نجحت حال «الهستيريا الجماعية» التي عمت أهالي المخطوفين اللبنانيين في سورية وترجموها خلال أكثر من 36 ساعة عمليات خطف مضاد عشوائية في لبنان وقطع طرق ولا سيما طريق المطار الدولي، في دفع آلاف العمال السوريين المقيمين في لبنان، إما إلى مغادرة لبنان في شكل نهائي، أو أقله لقضاء عطلة الأعياد في بلادهم ريثما تنجلي الأوضاع، أو إلى التواري بعيداً من «عيون الراصدين» التي تلاحقهم في ضاحية بيروت الجنوبية أو في البقاع، وحتى في بيروت، وانزووا داخل غرفهم، فخلت ورش البناء منهم وأمكنة تجمعاتهم على الطرق سعياً وراء أرزاقهم. «وقف العمليات العسكرية» وعصر أمس، أعلن الناطق باسم عائلة المقداد ماهر المقداد في مؤتمر صحافي من مقر رابطة العائلة «وقف الأعمال العسكرية على الأراضي اللبنانية»، مؤكداً أن «لا تنسيق بيننا وبين أحد». والإعلان الذي جاء غداة حال استنكار عارم من قبل الرأي العام اللبناني والسياسي تحديداً، لما آل إليه الوضع الأمني في البلاد، ترافق مع إشكال حصل في مقر الرابطة وأمام كاميرات البث الحي وفي حضور عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي المقداد الذي تدخل لدى إعلان ماهر المقداد الموقف رافضاً استخدام جملة «عمليات عسكرية» فرد أحد المتحمسين من العائلة والموجودين في المكان عليه بالقول: «ما خصك إنت وحزبك» (حزب الله)، وسمع إطلاق نار في محيط المقر ثم حصل صراخ وترددت شتائم وأمر أحدهم الإعلاميين بمغادرة المكان وحصل هرج ومرج بين آل المقداد أنفسهم بعيداً من عيون الإعلاميين. وغادر النائب المقداد المكان معلناً أنه لن يعود إليه. وكانت عمليات الخطف تواصلت صباح أمس، على خلفية خطف الشاب اللبناني حسان المقداد في ريف دمشق من قبل جهة أعلنت عن نفسها أنها «الجيش السوري الحر». وأقدم الخاطفون الذين ينتمون إلى ما سمي «الجناح العسكري» في عائلة المقداد على خطف المزيد من السوريين في لبنان من عمال أو طلاب، فيما أفرجت عن آخرين قال الناطق ماهر المقداد إنه «ثبت لنا أن لا علاقة لهم بالجيش الحر». وشارك في عملية «الغربلة» النائب السوري أحمد الشلاش الذي وجد في مقر رابطة عائلة المقداد منذ أول من أمس، وذلك وفق ما أعلن ماهر المقداد في مؤتمر صحافي عصر أمس، إذ قال إعن العائلة «أبقت على مناصرين للجيش الحر ومتورطين فيه وممولين له وساعدنا النائب الشلاش في التعرف إلى من لا علاقة له بهذا الجيش وأطلقنا سراحهم، ويبلغ العدد النهائي للمحتجزين لدينا 20 سورياً وغداً سنعلن في مؤتمر صحافي تفاصيل أخرى». واتهم «طابوراً خامساً بالدخول على الخط وخطف أشخاص لا علاقة لنا بهم والتعدي على محطة اليسارية». وكان ماهر المقداد قابل وزير الخارجية عدنان منصور الذي طلب منه إطلاق سراح المحتجز التركي لدى العائلة ولدى خروجه من اللقاء أعلن أنه رفض الأمر لأن الوزير «لم يسأل عن حسان المقداد وسأل فقط عن المخطوف التركي». وحرص على تأكيد أن العائلة لن تخطف «أي مواطن خليجي أو عربي وأن مشكلتها مع الجماعة الخاطفة أي مع ما يسمى الجيش السوري الحر». ولفت إلى «أن آل المقداد هم في انتظار مبادرة الصليب الأحمر