أثار توقيف السلطات المصرية «خلية إرهابية» في ضاحية مدينة نصر، شرق القاهرة، يشتبه في ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، مخاوف من انتقال العنف الذي ساد شبه جزيرة سيناء إلى عمق القاهرة ومحافظات إقليمية. وعلمت «الحياة» أن جهاز الاستخبارات المصرية تولى بنفسه ملف التحقيق مع خمسة أشخاص متهمين ب»الإرهاب»، وتدور تكهنات عن علاقتهم بالهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي. وكشفت مصادر أمنية ل»الحياة» معلومات لديها عن انتقال عدد من قادة التنظيمات الجهادية والتكفيرية إلى محافظات مصرية بعد تضييق الخناق عليهم في سيناء. وأشارت إلى أن أجهزة الأمن تتعقب هؤلاء في محافظات القاهرة والإسكندرية والغربية والجيزة والقليوبية والسويس. وكانت السلطات المصرية أوقفت خلال اليومين الماضيين خمسة أشخاص، بينهم تونسي وضابط مصري سابق، فيما قتل ليبي في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة. وأفيد بأن جهاز الاستخبارات المصرية يجري تحقيقات مع «الخلية»، لمعرفة علاقتها بالشيخ محمد جمال الكاشف (أبو أحمد) الذي أفرجت عنه السلطات المصرية عقب الثورة، وتتهمه السلطات المصرية بقيادة تدريبات منفذي الهجوم على السفارة الأميركية في معسكرات في صحراء ليبيا. وأشارت المصادر إلى أن تحريات أفادت أن «أبو أحمد» على علاقة وثيقة بزعيم «القاعدة» أيمن الظوهري الذي كلفه بقيادة بعض المنتمين فكريا إلى التنظيم في مصر وليبيا. لكن المصادر لم تؤكد وجود «أبو أحمد» في الأراضي المصرية، وإن جزمت أنه «العقل المدبر» للعديد من العمليات التي قام بها «القاعدة»، خلال الفترة الماضية، خصوصا في ليبيا و اليمن، بناء على تعليمات من الظواهري، وأنه حصل على الضوء الأخضر للقيام بعمليات «جهادية» في مصر وليبيا. وأكدت المصادر أن أفراد «الخلية الإرهابية» الذين أوقفتهم الشرطة في ضاحية مدينة نصر كانوا يرتدون الزي العسكري. وكشفت أن عناصر تكفيرية تم القبض عليها في وقت سابق في سيناء، أدلت بمعلومات خطيرة عن وجود تكفيريين في محافظات مصرية عدة، وأن غالبيتهم ترتبط ب «القاعدة»، وأنهم وصلوا إلى سيناء بعد الثورة، وتلقوا تدريبات على استخدام الأسلحة، لكنهم غادروها مع بدء الحملة التي قادتها القوات المسلحة (نسر) أوائل أيلول (سبتمبر) الماضي. وقالت مصادر أمنية مطلعة ل»الحياة» إن أجهزتها تواصل البحث عن أفراد في محافظات الغربية والإسكندرية والقاهرة والجيزة والقليوبية والسويس، بتهم التخطيط لاستهداف مصالح حكومية، لافتة إلى «أن جهاز الأمن الوطني يقود خيوط تعقب العناصر الجهادية المختبئة، وكشف الخلايا النائمة التي تتحين إصدار أوامر التحرك من قياداتها». وذكرت المصادر أنه تم رصد اتصالات بين قيادات وأفراد الخلايا الموجودة. وأكد القيادي في «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم وجود عناصر تكفيرية وجهادية في محافظات مصرية عدة، متوقعاً أن يتم كشف «عشرات الخلايا». ولفت إلى «انتشار الفكر التكفيري وأفكار القاعدة داخل الأوساط الاجتماعية في مصر، وأنه باتت لديهم مساجد معروفة. وهم يحملون مسميات مختلفة مثل «الدعوة والجهاد»، ولا يبقي لهم سوى تشكيل تنظيم وتلقي التعليمات من الخارج لتنفيذ عمليات في الداخل المصري». كذلك، اكد وكيل جهاز أمن الدولة السابق اللواء فؤاد علام انتشار التنظيمات الجهادية في مصر، محذرا من «أن هؤلاء قد يتجمعون في تنظيم واحد على غرار التنظيمات الإسلامية التي انتهجت العنف في تسعينات القرن الماضي. ما سيمثل خطرا بالغا على البلاد». ودعا إلى «مواجهة أفكار هؤلاء، ليس فقط بالقبضة الأمنية وإنما ضرورة أن يقود الأزهر مراجعات فكرية لهؤلاء ناهيك عن مراجعة الأوضاع السياسية والاجتماعية التي أودت بهؤلاء إلى انتهاج العنف».