يثور جدال بين الصحافيين والأطر والكتل الصحافية في الأراضي الفلسطينية حول انتخابات نقابة الصحافيين المزمع عقدها غداً الجمعة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية. وشهدت الساحة الصحافية خلافات عميقة بعد اعلان الأمانة العام للنقابة اصرارها على تنظيم هذه الانتخابات في الضفة وغزة بعيداً من التوافق الوطني بين مختلف الأطراف. وألقى الانقسام السياسي بين حركتي «فتح» و»حماس» بظلال كثيفة على أوضاع النقابة والانتخابات. وذكرت الأمانة العامة التي تم انتخابها في شباط (فبراير) 2010 إنها أنجزت كل التحضيرات اللازمة لتنظيم الانتخابات. إلا أن الأطر والكتل والمؤسسات الاعلامية في قطاع غزة، بمن فيهم صحافيون مستقلون يرون أن هذه الانتخابات تستبعد إشراكهم فيها، خصوصاً وأن الأمانة العامة لم تحدد حتى الآن مكان انعقاد الجمعية العمومية للنقابة في القطاع، في حين حددت مكان انعقادها في رام الله، الأمر الذي يعزز فرضية استثنائهم. وكان صحافيون ينتمون لحركتي «حماس» و»الجهاد الاسلامي» سيطروا على مقر النقابة في مدينة غزة في السابع من تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، وشكلوا لجنة لتسيير أعمال النقابة، معتبرين أن الأمانة العامة غير شرعية وجاءت نتيجة انتخابات مزورة نظمتها حركة «فتح» التي تسيطر على مقاليد الأمور فيها. وطالبت الأمانة العامة هؤلاء الصحافيين بإخلاء مقر النقابة من دون جدوى، الى أن قدمت «شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية» في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مبادرة لطي صفحة الانقسام وانهاء أزمة نقابة الصحافيين المستمرة منذ عقدين من الزمن. ووافق «المكتب الصحافي الحركي» التابع ل»فتح» و»كتلة الصحافي الفلسطيني» التابعة ل»حماس» على المبادرة. وعقد ثلاثة ممثلين للشبكة لقاءات منفصلة مع الطرفين للحوار حول سبل تنفيذ المبادرة سرعان ما تحولت الى لقاءات وجهاً لوجه بينهما برعاية الشبكة. وتم في أعقاب ثلاث جلسات من الحوارات المكثفة التوصل الى اتفاق في 28 الشهر الماضي. وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ الاتفاق اعتباراً من الأول من آذار (مارس) الجاري على أن يتم ارجاء تنظيم الانتخابات الى 23 من الشهر الجاري. وينص الاتفاق على «تشكيل لجان للتحضير للانتخابات والاشراف عليها وأخرى لتنسيب الأعضاء الجدد الذي استوفوا الشروط المنصوص عليها في النظام الأساس»، بعدما ظل باب العضوية مغلقاً في وجوههم سنوات طويلة، وأن «يعود العمل في مقر النقابة في غزة كالمعتاد» أي قبل السيطرة عليه من قبل صحافيي «حماس» و»الجهاد». إلا أن المكتب الحركي للصحافيين (فتح) رفض التوقيع على الاتفاق وأبدى ملاحظات عليه، على رغم موافقته عليه واطلاعه على تفاصيله وتفاصيل الحوارات والنقاشات أولاً بأول من خلال ممثليه في غزة. وأجرى ممثلو شبكة المنظمات الأهلية اتصالات وحوارات كثيرة، وبذلت «الجبهة الشعبية جهودا كبيرة، بالشراكة مع «الشبكة» لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية، خصوصاً بعدما أعلنت «كتلة الصحافي» التابعة ل»حماس» أنها ستنظم انتخابات في غزة في 18 الجاري رداً على انتخابات رام الله. الى ذلك، طالبت الشبكة ومنظمات حقوق الانسان ب»اجراء انتخابات موحدة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس». جاء ذلك في ختام اجتماع عقده ممثلو الشبكة مع ممثلين عن «المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية» و»المركز الفلسطيني لحقوق الانسان» و»مركز الميزان لحقوق الانسان» و»مؤسسة الضمير لحقوق الانسان» في مقرها في مدينة غزة أمس. وأكدت المجتمعون «رفضهم اجراء أية انتخابات احادية في الضفة الغربية من دون قطاع غزة، أو بالعكس، بما يكرس الانقسام»، وحذروا من «تداعيات خطيرة على الجسم الصحافي». وشدد المجتمعون على «ضرورة تحييد العمل النقابي الصحافي عن دائرة التجاذبات السياسية، وتغليب المصلحة العليا للوطن ورفض أية مبررات تمنع اجراء الانتخابات في شكل موحد وتعيد الاعتبار لنقابة صحافيين مهنية». ودعوا الى «ضرورة اصلاح الجسم الصحافي قبل اجراء أية انتخابات، بما في ذلك ملف العضوية والتحضير للانتخابات على قاعدة الشراكة والوحدة». وناشدوا الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل والقيادات الفلسطينية كافة الى «تحمل مسؤولياتهم من أجل ضمان اجراء انتخابات موحدة لنقابة الصحافيين على أساس الاتفاق والتوافق». ودعوا الاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب الى «التدخل لمنع اجراء أية انتخابات في ظل انقسام الجسم الصحافي، والعمل على تهيئة الظروف لضمان اجراء انتخابات موحدة على قاعدة الشراكة والنزاهة والشفافية». وكانت لجنة الحريات العامة المنبثقة عن حوار القاهرة عقدت اجتماعاً لها قبل أيام قليلة في غزة تبنت خلاله الاتفاق، وأجرت اتصالات مع قياديين من «فتح» لاقناعهم بضروره توقيعه وتنفيذه كاملاً من دون شروط. وذكرت اللجنة انها «أوصت بعدم إجراء انتخابات نقابة الصحافيين (غداً) في ظل وجود خلاف بين حركتي حماس وفتح، إلى حين حل جميع الإشكالات العالقة».