اكتست ساحة الكتيبة الخضراء في مدينة غزة باللون الأسود للمرة الأولى منذ سيطرت حركة «حماس» على قطاع غزة عام 2007، وذلك خلال مهرجان نظمته حركة «الجهاد الإسلامي» حضره عشرات الآلاف من أنصارها. وجاء المهرجان لمناسبة الذكرى ال31 لتأسيس الحركة، والذكرى ال25 لانطلاقتها التي تتزامن مع ذكرى استشهاد مؤسسها وقائدها الشهيد فتحي الشقاقي. وتدافع أنصار الحركة منذ ساعات صباح أمس إلى الساحة غرب المدينة، والتي دأبت «حماس» على احتكارها لتنظيم مهرجانات انطلاقتها فيها خلال السنوات الخمس الماضية، ومنعت أي فصيل آخر من تنظم فعاليات فيها. وحشدت «الجهاد» أنصارها من مناطق القطاع في استعراض لقوتها الجماهيرية وشعبيتها أمام «حماس»، وفي رسالة تحدِّ لإسرائيل، خصوصاً بعد شهور قليلة وجهت فيها الحركة رسالة تهديد ب «قصف» مدينة تل أبيب في إحدى جولات التصعيد الميداني. ونصبت الحركة منصة ضخمة في المكان نفسه الذي تنصب فيه عادة منصة مهرجان انطلاقتها، وعلقت على الجدران صور ضخمة للشقاقي ولأمينها العام الحالي رمضان شلح، إضافة إلى صور الرئيس الراحل ياسر عرفات، والأمين العام ل «الجبهة الشعبية» الشهيد أبو علي مصطفى، وزعيم «حماس» ومؤسسها الشهيد الشيخ أحمد ياسين، والأمين العام للجان المقاومة الشعبية المؤسس الشهيد جمال أبو سمهدانة وعدد من الشهداء. وانتشر المئات من عناصر «سرايا القدس»، الذراع العسكرية ل «الجهاد» ورجال الشرطة للحفاظ على الأمن والنظام، فيما تقدم الصفوف قادة «الجهاد» و «حماس» و «الشعبية» و «الديموقراطية» وغيرها من الفصائل. ورددت عشرات آلاف الحناجر خلف مقدم المهرجان الذي جاء بعنوان «كل فلسطين لكل الأمة»: «الموت الموت لإسرائيل»، و «لبيك يا رسول الله». وقال عضو المكتب السياسي للحركة محمد الهندي على هامش المهرجان أن «كل الفصائل يشارك جنباً إلى جنب في يوم انطلاقة الحركة باعتباره يوماً وطنياً». وجدد «التمسك بالثوابت والالتفاف حول خيار المقاومة باعتباره السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق وحماية الأهداف التي ضحى من أجلها شعبنا على مدى أكثر من ستين عاماً». وأعلن القيادي في «الجهاد» محمد الحرازي أن نحو 100 ألف حضروا المهرجان. وأوضح أن أكثر من 370 صحافي وإعلامي (من بينهم أجانب) يغطون المهرجان. وأضاف أن «المهرجان يحمل رسالة الحب والتسامح والوحدة بين أطياف الشعب الفلسطيني، والتحدي للعدو المجرم، والوفاء للشهيد الشقاقي، والاستمرار والاستقامة على النهج الذي حمله شلَح». واعتبر الناطق باسم «سرايا القدس» المدعو «أبو أحمد» أنه في هذا اليوم «يجدد الشعب الفلسطيني دعمه خيار الجهاد والمقاومة، الوحيد القادر على استرجاع الحقوق المغتصبة، وتحرير المقدسات، وطرد العدو الصهيوني من أرضنا إلى غير رجعة». وقال شلّح مخاطباً المحتشدين من دمشق، إن التسوية السياسية «فشلت فشلاً ذريعاً»، مؤكداً أن على الفلسطينيين «إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني». ووجه انتقاداً إلى السلطة الفلسطينية و «حماس»، وقال: «ليس من المصلحة الوطنية أن تذهب ريح المقاومة بين التنسيق الأمني في الضفة والالتزام الطوعي بوقف المقاومة في غزة». واعتبر أن «الحل ليس في اختزال القضية الوطنية الفلسطينية في المصالحة حتى إذا تعطلت لأي سبب تعطل معها كل شيء وبقي المجموع الفلسطيني في شلل في انتظار المجهول». وشدد على أن «الحل ليس في أن نتزاحم في تبني الهدف الذي فشل المشروع الوطني في تحقيقه، وهو إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967»، ووصف هذا الحل بأنه «غير واقعي». واعتبر شلّح أن الربيع العربي شغل العرب عن القضية الفلسطينية، وقال: «ما تشهده المنطقة من ثورات وأحداث وما سمي الربيع العربي هو سلاح ذو حدين تجاه فلسطين، الأول سلبي ويتمثل بالانشغال عن فلسطين ليعطي إسرائيل فرصة لأن تفعل ما تريد وتمرر مخططاتها العدوانية في فلسطينوالقدسالمحتلة، والثاني إيجابي في أنه نافذة الأمل الذي تفتحه ثورات الشعوب لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني». وفي إشارة انتقاد إلى «حماس» وحكم «الإخوان المسلمين» في مصر، قال إن الوضع في غزة اليوم ليس أفضل مما كان عليه قبل ثورة 25 يناير. واعتبر عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية في كلمة باسم القوى الوطنية والإسلامية أن «انطلاقة الجهاد مناسبة متجددة نحو التحرير والانتصار والعزة والكرامة». ورأى أن «الربيع والثورات العربية تشكل رافعة لمشروع التحرير والمقاومة».