تحدثت في المقالين السابقين عن قراءة في الحقوق المدنية للفرد السعودي، بحسب ما جاء في كتاب «أسوار الصمت»، للكاتب وليد الماجد، وتحدثت عن أربعة حقوق أساسية يشترك فيها جميع المواطنين: حق السكن، حق العلاج، حق التعليم، حق التعلم التي من دونها لا يستقيم للمواطن عيش، ولا يمكن أن نكلفه بأن يكون عضواً فاعلاً في مجتمعه ووطنه من دون توفرها أولاً. وسأفرد هذا المقال لما جاء في الباب الثالث من الكتاب عن حقوق المرأة في السعودية، هذا الفصل من الكتاب هو ما توقفت عنده كثيراً، وأصبت بغصات وأنا أقرأ وضع المرأة في قوانين شرعنت عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان. وفي ظل غياب المراقبة للجهات التنفيذية المتقاعسة عن تطبيق المراسيم الملكية المتعلقة بالمرأة، وقد يكون أحد الأسباب أن هذه المراسيم مبعثرة بدلاً من حصرها في نظام موحد، وغياب المعاقبة للجهات التي تتخذ إجراءات تعسفية غير منصوص عليها في اللوائح والقوانين وتحرم بسببها النساء من حقوق كثيرة ظلماً وعدواناً، لكن الأكثر إيلاماً في هذا الشأن هو غياب الوعي عند المرأة بحقوقها أو تلقينها المفاهيم الغلط على أنها من شرع الله، وبالتالي يجب عدم مناقشتها أو مساءلتها، لدرجة وصلت لشيطنة كل ما يتعلق بموضوع حقوق المرأة، وإلصاق تهم التغريب والمؤامرة لمن يتجرأ على فتح هذا الملف للنقاش، حتى أصبحت المرأة عدو نفسها بالتصدي لمحاولات كسر هذه القيود التي اعتادت عليها دهراً. وبذلك تم تهميش المرأة في مشاريع التنمية حتى أصبحت عالة على المجتمع والرجل معاً. المرأة السعودية نفسها لا تزال تعاني من عدم وجود مؤسسات تدافع عن حقوقها من دون وصاية الرجل، فهي مستثناة من جميع مواقع صنع القرار، حتى إشعار آخر. يقول وليد الماجد في مقدمة الفصل الثالث: «كان إلصاق مصطلح حقوق المرأة ب«تهمة التغريب» فاعلاً، إذ نجح في تفريغ هذا المصطلح من قيمته وأهميته في المجتمع وأسهم في خلق شعور تنفيري تجاهه. طغت عندنا نظرية المؤامرة في موضوع المرأة، وفي كل الاتفاقات الدولية الصادرة في هذا الشأن، وتم تسويقها على الدوام كمشروع يراد من خلاله فقط النفاذ للمجتمع وتدميره! كم كان هذا تحليلاً متخماً بالتضخيم وفاقداً للواقعية». المرأة السعودية الحال الفريدة الوحيدة في العالم التي لا يحق لها اللجوء للقضاء من دون الاستعانة بالرجل، وهي الزوجة الوحيدة في العالم التي يطلقها زوجها من دون علمها فيبقى اسم المطلقة ضمن «دفتر العائلة» ليتاجر باسمها. وهناك تعميم وزارة العدل برقم 8/26/ت وتاريخ 27/2/1410ه يشير إلى أن نفقة المطلقة الحامل حتى تلد وسكنها من مسؤولية الرجل، لكن المرأة تتجه إلى بيت أهلها فور طلاقها. والتعميم نفسه جاء صريحاً في عدم منح الأب حق منع الأطفال الذين في حضانة أمهم من السفر معها للخارج، إلا أن الجوازات تمنع المرأة من اصطحاب أطفالها من دون إذن الأب. نظام القضاء الجديد الصادر بالمرسوم الملكي 78/م وتاريخ 19/9/1428ه نص على محاكم متخصصة للأحوال الشخصية اختصاصها قضايا الأسرة، ولا تزال هذه المحاكم مع قانون الأسرة حبراً على ورق. وغيرها من التعاميم التي عرضها في هذا الفصل التي تجهلها المرأة فتبقى طي النسيان. [email protected] manal_alsharif@