كشفت مصادر فلسطينية موثوقة ل «الحياة» أن المهرجان غير المسبوق الذي نظمته حركة «الجهاد الإسلامي» لمناسبة ذكرى استشهاد أمينها العام السابق الدكتور فتحي الشقاقي تسبب في «إغضاب» حركة «حماس». وقالت المصادر التي فضلت عدم نشر اسمها إن «حماس» رأت في حشد «الجهاد» عشرات الآلاف من أنصارها للمشاركة في المهرجان الذي أقيم في ساحة الكتيبة التي أقامت فيها «حماس» احتفالاتها ومهرجاناتها، «رسالة» موجهة إليها. وأضافت أن قادة «حماس» الذين حضروا المهرجان لم يشاركوا في ترديد الهتافات والشعارات التي رددها الحاضرون. وبدا ذلك رد فعل على الخطاب الذي ألقاه الأمين العام ل «الجهاد» الدكتور رمضان شلح عبر الهاتف خلال المهرجان في 30 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في غزة، وانتقد خلاله في شدة «نموذج الحكم» الذي أقامته «حماس» في قطاع غزة منذ سيطرت عليه في 14 حزيران (يونيو) 2006. ولفتت المصادر إلى أن «الجهاد» رأت في هذا التصرف «رد فعل غير لائق» على ما ورد في خطاب شلح. وأضافت أن قياديين من «حماس» أبلغوا قيادة «الجهاد» باعتراضهم على بعض ما جاء في كلمة الأسيرة المحررة فاطمة الزق في المهرجان نفسه التي قالت فيها إن يد المقاومة «مغلولة» في غزة والضفة، ما أثار حفيظة الحركة. وأشارت الى أن «حماس» انتقدت الزق لعدم توجيهها الشكر لها على إطلاق سراحها من السجن الإسرائيلي قبل نحو شهر في إطار صفقة أطلقت بموجبها إسرائيل 20 أسيرة مقابل شريط مصور للجندي الإسرائيلي الأسير في غزة غلعاد شاليت. وزادت أن «حماس» انتقدت «الجهاد» لعدم توجيه الشكر إلى الحكومة المُقالة في غزة على حفظ الأمن والنظام قبل المهرجان وخلاله، إلا أن الأخيرة ردت بأنها لم توجه الشكر يوماً في مثل هذه المناسبات، فضلاً عن أن توفير الأمن والنظام واجب على الحكومة وأجهزتها الأمنية. ورفض الناطق باسم «الجهاد» داود شهاب الحديث عن هذه «الاعتراضات الحمساوية»، وقال ل «الحياة» إنها «لا ترقى إلى مستوى التوتر في العلاقة مع حماس». وأشار إلى أن رئيس المكتب السياسي ل «حماس» شارك في مهرجان مماثل للحركة نظمته في دمشق أول من أمس، وكان يجلس إلى جانب شلح. وشدد شهاب على أن الحركة «معنية بعلاقات مفتوحة مع كل الفصائل». وكانت «الجهاد» حشدت عشرات الآلاف من أنصارها من كل مناطق القطاع للمشاركة في المهرجان الذي بدا عرضاً للقوة أمام القوتين الأكبر في الساحة الفلسطينية حركتي «فتح» و«حماس». وبدا لافتاً أن الحركة حددت خلال المهرجان للمرة الأولى تاريخاً لانطلاقتها غير المعلنة، وهو السادس من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1987. غير أن شهاب قال ل «الحياة» إن «حركة الجهاد كفكرة وتنظيم بدأت وتأسست منذ أواخر السبعينات، وأخذت الفكرة تنتشر في فلسطين أوائل الثمانينات»، مضيفاً أن «الحركة واءمت بين العمل السياسي والعسكري والجماهيري مبكراً ونفذت عشرات العمليات الجهادية المميزة، واعتُقل أبناؤها وقادتها وكوادرها، وأصبح لها تمثيل في السجون إلى جانب القوى الوطنية المعروفة في ذلك الوقت». وأوضح: «كانت هناك عمليات قوية ومميزة للحركة ضد الاحتلال قبيل منتصف الثمانينات، منها عمليات الطعن والهروب من سجن غزة، والهجوم على كتيبة للجيش الصهيوني في باب المغاربة في القدس والهجوم على دوريات للجيش في غزة وغيرها، لكن الحدث الأبرز في تلك الفترة تمثل في معركة الشجاعية الباسلة في 6/10/1987 التي شكلت الشرارة الأولى للانتفاضة المباركة الأولى نهاية العام نفسه». واعتبر أن «هذا التاريخ شكل انعطافة وتحولاً تاريخياً لشعبنا وقضيتنا، وكان بداية انتشار واتساع المشروع الجهادي في فلسطين الذي استوعب في ما بعد قوى وطنية وإسلامية عدة». وقال إن «معركة الشجاعية أحدثت تغييراً تاريخياً حمل بصمات الدكتور الشقاقي وقيادة الحركة الذين كانوا أول من أبعدتهم أو اعتقلتهم إسرائيل، وكان نائب الأمين العام زياد النخالة واحداً منهم». وأضاف أن «هذا التاريخ جاء في قمة وذروة سلسلة متواصلة من الكفاح المسلح السري للحركة، لذلك رأت الحركة أن هذا التاريخ بما يمثل من أهمية في مسيرتنا الجهادية ومسيرة شعبنا النضالية، يعتبر الانطلاقة الجهادية المعلنة للحركة، وأهميته تكمن في أن آثاره وتداعياته امتدت إلى اليوم... ورأينا أن يتم الربط بين ذكرى الانطلاقة الجهادية لحركتنا وذكرى استشهاد المؤسس الدكتور الشقاقي الذي كان يمثل الاسم الحركي لمعركة الشجاعية». وعن الحشد غير المسبوق في المهرجان الأخير في غزة، اعتبر شهاب أنه «ليس غريباً أو جديداً على حركتنا، وحضورنا الجماهيري معروف، وكانت هناك حشود مشابهة في سنوات سابقة». وأشار الى أن «أصدقاء كثيرين أثنوا على مواقفنا ورسالتنا»، في إشارة إلى «فتح» التي راق لعدد من قادتها خطاب شلح، على رغم انتقاده للرئيس محمود عباس ونهج التسوية والمفاوضات. وقال إن «بعضهم قرأ موقفاً جديداً أو تحولاً في مواقف الجهاد، لكن مواقف الجهاد لم تتغير، وخطاب الأمين العام حسم جدلاً كبيراً، وأوضح نقاطاً عدة، لكنه أكد جوهر موقفنا المنحاز إلى المقاومة وفلسطين». وكشف أن السلطة الفلسطينية منعت «الجهاد» من تنظيم مهرجان مماثل في الضفة، وقال: «اعتقل أكثر من 100 من قادتنا وكوادرنا من قبل أجهزة السلطة».