الدولي للاطمئنان إلى صحة حسان المقداد الموجود في سورية». وسجل في هذا السياق، إطلاق السوري بهايا صياد البهايا الذي كان خطف من بعلشميه، «بعدما ثبت أنه ليس من الجيش السوري الحر»، وفق ما جاء في «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) وعاد إلى منزله. وفي المقابل، أعلنت مجموعة تُطلق على نفسها اسم «سراي المختار الثقفي» تبنيها خطف «عناصر من الجيش السوري الحر»، وقال أحد عناصرها ل «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إنه «تم خطف خمسة سوريين صباح اليوم (أمس) في بيروت وخمسة آخرين في منطقة البقاع وتمت استضافتهم، نحن طلاب ثأر لشرف وكرامة، وكل من يتبين أنه يدعم الجيش الحر سيكون هدفنا». وعن جنسية المخطوفين، قال: «اليوم هم سوريون ولكن في فترة لاحقة لن يكونوا فقط كذلك»، لافتًا إلى أنه «ستتم محاسبة كل من نسي دينه وسهل عملية خطف اللبنانيين في سورية خصوصاً أن هناك معلومات تشير إلى أن لبنانيين سهلوا إتمام هذه العمليّة». وعرضت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» شريطاً مصوراً لأحاديث مع مخطوفين سوريين لدى هذه المجموعة. وكان الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى ل «الجيش السوري الحر» لؤي المقداد دعا في تصريح تلفزيوني من سورية، عائلة المقداد إلى «التنبه من أن يكون خطف حسان المقداد تم من قبل أجهزة الاستخبارات السورية للإيقاع بين الشعبين اللبناني والسوري». «اليسارية» : ملثمون اعتدوا على مقرنا وأعلنت إدارة قناة «اليسارية» (مركزها في ضاحية بيروت الجنوبية ويملكها قدري جميل وهو وزير سوري) أن «مقر المحطة تعرض ليل اول من أمس وكذلك استوديواتها وتجهيزاتها وكادرها لاعتداء آثم، نفذه أكثر من 40 مسلحاً ملثماً، غير معروفي الإنتماء الحزبي أو العائلي، وحطموا المعدّات وخربوها وسرقوها وخطفوا ثلاثة موظفين، واعتدوا على من صادفوهم من المواطنين وكل من سألهم من سكان المنطقة مستفسراً عما يفعلون». ولفتت الادارة الى أنه «بعد اتصالات مع جهات رسمية وحزبية ومع آل المقداد اطلق سراح المخطوفين». واذ استغربت «استهدافها بعدوان مخطط، نفذته عناصر مدربة، ولا سيما أن القناة تعمل في منطقة من المفترض انها آمنة وتحت حراسة مخابرات الجيش والحرس الجمهوري وأمن المقاومة»، وضعت «الجهات الرسمية والحزبية أمام مسؤولياتها مطالبة باتخاذ الإجراءات الفورية لاستعادة ممتلكاتها المنهوبة ومحاسبة المرتكبين». مأساة مخطوفين ومسافرين وعلى خط ملف المخطوفين اللبنانيين ال11 في سورية، فإن أهاليهم الذين نزلوا إلى طريق المطار ليل أول من أمس، للتعبير عن مأساتهم لعدم معرفة مصير المخطوفين بعد القصف الذي تعرضت له منطقة إعزاز من قبل الجيش السوري النظامي حيث يحتجز اللبنانيون من قبل مجموعة سورية معارضة بقيادة «أبو إبراهيم»، أقدموا على قطع الطريق بالإطارات المشتعلة أمام عيون جنود الجيش اللبناني، ما تسبب بمأساة أخرى للمسافرين أو العائدين من السفر فاحتجزوا في المطار أو مشوا مع حقائبهم إلى حيث ينتظرهم أهاليهم وبينهم أطفال وفتيات وشبان. وكثر بكوا