واصلت نيابة أمن الدولة العليا في مصر تحقيقاتها أمس مع أعضاء ما يعرف ب «خلية مدينة نصر»، فيما قُتل ثلاثة من رجال الشرطة وأصيب إثنان آخران في هجوم نفذه مسلحون مجهولون في سيناء التي تشهد تنامياً متصاعداً لنشاط مجموعات تصف نفسها بأنها «جهادية». وقال مصدر أمني مسؤول إن رجال الشرطة قُتلوا في هجوم استهدف سيارتهم امس في منطقة جسر الوادي في مدينة العريش (شمال سيناء). وأضاف أن شرطياً رابعاً أصيب بجروح في الاعتداء، إضافة إلى مدني صادف مروره في موقع الهجوم. وأشار المصدر ل «الحياة» إلى أن اثنين من أفراد الشرطة قُتلا فوراً بينما توفي الثالث بعيد وصوله إلى المستشفى متأثراً بجروحه. وكانت النيابة استدعت أمس أعضاء «خلية مدينة نصر» للتحقيق. فمثل أمامها طارق يحيى هليل الذي وُجّهت إليه اتهامات تتعلق ب «الانضمام إلى جماعة محظورة هدفها قلب نظام الحكم وتعطيل مؤسسات الدولة وتكدير السلم الاجتماعي وضرب الوحدة الوطنية، إضافة إلى حيازة أسلحة وذخيرة»، الأمر الذي نفاه المتهم في شدة، قبل أن ترجئ النيابة التحقيق مع بقية المتهمين إلى اليوم. وعلم، في هذا الإطار، أن أجهزة الأمن تتعقب عدداً من عناصر الخلية الذين تمكنوا من الفرار. وأفيد أن الشرطة دهمت أكثر من مخبأ لهؤلاء، لكنها لم تعثر عليهم. وأبدى مصدر أمني «تخوفه من عمليات انتقامية» قد يشنها أفراد الخلايا الذين تمكنوا من الفرار. وأكد مصدر أمني ل «الحياة» أن أجهزة الأمن تعيش حالياً حالة سمّاها «اليقظة غير العادية»، خصوصاً في أعقاب القبض على 17 «جهادياً» أعضاء في «خلايا إرهابية» في عدد من المحافظات، مشيراً إلى أن عدداً من المشتبه فيهم «تمكنوا من الفرار وسلطات الأمن تتعقبهم». وكان الرئيس محمد مرسي مد اليد مجدداً إلى «الجهاديين». وقال خلال زيارته محافظة أسيوط (صعيد مصر) أول من أمس، موجهاً حديثه إلى من أسماهم ب «أبنائنا الذين يفكرون خطأ ويتجمعون في سيناء»، معتبراً أن بعضهم «لا يفقه ولا يعرف وإن كان لديه الإخلاص»، وطالبهم بالعودة إلى «حضن الوطن» و «الخوف من الله». وقالت مصادر متابعة لموضوع «خلية مدينة نصر» إن «غموضا» يلف مصير ستة متهمين في القضية، إذ أن بيان وزارة الداخلية الذي صدر قبل أيام أفاد بأن عناصر تلك الخلية 14، في حين لم يمثل أمام محققي النيابة حتى أمس سوى ثمانية فقط. وأفيد بأن تحريات الأجهزة الأمنية وجهت إلى عناصر الخلية تهمة «استهداف كنائس ومنشآت حيوية في البلاد»، فيما كشفت التحريات أن الموقوف التونسي علي السعيد يُعتبر «خبير مفرقعات»، وانه يضطلع بتجهيز المواد المتفجرة التي كانت ستستخدم في الهجمات، الأمر الذي نفاه السعيد. وبدا أن مسار التحقيقات سيتخذ منحى آخر، إذ اعترف عدد من المتهمين أنهم كانوا يسعون إلى دعم «الجهاديين في سورية»، وانهم كانوا يقومون بنقل السلاح من ليبيا إلى مصر قبل إرساله إلى سورية. واعترف المتهم التونسي السعيد ب «أنه عضو في جماعة الإخوان في تونس وانه كان يسعى إلى الانضمام إلى الجهاديين في سورية». ولم تذكر التحقيقات أي علاقة لعناصر الخلية ب «تنظيم القاعدة أو بعمليات العنف التي جرت في سيناء». وعلى النهج نفسه سار الضابط السابق في الجيش المصري رامي الملاح الذي أقر بأنه «استقال من الجيش بعد الثورة بهدف الذهاب إلى سورية». فيما شدد عادل عوض شحتو على أنهم «لا يستهدفون الداخل المصري وانما كانوا يسعون إلى دعم الثورة السورية». وشدد شحتو خلال التحقيقات التي جرت معه خلال الأيام الماضية على أنه «لا جهاد مسلح ضد نظام الحكم في مصر... نخالف الإخوان لكن لا نكفّرهم... لم نكن نستهدف أياً من المصريين أو المنشآت المصرية». كما نفى استهداف الأقباط في مصر، مؤكداً أن «لهم كل الحقوق التي كفلها لهم الإسلام ونحن لا نستهدفهم في أنفسهم أو أموالهم أو منشآتهم». من جانبه، أوضح محامي المتهمين محمد غزلاني أن ثمانية متهمين حضروا إلى النيابة وجلسوا لساعات في غرف المحققين لكن النيابة لم تحقق سوى مع المتهم طارق يحيى. وأشار إلى أن عدداً من المتهمين أكدوا أمام محققي النيابة تعرضهم للتعذيب من قبل سلطات الأمن للإدلاء باعترافات لم يرتكبوها.