مع نهاية شهر رمضان برز جدل إلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدي لرؤية هلال العيد بالعين المجردة كحال «الرائين» من أهالي سدير (150 كيلو متراً شمال الرياض)، ومؤيدي علماء الفلك الذين يتوزعون في مناطق مختلفة. وأنشئت «هاشتاقات» متخصصة بهذا الشأن على موقع «تويتر»، أبرزها هاشتاق «معسكر أهالي سدير»، تضمن تعليقات غلب عليها طابع الفكاهة، وأسُقطت معظمها على منافسة رياضية وصفت ب«الكلاسيكو المثير». وذكر المغرّد منصور الشهري أن الحماسة واضحة في معسكر أهالي سدير، ويتمنون تكرار فوزهم الذي حدث في بداية شهر رمضان، أما ريان فوجّه رسالته للرائي الأشهر عبدالله الخضيري قائلاً: «هداف الفريق.. نحن بانتظارك». وتواصلت التغريدات الطريفة في «تويتر»، إذ نسب المغرّد راكان بن سعود إلى علماء الفلك تصريحاً طالبوا فيه بحكام أجانب في «الكلاسيكو» الذي سيجمعهم بالرائين، في حين قدّم الرسام والمغرّد «قناص سدير» رسماً كاريكاتورياً أبرز من خلاله المنافسة المثيرة بين أهالي سدير وعلماء الفلك، واصفاً إياه ب«كلاسيكو الغضب»، أمّا «جوجو» فغردت بدعوة قالت فيها: «اللهم إني استودعك عيون ولدنا». الكاتب الرياضي عبدالوهاب الوهيّب كانت مداعبته من نوع مختلف، إذ قدّم مجموعة من الأقوال التي تشيد بسدير وقراها، ونسبها إلى عدد من مشاهير العالم مثل هتلر وأوباما وغاندي ونيوتن وغيرهم، أمّا عيد الزيد فقال في تغريدته: «رئيس بعثة علماء الفلك يصرّح أنهم جاهزون للقاء الإياب أمام أهالي سدير»، في حين تساءل الكاتب الرياضي عادل الملحم: «هل سيحسمها أهالي سدير كالعادة؟». فيما دعا مجموعة من المغردين إلى الاعتماد على الرؤية الفلكية لتحديد الأهلة، مؤكدين أن العلم لا يتعارض مع الدين، بل يخدمه ويقلل احتمالات الخطأ في الرؤية بالعين المجردة. وحوطة سدير مدينة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 19 ألف نسمة فقط، تتجه إليها الأنظار مرتين في السنة ليلة دخول شهر رمضان وعند ترائي ليلة عيد الفطر، تستحوذ على اهتمام وترقب معظم سكان السعودية والدول المجاورة، لمعرفة الأخبار عن رؤية هلالي شهر الصيام والعيد. ومدينة حوطة سدير دائماً ما تكون حاضرة في هذه المناسبات، فهي أولى المدن التي أعلن خبر رؤية هلال شهر رمضان الحالي من خلالها عبر المتخصص في رؤية الأهلة عبدالله الخضيري، الذي دار حوله جدل كبير لدى الفلكيين العام الماضي عند رؤيته هلال شهر شوال 1432ه، على رغم اعتقادهم باستحالة رؤيته، واتضح في نهاية الأمر صحة رؤيته، ما جعل الكثيرين يشككون في ما يطلقه بعض الفلكيين من توقعات. هذه المدينة تتبع إدارياً لمحافظة المجمعة، وتبعد عن العاصمة 155 كلم من الشمال الغربي، وتُعتبر من المدن الحضارية التي تتوافر فيها مقومات الحياة بحكم موقعها المتوسط بين مدن وقرى سدير، التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ، فهي تتميز بمواقعها الأثرية والتاريخية مثل (مرقب الحوطة وقارة العنبر)، ويحتضنها جبل طويق، كما تتوافر فيها معظم الإدارات الحكومية التي لها ارتباط مباشر بخدمة المواطن والمقيم، إضافة إلى الكليات الجامعية ومدارس التعليم العام، وتصنف كمركز فئة (أ)، وتتميز المدينة بموقعها الفريد بتوسطها ما بين مراكز وقرى سدير. ارتبط اسم حوطة سدير باسم الرائي المتخصص عبدالله الخضيري، الذي ورث موهبة رؤية الهلال عن والده، فمنذ صغره عرف عنه حدة البصر بين أقرانه، وكان في ريعان شبابه دائماً ما يختبره أصدقاؤه في دقة بصره، وغالباً ما يختبرونه لاكتشاف أشياء بعيدة وصغيرة الحجم، وعادة ما يكون الخضيري منتصراً في النهاية لتحديدها بدقة. ومن الأشياء التي تؤكد دقته وحدة بصره، يروي أحد أصدقائه أنه لا يزال يتذكر قبل سنوات عدة، أنه لدى خروج المصلين من صلاة الجمعة بأحد الجوامع في حوطة سدير أخبره الخضيري، أن غداً هو أول أيام عيد الفطر، لمشاهدته الهلال ومعرفته بمنزلته، لافتاً إلى أنه اعتبر ما قاله الخضيري توقعاً أو مزحة، ما لبث أن أثبتها المتخصص برؤيته للهلال مساء ذلك اليوم وأعلنت رسمياً. يذكر أنه يزداد الاهتمام بعبدالله الخضيري، وهو المدير التنفيذي للجمعية الخيرية بحوطة سدير عند قرب دخول الشهر الفضيل، وعند ترائي هلال عيد الفطر لمعرفة الأخبار بشأنه قبل الإعلان الرسمي، وذلك لاقتران اسمه بالرؤية، فتجد الاتصالات والرسائل الهاتفية تتوالى من كل المناطق على أصدقائه والمقربين منه، لمعرفة الخبر قبل إعلانه في وسائل الإعلام بشكل رسمي، كما أنه أمضى نحو 20 عاماً في رؤية الأهلة، ويعتبر العضو الفاعل في لجنة الترائي بحوطة سدير منذ سنوات.