وسط استياء شعبي ومخاوف من تقييد الفن وحرية التعبير في مصر، أيَّدت محكمة استئناف الهرم الحكم الصادر من محكمة الجنح، القاضي بسجن الممثل عادل إمام، ثلاثة شهور بتهمة ازدراء الأديان في عدد من أفلامه السينمائية التي تناول فيها شخصية الإسلاميين المتطرفين. وجاء الحكم في الدعوى القضائية التي رفعها المحامي الاسكندري السلفي عسران منصور على عادل إمام، فيما تحقق النيابة العامة بقضية قدح وذمّ إمام للمحامي خلال ظهوره عبر أحد البرامج التليفزيونية، على خلفية الدعوى. ووفقًا لدرجات التقاضي في مصر، فإن بطل «الإرهاب والكباب» ليس أمامه سوى السعي الى نقض الحكم، وهي المرحلة الأخيرة من درجات التقاضي، على أن يكون حكم المحكمة في المرة المقبلة نهائياً وواجب التنفيذ. وكان منصور رفع دعوى ضد إمام، قبل سنوات يتهمه فيها بالإساءة الى الدين الإسلامي في مسرحية «الزعيم» وكل من الأفلام «مرجان أحمد مرجان» و «طيور الظلام» و «الإرهاب والكباب». وقرّر إمام إثر صدور الحكم عدم التعليق عليه، لكنه أكد أنه سيستأنفه أمام محكمة أخرى، موضحاً انه متمسك بما قدمه من أعمال فنية لاقت إقبالاً جماهيرياً ولا يوجد فيها ما يسيء لأي دين. وأضاف: «رجل الدين وتقديم شخصية رجل الدين شيء والإساءة للدين شيء آخر». وكان محامي الدفاع عن عادل إمام طلب في مرافعته في جلسة سابقة، عدم قبول الدعوى لانتفاء الضرر الشخصي المباشر على المدعي بالحق المدني وإلغاء الحكم بحبس موكله، معتبراً «أن الأعمال الفنية التي قدَّمها لا تسيء إلى الإسلام مطلقاً وسبق عرضها على هيئة المصنفات الفنية التي وافقت على تقديمها للناس، على نحو يؤكد خلوها من أي إساءة أو تشويه». وقال نقيب المهن التمثيلية أشرف عبد الغفور إن «الحكم الذي صدر أمس، بتأييد سجن إمام، هو الحكم نفسه الذي أصدره القاضي محمد عبد العاطي لكنه ليس قاطعاً ولا نهائياً». وأضاف: «سنستأنف ضد الحكم وسيكون هناك 3 قضاة مختلفين ولهم رأي آخر». وأوضح أن المستشار القانوني للنقابة يعمل بجهد من أجل قضية إمام، لافتاً إلى تنظيم مسيرتين تنطلقان صباح اليوم، من مسرح «ميامي» وصولاً الى دار القضاء العالي في القاهرة، لتأكيد رفضهم الحكم. وأصدرت «جبهة الإبداع» بياناً أكدت فيه أن الدين لا يتعارض مع الفن، وأنها مستمرة في مساندة إمام، مهددة بتصعيد الأمر داخلياً وخارجياً لمواجهة ما وصفته ب «تيارات التخلف والتكفير». كما دعت الى تنظيم وقفة تضامن أمام محكمة العجوزة في شارع السودان، بناء على طلب من المنظمات الحقوقية المسؤولة عن القضية، وذلك لتقديم بلاغ للتفتيش القضائي حول مخالفات الحكم على عادل إمام. ورفض الممثل سامي العدل ما يتعرض له إمام، معتبراً ان بطل «الزعيم» و «شاهد ما شافش حاجة» يساوي هرم خوفو. وأكد العدل أن الحكم الصادر ضد إمام غيابي، ولو ذهب الى المحكمة لحصل على البراءة، معوّلاً على الاستئناف. وأكد أن «لا خوف على الفنان من مثل هذه القضايا، إذ إن جماعة الإخوان المسلمين لن يفرضوا وصايتهم على الفن». ورأى أن المحامي عسران منصور رفع دعوى على «الزعيم» من أجل الشهرة، وسبق له رفع دعاوى قضائية ضد الممثلتين يسرا ودلال عبد العزيز. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بأن هذا الحكم يمثل إنذاراً للفنانين والمثقفين من أصحاب التوجهات الليبرالية تجاه القوة المتصاعدة للإسلاميين في مصر في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. ونقلت الصحيفة عن الناشطة في منظمة «هيومن رايتس ووتش» هبة مورايف، قولها إن «القضية تمثل واحدة من كثير من الإدانات الصادرة في قضايا مماثلة». وتخوّفت الناشطة من اعتبار هذه الإدانات أمراً عادياً. وتأتي هذه القضية في ظل الشكوك المحيطة بالحكومة المصرية، وفي الوقت الذي تعهد فيه حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» باحترام حرية الفن. يذكر أنه حُكم على عادل إمام بالسجن في العام 1982 بتهمة إهانة القضاء في فيلم «الافوكاتو»، إلا أنه استأنف الحكم.