رام الله - «الحياة»، أ ف - اضرم مستوطنون النار فجر امس في مسجد في قرية برقة شرق مدينة رام الله في الضفة الغربية، بعد يوم من إضرام النار في مسجد مهجور في القدسالغربية، الأمر الذي اعتبرته السلطة الفلسطينية «إعلان حرب» على الشعب الفلسطيني، خصوصاً انه المسجد العاشر الذي يضرم فيه المستوطنون النار. وحمّل وزير الأوقاف الفلسطينية إبراهيم الهباش الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن اعتداءات المستوطنين. وقال إن الجيش الإسرائيلي لا يتدخل لمنع هذه الاعتداءات واتهم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بتشجيعها لأنه لا يعتبرها إرهاباً. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن رئيس مجلس برقة عبد القادر عبد الجليل أن أهالي القرية لاحظوا بعد منتصف الليل نيراناً تلتهم الطبقة العلوية المخصص للنساء من المسجد وأخمدوها قبل أن تلتهم المسجد المكون من ثلاث طبقات. وصرح رئيس المجلس القروي أن عبارات بالعبرية كتبت داخل المسجد تقول « الحرب بدأت». وأوضحت محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام التي زارت المسجد المحترق أن «أضراراً جسيمة لحقت بالمسجد جراء إشعال النيران فيه من قبل مستوطنين يعيشون في بؤرة استيطانية قريبة من القرية والقرى المجاورة». وأضافت إنها «ليست هذه المرة الأولى التي يعتدي فيها هؤلاء المستوطنون على قرية برقة إذ انهم يعيشون في بؤرة استيطانية قريبة ويرهبون كل أهالي القرى المجاورة». وذكرت غنام أن المستوطنين الذين أحرقوا المسجد عرفوا عن انفسهم من خلال الشعارات التي كتبوها «مجموعة ايتسهار» نسبة إلى المستوطنة التي قتلت فيها عائلة من المستوطنين قبل شهور شمال الضفة الغربية. ودانت الرئاسة الفلسطينية إحراق المسجد معتبرة أن مسلسل إحراق المساجد «إعلان حرب» من قبل المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني، وحملت الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ما يقوم به المستوطنون. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في تصريح صحافي إن «الاعتداء على المقدسات هو إعلان حرب من المستوطنين على الشعب الفلسطيني». وأضاف أن «إحراق المستوطنين لمسجد قرية برقة بمحافظة رام الله هو استمرار لمسلسل الخروق والاعتداءات الإسرائيلية»، محملاً الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ما يقوم به المستوطنون. ودعا أبو ردينة المجتمع الدولي الدولي إلى التدخل لوقف هذه الاعتداءات». كما دانت الحكومة الفلسطينية التي يترأسها سلام فياض إحراق المسجد ودعت المجتمع الدولي إلى «تحميل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن عنف المستوطنين المتزايد في الأيام الأخيرة». وذكرت الحكومة في بيان أن «القوات الإسرائيلية لا تفعل شيئاً لمنع أو معاقبة الاتجاه المتزايد لعنف المستوطنين». وأضافت أن «هذه السياسة تشجع المستوطنين على جرائم الكراهية ضد الفلسطينيين وأماكن عبادتهم وآخرها التخريب في المسجد اليوم في برقة وأمس في القدس». وتعرض مسجد مهجور في وسط القدسالغربية لأعمال تخريب ليل الثلثاء الأربعاء، إذ كتب مجهولون شعارات معادية للعرب والمسلمين مثل «العربي الجيد هو العربي الميت» على جدرانه الخارجية. وحاول المستوطنون إضرام النار في مبنى مجاور لهذا المسجد الذي يعود إلى عصر الدولة الأيوبية (القرن الثاني عشر) ويقع بالقرب من شارع يافا الرئيسي في القدس. كما كتبوا بالعبرية «دفع الثمن» و»ميتسباه يتسحار» و»رامات غيلاد» وهما نقطتا استيطان عشوائيتان تنوي الحكومة إزالتهما قبل نهاية هذا العام. وقبل حوالى أربعة اشهر أحرقوا مسجداً آخر في قرية المغير شمال المدينة. ويمارس المستوطنون المتشددون والمتطرفون اليمينيون سياسة انتقامية منظمة يطلقون عليها سياسة «دفع الثمن» تتمثل في مهاجمة أهداف فلسطينية كلما اتخذت السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان. وقد استهدفت مساجد عدة في الضفة الغربية كما في إسرائيل بهجمات مماثلة خلال السنتين الماضيتين. وفي كل مرة يصدر تنديد عن السلطات الإسرائيلية لكن من دون العثور أبداً على مرتكبيها أو إحالتهم إلى القضاء. ومنذ عام 2009، تمت مداهمة عشرة مساجد أو تخريبها أو إحراقها من قبل متطرفين إسرائيليين. ولم تقم إسرائيل بإدانة أي من الجناة في هذه الحوادث، كما أنها لم تجر تحقيقات جدية ولم تتخذ أي إجراءات قانونية. وأعلن مدير مؤسسة «الحق» في فلسطين شعوان جبارين أن مجموعة من المؤسسات الحقوقية تسعى لرفع دعاوى ضد المستوطنين وقادتهم وقادة الجيش بصفتهم الفردية أمام محاكم دول أخرى يحملون جنسياتها نظراً لتواطؤ القضاء الإسرائيلي، وانعدام الجدوى من اللجوء إليه. وأضاف: «إسرائيل هي المسؤولة عن توفير الحماية للفلسطينيين وفق القانون الدولي بوصفها الجهة القائمة بالاحتلال». وقال نشطاء حقوق إنسان إسرائيليون إن حملة المستوطنين تهدف إلى خلق ذرائع لرئيس الوزراء الإسرائيلي لعدم تفكيك البؤر الاستيطانية المتكاثرة على أراضي الفلسطينيين. وقالت حاجيت غفران الناطقة باسم «حركة السلام الآن» الإسرائيلية إن «المستوطنين ينفذون اعتداءاتهم لأهداف عدة منها منع إخلاء البؤر الاستيطانية لأن نتانياهو سيتذرع بخشيته من رد فعل المستوطنين». وأعربت مؤسسات حقوقية إسرائيلية ودولية عن قلقها من هذه الاعتداءات. وتساءل مركز «بيتسليم» الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية في بيان له عن سبب عدم قيام الجيش الإسرائيلي بوقف هذه الاعتداءات. وقال كريم جبران المتحدث باسم المركز: «إن تراخي الحكومة الإسرائيلية في محاسبة ومعاقبة المستوطنين وملاحقتهم جدياً قانونياً يشجعهم على الاستمرار في اعتداءاتهم».