تباينت آراء السعوديين بين مؤيد ورافض لإعلان مجموعة من الدعاة والفقهاء إطلاق حملة تبرعات لإغاثة الشعب السوري، خصوصاً بعد مجزرة الحولة الأخيرة، إذ تركزت نقاشات المؤيدين والمعارضين حول مشروعية إطلاق هذه الحملات من دون إذن رسمي من السلطات المختصة. ويعود تباين الآراء بين السعوديين إلى تجارب تنظيم القاعدة التي استغل من خلالها حملات التبرع للمسلمين خارج المملكة بالاستفادة منها في أعمالهم الإجرامية. وأكد علماء سعوديون شاركوا في إطلاق الحملة عبر بيان تم تداوله في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن الحملة انطلقت وفقاً للموقف الرسمي المعلن للمملكة من القضية السورية. ونص البيان: «بناءً على الموقف المعلن رسمياً وشرعياً تجاه قضية إخواننا في سورية من دعمٍ ومؤازرةٍ ووجوبِ نصرةٍ، أطلق القائمون على الحملة مبادرة لاستقبال التبرعات النقدية فقط لنصرة الشعب السوري، بمسمى «لجنة العلماء لنصرة سورية»، وخصص القائمون على اللجنة أرقاماً لمشايخ ودعاة في مختلف مناطق المملكة». ورأى الكاتب الصحافي عبدالله بن بجاد أن جمع التبرعات يجب أن يتم في إطار رسمي عبر مؤسسات الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني المعترف بها، مضيفاً: «ما يجري في سورية من أحداث وما تنقله وسائل الإعلام يفرض على كل إنسان التعاطف مع الشعب السوري، ولكن قضية جمع التبرعات إذا لم تؤطر بشكل رسمي فقد تشكل خطورة». وقال ابن بجاد: «نحن جربنا سابقاً في حملات التبرع للمسلمين في البوسنة، الشيشان، وأفغانستان، تسرب بعض الأموال إلى تنظيمات إرهابية أبرزها تنظيم القاعدة، لذا فالخطورة تكمن في قيام أفراد وأئمة مساجد ومعلمين في المدارس بجمع التبرعات تحت اسم نصرة الشعب السوري من دون أن يكون مصرحاً لهم نظامياً». وضج المغردون السعوديون في موقع «تويتر» بمناشدات لدعم ثوار سورية بالمال عن طريق إرسال رسائل نصية إلى أرقام هواتف محمولة مجهولة المصدر. وطرح أحد المغردين سؤالاً على منسق تلك الحملات مشككاً في وجهة الأموال، وأراد رداً مقنعاً على استفساراته وتوضيحاً أكثر بقوله: «الفرق أن أموال التبرعات لم نعد نعلم أين تذهب»، فكان رد المنسق: «اترك عنك أسلوب التشكيك، وإن كنت طالب حق فتعال إليّ لتعرف إلى أين تذهب الأموال التي أجمعها»، مضيفاً: «واعلم أن شرار الخلق من يبتغي العيب في البريء من الناس، أرجوك يا أخي كن رفيقاً بإخوانك الذين يسعون في الخير». وحاولت «الحياة» أن تتواصل مع المنسق، إلا أنه تجاهل كل رسائلها له على «تويتر» للتعرف على مدى نظامية جمع الأموال وطرق إنفاقها، إلا أن المنسق والقائمين على الحملة اكتفوا بإرسال رسالة نصية تبين أرقام الحسابات، واسم صاحب الحساب، مطالبين بإبلاغهم بتحويل المبلغ نصياً عن طريق رسالة موجهة إلى الرقم المجهول، ويرفضون أي طريقة اتصال أخرى كالمكالمة الهاتفية. ويرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية الدكتور أنور عشقي في حديثه إلى «الحياة» أن جمع التبرعات عند المساجد أو بأية طريقة غير مباشرة سواءً في «تويتر» أم أية وسيلة إلكترونية أخرى، أمر مرفوض في السعودية، إلا أن يكون التبرع عن طريق القنوات الرسمية. ويضيف: «الذي يقوم بالعمل قد يتورط في دعم الإرهاب ويدخل في مساءلة، وهذه المساءلة قد تؤدي به إلى مشكلات، فعملية التبرعات هذه لا بد أن تخضع لأمر حكومي، وهناك اتفاق دولي على أن تتم عملية جمع التبرعات عبر القنوات الرسمية». ويشير عشقي إلى أن جمع التبرعات بهذه الطرق قد يؤدي إلى النصب والاحتيال على الناس، أو قد تذهب تلك الأموال إلى الإرهابيين، مؤكداً أن الجماعات المتطرفة تعاني الآن أزمات مالية، ويلاحظ ذلك في مواقعهم الإلكترونية حين يذيعون حاجتهم للمادة، «فقد يحتالون بأية طريقة للحصول على المال». إلى ذلك، كشف مصدر أمني مطلع في شرطة منطقة الرياض أن الشرطة لم تتلقَّ أي توجيه في شأن جمع التبرعات لدعم الشعب السوري.