قتل وجرح عشرات من الجنود والضباط في صفوف الجيش اليمني في منطقتي دوفس وشقرة والمناطق المحيطة بمدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين (جنوب) في هجمات شنّها مئات المسلحين من أتباع تنظيم «القاعدة» على لواءين للجيش في ساعة مبكرة من فجر أمس، واستولوا خلالها على عشرات العربات المدرعة والآليات العسكرية، وكميات كبيرة من الذخائر والعتاد تم نقل معظمها على شاحنات وسيارات رباعية الدفع إلى مخابئ في مديرية جعار، قبل أن يتدخل الطيران الحربي ويقصف المسلحين داخل المعسكرات التي استولوا عليها، في وقت وصلت تعزيزات من قوات الحرس الجمهوري وكتائب مكافحة الإرهاب واشتبكت مع مسلحي «القاعدة» وتمكنت من إعادة فتح الطريق بين زنجبار ودوفس بعد مواجهات عنيفة استمرت ساعات وأسفرت عن مقتل وجرح عشرات المسلحين. وأكدت ل «الحياة» مصادر قريبة من مقاتلي «أنصار الشريعة» التابعين ل «القاعدة» في محافظة أبين بأن نحو 300 مقاتل من «أنصار الشريعة» وتنظيم «قاعدة الجهاد» في جزيرة العرب شاركوا في عمليات اقتحام معسكر اللواء 39 مدرع واللواء 119 مشاة أمس في جوار زنجبار في إطار سلسلة عمليات «النهر المتدفق» التي قرر تنظيم «القاعدة» تنفيذها في اليمن وتستهدف وحدات الجيش. وقالت المصادر ان خطة الهجوم في أبين بدأت بعدد من التفجيرات نفذها انتحاريون بوسائل مختلفة بهدف فتح المنافذ أمام المهاجمين وإرباك القوات المرابطة في المعسكر. وأضافت ان مسلحي «القاعدة» سيطروا على الطرق والمنافذ بين زنجبار ودوفس قبل ساعات على بدء الهجوم، وحاصروا عدداً من دوريات الجيش ونقاط التفتيش العسكرية وأرغموا معظمها على التسليم بعد اشتباكات محدودة، في حين تم نقل عشرات الجنود وبينهم جرحى إلى مواقع خلفية للمسلحين في زنجبار وشقرة. وزادت المصادر ان معظم المسلحين المهاجمين انسحبوا من مواقع الجيش بعد وصول تعزيزات كبيرة من عدن بينها ثلاث كتائب دبابات وثلاث مدفعية، وكتائب عدة من الحرس الجمهوري وقوات خاصة لمكافحة الارهاب. وقالت ان الطيران الحربي نفذ عشرات الغارات على تجمعات المسلحين، ركز معظمها على تدمير العتاد الثقيل الذي استولوا عليه، في حين تصدى المقاتلون المتشددون لتعزيزات الجيش على محاور عدة وخاضوا معها اشتباكات هي الأعنف منذ منتصف العام الماضي. وأضافت المصادر ان عمليات «القاعدة» أمس جاءت استباقية بعد معلومات مفادها أن «القوات الحكومية تستعد لشن هجوم شامل على مواقع التنظيم وأنصاره في زنجبار والمناطق المجاورة لها وفق ترتيبات مع الأميركيين». وفي حين تحدثت مصادر عسكرية يمنية عن سقوط 13 قتيلاً في صفوف المسلحين وتسعة قتلى من الجنود بالإضافة إلى عشرات الجرحى، تحدثت وكالات الأنباء عن مقتل 30 جندياً على الاقل، وقالت مصادر قريبة من «القاعدة» ان عدد القتلى والجرحى في صفوف الجيش اكبر من المعلن بكثير، وأن من قتلى التنظيم أقل من قتلى الجيش، وأن معظمهم انتحاريون نفذوا عملياتهم قبل اقتحام المعسكرات. وكان مصدر في وزارة الدفاع اليمنية أكد في تصريحات نشرها الموقع الرسمي للوزارة (سبتمبر نت) سقوط عشرات القتلى والمصابين من قوات الجيش في هجمات «القاعدة»، وقال ان «العناصر الإرهابية قامت صباح أمس بتنفيذ اعتداء غادر وجبان على موقع عسكري للقوات المسلحة في وادي دوفس في محافظة أبين مستخدمة كعادتها السيارات المفخخة في الاعتداء الذي أدى إلى استشهاد وجرح عدد من أفراد اللواء 39 مدرع في المنطقة العسكرية الجنوبية». وأضاف المصدر ان «مسلحي القاعدة اختطفوا 6 جنود مصابين من اللواء 119 مشاة ولم يعرف مصيرهم، وأن جنوداً آخرين مفقودين يعتقد انهم وقعوا اسرى في يد القاعدة». وزاد ان «مقاتلي اللواء 39 مدرع و 115 مشاة الأبطال ردوا على الاعتداء الإجرامي للعناصر الإرهابية المارقة موجهين لها ضربة موجعة تمكنوا من خلالها من استعادة السيطرة الكاملة على الموقع وإخلائه منها وإعادة فتح الطريق الرئيس بين زنجبار ودوفس»، مشيراً إلى مقتل وإصابة الكثير من الارهابيين. وكانت مصادر عسكرية ومحلية متطابقة في أبين قالت ل «الحياة» ان هناك مؤشرات الى تواطؤ بعض الضباط في القوات الحكومية، ما سهل هجوم المسلحين الذين التفوا على قوات الجيش من جهة البحر بالتزامن مع هجمات انتحارية على مقر قيادة اللواء 119 مشاة ومجموعة المدفعية المرابطة حول مواقع اللواء 39 مدرع في منطقة الكود. وفي حين تتواصل الاشتباكات بين جنود اللواء 119 مشاة والمسلحين على مداخل مدينة دوفس، قال مصدر ميداني في ابين ان كتيبتين من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة تدخلتا لإنقاذ الموقف في دوفس بعد الهجوم المباغت بساعتين. وأكد ان كتيبة خاصة بمكافحة الارهاب وصلت من عدن بالإضافة الى كتيبة اخرى من قوات الحرس الجمهوري كانت تتمركز قرب ملعب الموحدة جنوب زنجبار، وأن قواتهما تقدمت وفق خطة تكتيكية دقيقة وضعت مسلحي «القاعدة» بين فكي كماشة. وأفاد المصدر ان قوات الحرس والكتيبة الخاصة استعادت المواقع التي سقطت في يد المسلحين بعد قتال ضار وأن 15 قتيلاً على الاقل سقطوا في صفوف «القاعدة». غير ان المصدر اكد استيلاء المسلحين على عتاد عسكري، ووقع عدد من الجنود في أسر «القاعدة».