لتفويتهم موعد رحلاتهم إلى الخارج حيث يعملون. وتمكن الجيش اللبناني من إعادة فتح طريق المطار فجر أمس بالاتجاهين، وسط انتشار أمني كثيف. وبقي مصير المخطوفين ال11 مجهولاً في ضوء تضارب المعلومات عنهم، فأكد رئيس المكتب الإعلامي ل «قوات إعزاز» محمد نور، في تصريح تلفزيوني، أنه «تم انتشال 4 جثث من المخطوفين وأن ال7 الآخرين بحال جيدة وهم مع أبو إبراهيم في مكان آمن». لكن في المقابل قال الناطق باسم أهالي المخطوفين الشيخ عباس زغيب إنه «حصل تواصل مع بعض الخاطفين وليس مع أبو ابراهيم وأكد لنا أنهم بخير وهم موجودون في تركيا»، على أن صاحبة حملة «بدر الكبرى» حياة عوالي قالت إنه «تم الاتصال بخاطف اللبنانيين ال11 أبو إبراهيم، وأفاد بأنهم بخير، ولم يتعرّضوا لأي شيء، ولم يكونوا في منطقة إعزاز التي تعرّضت للقصف». رد الصليب الأحمر ولاحقاً، أكدت المسؤولة الإعلامية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر سمر القاضي «أن اللجنة لا تتحرك في أي أمر إلا بعد أن يتم الطلب من عائلة المفقود مباشرة لدى اللجنة والعمل على تأمين التواصل والسعي لمعرفة أخباره»، مشددة على أن «اللجنة ليست طرفاً في أية محادثات لإطلاق مخطوفين أياً كانوا، لكنها تتدخل كوسيط محايد إذا طلب منها، لتأمين عملية تسليم الأشخاص المخطوفين، وهذا الطلب يتم من جميع الأطراف المعنيين وبطريقة شفافة وفي ظل تأمين الشروط الأمنية المطلوبة». ونفت في تصريح «تلقي اللجنة الدولية أي اتصال بطريقة مباشرة من عائلة المقداد بخصوص ولدها المخطوف في سورية»، لافتة إلى أن «اللجنة تواصل عملها ومحاولاتها مع خاطفين الزوار اللبنانيين ال11 وبذل الجهد لتأمين الأخبار عنهم والتواصل معهم، بعدما كلفتها عائلاتهم في لبنان متابعة الموضوع كوسيط محايد». تحرك الدولة وكانت الدولة التي غابت عن السمع طوال نهار أول من أمس، تحركت ليلاً فحذر رئيس الجمهورية ميشال سليمان، من «مغبة اللعب بالسلم الأهلي وتهديد أمن اللبنانيين والمقيمين على أرض لبنان إلى أي دولة انتموا، تحت أي عنوان أو قضية لأن نشر الفوضى لا يسترجع مخطوفاً أو يستعيد حقاً بل يضيع الحقوق ويعرض حياة أبنائنا للخطر ويهدد كيان الدولة الضامنة لحياة الجميع وحقوقهم». وإذ أكد «تعاطفه مع معاناة المحتجزين وقلق أهاليهم»، شدد أمام قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين استدعاهم إلى قصر بعبدا على «ضرورة تطبيق قرار مجلس الوزراء القاضي بمنع قطع الطرقات وحماية مقار بعثات الدول الصديقة والشقيقة، لا سيما منها السعودية وقطر وتركيا وسورية لأن في ذلك مسؤولية سيادية وقانونية وأخلاقية». وحض القيادات السياسية على «ضبط الانفعالات ومساعدة الدولة عبر الالتزام بإعلان بعبدا». ودعا وسائل الإعلام إلى «تحمل مسؤولياتها المهنية والوطنية بعدم التحريض». واتخذت الأجهزة الأمنية تدابير أمنية مشددة حول منازل يملكها خليجيون في قضاء عاليه. وأقيمت نقاط أمنية ثابتة وسيرت دوريات أمنية منذ ليل أول من أمس. وأعلن عن عودة السفير الكويتي لدى لبنان عبدالعال القناعي بعد ظهر أمس إلى لبنان آتياً من الكويت.