يتلقى ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز البيعة من مواطنين في مقر قصر الحكم في الرياض اليوم السبت (بعد صلاة المغرب)، فيما يستقبل أمراء مناطق السعودية ال13 اليوم (بعد صلاة الظهر) في دواوين إمارات مناطقهم العلماء والمشايخ والمسؤولين من مدنيين وعسكريين وجموع المواطنين، لتلقي البيعة نيابة عن ولي العهد الذي اختاره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، إثر وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز السبت الماضي خارج المملكة. وقال أستاذ جامعي سعودي متخصص في التاريخ ل«الحياة» إن البيعة تمثل «رسالة للعالم الخارجي، لتأكيد استقرار الحكم في السعودية». وذكر أن البيعة تأتي استمراراً لتقليد إسلامي ممتد منذ عهد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين. إلى ذلك، ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أمس (الجمعة) أن الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي توفي الأسبوع الماضي في جنيف كان شخصية دائمة الحضور في شؤون الشرق الأوسط على مدى 40 عاماً. وشددت على أن المملكة العربية السعودية اكتسبت قدراً من الأهمية أكبر من أي وقت مضى، بصفتها حليفاً مهماً وشريكاً تجارياً رئيسياً، في ظل الاضطرابات التي تشهدها البلدان الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، ولا تلوح لها نهاية في الأفق، خصوصاً مصر. وأشارت إلى النشاط المكثف الذي قام به ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز منذ تعيينه وزيراً للدفاع، عقب وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز أواخر العام 2011، إذ زار جميع القواعد والقطاعات العسكرية في أرجاء المملكة، وتفقد القوات المسلحة السعودية المرابطة على الحدود من اليمن إلى العراق. وأضافت «التايمز» أنه بدأ عمله وزيراً للدفاع بتعزيز العلاقات مع حلفاء المملكة بزيارات إلى لندن وواشنطن. وقالت إن مسؤولي وزارة الدفاع في لندن يتحدثون عن الأمير سلمان بن عبدالعزيز بتقدير واحترام كبير. وفي سياق متصل، حصلت «الحياة» على وثيقة حصرية لبيعة حدثت في السعودية قبل أكثر من 60 عاماً، يُخَوِّل فيها الملك الراحل سعود بن عبدالعزيز أخاه الأمير نايف بن عبدالعزيز - أمير الرياض آنذاك - قبول البيعة نيابة عنه، في عام 1953، بعد وفاة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود. وأكّد أستاذ التاريخ السعودي عويضة الجهني ل«الحياة» أن مبايعة الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد اليوم، هي رسالة للعالم الخارجي باستقرار الحكم في داخل المملكة. ووُجّهت الوثيقة - التي حصلت «الحياة» عليها من أرشيف المؤرخ راشد بن عساكر- إلى قاضي الرياض سعود بن رشود، ونصها: «إن إمام المسلمين صاحب الجلالة سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، قد استخلف أخاه سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز أمير الرياض، لقبول البيعة نيابة عن جلالته، وإن شاء الله سيكون سموه بمجلسه بالديرة الساعة الثالثة (بالتوقيت الزوالي) من صباح غد الأحد لقبول البيعة». ورأى المؤرخ ابن عساكر أن «نظام البيعة مستمد من التعاليم الإسلامية، التي توجد فيها البيعة منذ العهد النبوي، وفي عهد الخلفاء الراشدين، ثم تأصلت في عهد الخلفاء الذين كانوا من أسرة واحدة كالدولة الأموية، واستمرت في الفترات اللاحقة عبر الدول المتعاقبة». وأكد أن «العادة جرت أن يبايع ولي العهد في حكمه، وتختلف البيعة في الأطر الزمانية والمكانية، وتختلف في الكلمات، ولكن يتحد المضمون، وربما يزيد بعض المبايعين كلمة واحدة، ولكنها كلها تدور حول السمع والطاعة، والبيعة على الكتاب والسنة». وذكر أستاذ التاريخ الحديث الجهني أن المبايعة ليست لها «مراسم معيّنة، وإنما يأتي الموطنون بشكل اعتيادي من دون كلمات ثابتة. ورأى أن «البيعة هي رسالة من الداخل إلى الخارج، مفادها أن الأمور مستتبة، وتداول الحكم سلس».