية خوجة الإثنين الماضي، أنها تقليب 30 عاماً من العمل الثقافي بالوقوف على أهم مراحل حياته العلمية والعملية. و في لفتة نالت تقدير الحضور قام الدكتور السريحي بإهداء تكريمه بواسطة الإثنينية إلى معلميه الأوائل خصوصاً في مراحله الأولية بمدرسة الرويس الابتدائية، التي تتلمذ فيها على يد مجموعة من المعلمين الغزاويين، محاولاً ذكرهم بأسمائهم ما أسعفته الذاكرة، تكريما لغزة «تلك التي كلما نهضت من تحت الرماد شامخة أحسست أننا أمة لا تموت». و تفاعل الحضور كثيراً مع هذا الموقف النبيل لضيف الإثنينية. وتحدث السريحي عن تجربته الصحافية وما أضافته له، لافتا إلى أن محدودية النشر تتسع في كل وقت، وأن العاملين في المجال الصحافي باتوا يدركون أنه فتحت اليوم أمامهم أبواب للنشر، لم تكن متاحة قبل عشر سنوات. وقدم بعضاً من قصائده من الذاكرة، تحت ضغط الحضور وطلبهم أن يقرأ شيئا من شعره. وقال عبد المقصود خوجة: «إننا نحتفي بمدرسة نقدية ذات جذور وفروع، نمت فأزهرت وأثمرت بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع رؤيتها الأدبية والثقافية وما تكتنفه من مشاريع فكرية» وزاد: «السريحي يعد واحداً ممن ساهموا في تشكيل ذائقة نقدية و جمالية لها خصوصيتها، بمؤلفاته المتواترة في النقد والتي لاقت احتفاء وترحيباً في المشهد الثقافي السعودي -اتفقنا أو اختلفنا حولها- فكان لكتابه النقدي «الكتابة خارج الأقواس» صدى كبيراً في خلق حوار فكري عميق و متصل». وأوضح خوجة أن حركة الحداثة واجهت - في تجليات خطابها الفكري – «سجالاً عنيفاً لكونها تدعو فيما تدعو إليه – ضرورة عصرنة التراث وإعادة قراءته بساطع ما أنجزه العقل المحايث من كشوف، وما شهدته الحياة من تغيرات بنيوية عميقة تستدعي «استنطاقاً أكثر عمقاً» لنصوص التراث مواكبة لمستحدثات العلم وتماشياً مع ما يشهده المجتمع نفسه من حراك». وفي المداخلات قال عبدالله مناع: «السريحي قامة نقدية وثقافية لافتة تستحق الاحترام والتقدير وتاريخه يشهد على ذلك». فيما لفت الأديب عبدالله فراج الشريف إلى أن السريحي «هو نتاج مرحلة مرّ بها الأدب في بلادنا، تاق فيه أهله للانعتاق من ربقة التقليدية التي آلت مع تطاول الزمن إلى اعتياد هو الجمود ذاته، الذي لا ينتج إبداعاً، فلما رفعت الحداثة في الأدب رايتها، كان من أولئك النفر الذين خاضوا غمارها أدباً ونقداً شعراً ونثراً جدالاً وخصومة». وقال الشريف: «هو مثال حي يثبت أن صحافة هذه البلاد كما قامت على جهود أدباء ومفكري الوطن، فإنها أيضاً نهضت ولا تزال تحيا من خلال جذب المحترفين وهو أحدهم إلى أبطالها، وقد تميز بثباته على مبادئها التي لا يحيد عنها». ووصف الشاعر أحمد عايل فقيهي السريحي ب«المحرك والمحرض على صناعة فعل ثقافي وصحافي مختلف، تمتزج فيه القيمة المعرفية والإبداعية مع لغة صحافية تختلف عن السائد في الصحافة الثقافية». وأشار إلى أن لغة السريحي «منحازة على المستوى الإبداعي والفكري للحداثة، والدعوة إلى إعادة النظر في فهم الشعر والأدب والخروج بخطاب ثقافي جديد ومختلف، وكانت تلك السنوات هي سنوات الدخول في معركة القديم والجديد في الصحافة الثقافية السعودية بعامة».