عاش لبنان يوماً ثانياً من الفلتان والفوضى والتوتر الإعلامي والسياسي والأمني، انعكس على اجتماع هيئة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بغياب بعض أعضائها وأبرزهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما دفع الرئيس سليمان الى تأجيل طرح تصوره للاستراتيجية الدفاعية ولمسألة السلاح، فناقش الحاضرون التطورات الأمنية التي شهدتها البلاد في الساعات الماضية ما أدى الى سجال بين رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد من جهة وبين رئيس الحكومة السابق رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط من جهة ثانية، لا سيما حين أثار السنيورة مسؤولية ثقافة السلاح عن الفلتان. وأعلن آل المقداد بعد ظهر أمس عن وقف عمليات خطف سوريين قالوا إنهم ينتمون الى «الجيش السوري الحر»، لمبادلتهم بحسان سليم المقداد المخطوف في ضواحي دمشق من قبل مجموعة ادعت الانتساب الى «الجيش الحر»، وفتحت طريق مطار رفيق الحريري الدولي بعد أن كانت قطعت ليل أول من أمس ما تسبب بإرباك للمسافرين القادمين والذاهبين وفي حركة الطيران، وأدى الى تعميمات من الدول الخليجية على رعاياها بعدم زيارة لبنان، وعلى الموجودين منهم فيه بمغادرته فوراً. واستمر التضارب في المعلومات عن مصير المخطوفين اللبنانيين ال11 في مدينة إعزاز السورية بعد تعرض البلدة لقصف جوي. وفيما نقل سليمان عن وزير الخارجية عدنان منصور أنه تلقى معلومات بأن هؤلاء بخير، قالت محطة «الجديد» التي انتقل فريق منها الى إعزاز وعرض صوراً مباشرة لحجم الدمار الكبير الذي أصاب منازلها عن الناطق باسم المجموعة الخاطفة لهؤلاء بأن هناك 7 منهم أصيبوا يعالجون في المستشفيات فيما هناك 4 في عداد المفقودين. وأعلنت جهة سمت نفسها «سرايا المختار الثقفي» عن خطف 14 سوريا لمبادلتهم بالمخطوفين بإعزاز، وظهروا على شاشات التلفزة اللبنانية وتحدث بعضهم في حضور خاطفيهم عن أنهم «ضيوف» يريدون إطلاق اللبنانيين كي يطلق سراحهم. وشكل الرئيس سليمان لجنة وزارية لمتابعة قضية المخطوفين، فيما أعلن آل المقداد أن هناك «طابوراً فاسداً» دخل على خط عمليات الخطف. ونفى الناطق باسمهم علاقتهم بخطف سوريين في البقاع وغيره، كما نفى نية خطف خليجيين. وأكد الاكتفاء بخطف المواطن التركي لمبادلته بقريبه حسان المقداد وأن المخطوفين السوريين لدى العائلة أكثر من 20 يساعد أحد أعضاء مجلس الشعب السوري ويدعى أحمد شلاش في التعرف إليهم. وتخلل اجتماع آل المقداد خلافات ومشادات أمام وسائل الإعلام بعيد دخول النائب عن «حزب الله» علي المقداد، ما أدى الى قطع البث المباشر لمحطات التلفزة. وتسببت حال الفوضى والفلتان بهروب عدد كبير من العمال السوريين من مناطق عدة الى سورية أو مناطق لبنانية أخرى أو بتواريهم عن الأنظار فتعطلت ورش بناء كثيرة، وحملت الهيئات الاقتصادية في بيان لرئيسها عدنان القصار على التهديدات التي صدرت عن بعض أهالي المخطوفين ضد الرعايا الخليجيين، وقال: «لا يجوز أن نرد الجميل لدول الخليج إلا بروح الأخوة والوفاء وحسن الضيافة». وقطعت مجموعة ملثمين في منطقة مجدل عنجر البقاعية الطريق نحو معبر المصنع الحدودي مع سورية رداً على قطع طريق المطار ليل أول من أمس، وعادوا ففتحوها بعد إنذار من الجيش. وأصدر زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بياناً استنكر فيه خطف أي شخص في لبنان تحت ذريعة المقايضة لأن الخطأ لا يمكن أن يعالج بالخطأ «لئلا تؤدي مثل هذه الممارسات الى الانجرار لتحقيق أهداف النظام السوري». واعتبر أن «قطع طريق المطار أو طريق المصنع أو أي طريق أمر خطير ومرفوض لأنه يؤدي الى عزل لبنان عن محيطه العربي والعالم». وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن هناك اتصالات حثيثة لحل ملف المخطوفين، وأكد أن طريق المطار لن تقفل وستتم ملاحقة المتطاولين على القانون، ودافع ميقاتي عن حكومته التي تعرضت لهجوم من قبل قوى 14 آذار في اجتماع هيئة الحوار وقال إنها تقوم بكل واجباتها، وقال: «طالما نستطيع معالجة الأمور بهدوء وروية فلماذا اللجوء الى خيار القوة؟». وفيما أدت التطورات الأمنية الى تراجع الاهتمام بقضية توقيف الوزير والنائب السابق ميشال سماحة الذي خضع لجلسة استجواب ثانية أمس، لخص أحد المشاركين في هيئة الحوار ما حصل من نقاش قبل أن يحدد موعد اجتماعها المقبل في 20 أيلول (سبتمبر) المقبل، بالقول إن التشنج في الشارع انعكس على أجوائها. وأضاف: «الجميع تحدث عن انحدار هيبة الدولة وفريق 14 آذار أعاد الأمر الى استمرار السلاح حيث وصف السنيورة الفلتان بأنه متعمد ومسرحية معروفة الأغراض لإخضاع اللبنانيين لإرهاب السلاح، فيما رأى فريق 8 آذار أن ضرب هيبة الدولة حصل نتيجة ما حصل في عكار من ظهور للسلاح واستهداف للجيش اللبناني (بعد مقتل الشيخ أحمد عبدالواحد) وظاهرة اعتصام الشيخ أحمد الأسير». ورد عليه السنيورة بأن «ما حصل في عكار وقفنا ضده ولم نكن مع اعتصام الأسير»، مطالباً «حزب الله» بإصدار موقف مماثل ضد قطع الطرقات وخطف السوريين كما فعل الحريري.