(1) في السابق دعم النظام الإيراني حركة حماس الإسلامية بالعلن وأمام الجميع لأسباب «إستعمارية» لا تخفى على الجميع، وتسبب ذلك في تقسيم اللُحمة الفلسطينية، وصراع فلسطيني - فلسطيني، نلاحظ أثره إلى اليوم، وقبل ذلك دعم نظام طهران «حزب الله» وفتت الوحدة السياسية اللبنانية، ومن ثم تدخل في شؤون العراق وتم تقسيمه سياسياً، وربما جغرافياً قريباً! واليوم تدخل على خط المواجهة بين شعب مظلوم وحاكم ظالم لمصلحة هذا الحاكم، والكل يُجمع بأن نصرة هذا الظالم لن تجلب إلا مزيداً من القتل وانتهاك المحرمات، وبالتالي قيادة البلد إلى الاحتقان والحروب الأهلية... وربما التفكك والتقسيم! المحزن أن هذه السياسة الإيرانية المكشوفة لم تخشَ رد فعل أحد من العرب، بل لم تخشَ رد فعل العرب كلهم! تُرى ما السبب؟ هل لأن لديها علماً مسبقاً بأن العرب لن يتفقوا؟! أم أن يدها الاستعمارية العنصرية تمكنت من بعض الأصوات العربية فتسكتها وتحركها كيف تشاء؟! أم أنها تستند إلى دعم روسي - صيني لا يأبه بعرب ولا عجم؟! أم أن هناك نقاط التقاء كثيرة مع سياسات الغرب «أميركا وأوروبا» من خلف الكواليس لتقاسم الكعكة العربية؟!... أسئلة يجب التوقف عندها كثيراً، ويجب تفنيدها ومن ثم محاولة إيجاد إجابات لها، فربما كانت الإجابة خليطاً من هذه التكهنات. فلو نظرنا، على سبيل المثال، إلى الدعم العربي الذي يظهر أحياناً لدول مناطق الصراع «العربي - الفارسي» لوجدناه من نوعية الدعم المخملي (إعلام ومال)، على عكس نظام طهران، الذي ينتهج أنواع الدعم كافة، بدءاً من الدعمين السياسي والديني، ومروراً بالدعمين الاقتصادي والإعلامي، وأخيراً، وليس آخراً، السلاح والرجال. ف «حزب الله» في لبنان، وجيش المهدي، ومخابرات المالكي، ونظام بشار، جميعها تتلقى أنواع وأشكال الدعم الإيراني كافة ومن دون مداراة أو خوف من أحد!... على النقيض تماماً يأتي الموقف العربي من قضاياه العربية! فجميع أشكال الدعم العربي للأطراف التي تستند على العرب في وجه التمدد الإيراني لا تتجاوز تصريحاً أو حفنة دراهم! واليوم يتجلى دعم نظام طهران لحلفائه في الصراع الدائر بالساحة السورية وقيادته لمحاولات مستميتة لانتشال حليفه الاستراتيجي في المنطقة العربية من مخالب شعبه الثائر ضده، فرمت بثقلها السياسي والاقتصادي والإعلامي والديني في هذا الاتجاه، وقبلت أن تفتح أبواب الحرب على مصراعيها في الساحة السورية، ويبدو أن لديها الاستعداد أن تجعلها حرباً إقليمية، وكل ذلك فقط لأن تبقي ذاك الأسد الهزيل الذي يخدمها على كرسيه! هل يعقل أن ترمي إيران بثقلها أمام الجميع لإنقاذ بشار، ونحن نتحرج من دعم المعارضة السورية «ولو بالجلوس معهم»؟! هل يعقل أن تأتي جحافل الفرس لتبيد شعباً عربياً أعزل، ونحن لا زلنا نفكر في ما يجب وما لا يجب؟! لو سألتنا حمص غداً، وقالت: أين أنتم يا عرب... أو أين كنتم يا عرب؟ ماذا نقول؟ هل نتحجج بالاجتماعات، وأننا قلنا وذهبنا إلى مجلس الأمن؟! لكن إيران وأتباعها لم يحتاجوا لمجلس الأمن كي يقتلوا الشعب السوري! إذاً لماذا نحن نحتاجه، أو نحتاج لبقية الدول كي ننقذ الشعب السوري؟! يا عرب أليس فيكم عرب؟! أين النخوة العربية؟ أين الأخوة الإسلامية؟ أين الروح البشرية؟!... «حمص» تُباد عن بكرة أبيها... «درعا» تحترق... «حماه» تنزف... «أدلب» تنتهك... ونحن صامتون!... هل فعلاً العرب عاجزون عن كف اليد الفارسية من العبث في عرضنا ودمنا العربي؟! (2) سورية... ماذا تحتاج؟ المشهد السوري يحتاج إلى حسم سريع وشِدة، كالذي أبداها الأمير سعود الفيصل، وقبله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتحتاج إلى قيادة شابة، كالذي عليه قطر، وتحتاج إلى ثقل عسكري من داخل المنطقة، ولن يجده العرب بداخلهم، بل سيجدونه عند الضفة الأخرى من الحدود السورية، «تركيا»، ويحتاج إلى موقف متطور من الأردن حيال تسليح المعارضة، وبناء منطقة عازلة، وإذا اكتملت هذه المعادلة التي لا تحتاج سوى للتحرك من أطرافها، فستتغير الحال إلى الأرض، وسيتغير المآل على الكرسي، وسيتغير الخطاب لدينا! فالذي يدور في الساحة السورية هي حرب شبه إقليمية يقودها النظام السوري بمساعدة إيرانية وغطاء روسي - صيني دولي، إذاً هي حرب حقيقية تدور ضد شعب أعزل لا يملك حتى لقمة يومه، فضلاً عن المال والسلاح! يجب أن يتقلد العرب هذه المهمة ليطهروا سورية من أزلام النظام البائس، وحلفائهم الإيرانيين، وأذناب الإيرانيين، ولن يتم ذلك بقاعات الجامعة العربية، أو مجلس الأمن، بل يتم ذلك بالنزول إلى الأرض، وتسليح الشعب السوري، وبناء منطقة عازلة ليسهل إنشقاق بقية الجيش، ومن ثم تأمين ممرات إنسانية لإغاثة الشعب السوري، وحين تتم هذه الأمور فسيجد النظام وحلفاؤه أنفسهم في مأزق لن يخرجوا منه أبداً. فيجب ألا ينتظر العرب ليونة روسية، أو إبتسامة صينية، كي يحقنوا النهر الجاري من دماء السوريين، بل يجب أن يقف العرب في وجه هذه القوى وقفة قوية وصادقة، وتحذيرها من الوقوف في وجه المساعي العربية في هذا الشأن. (3) «تغريدة»: المشهد السوري ببساطة هو عبارة عن: فُرسٌ «جائرة»... وعرب «حائرة»... وشعوبٌ «ثائرة»! كاتب سعودي [email protected]