ستتوقف وتيرة النمو، التي سادت اوروبا بين بداية الألفية الثانية ونهاية العقد الاول منها، بسبب ضغوط أزمة الديون العامة وكلفة خدمتها وخفض الانفاق اضافة الى البطالة وذيول أزمة الائتمان ومشاكل الاقتصاد الاميركي وأسعار النفط. وستستمر الأزمة حتى نهاية العقد إذا صمدت العملة الاوروبية الموحدة. ويقول نيكولا سبيرو، مدير مركز «سبيرو للأموال السيادية» في لندن، ان «الأموال الرخيصة التي كانت متوافرةً في الماضي شحت ولا بد من معادلة جديدة للانفاق الاستثماري ولدور الحكومات في معالجة الازمات الاقتصادية». ويتوقع دون هولاند، من «المعهد الوطني للدراسات الاقتصادية» في لندن، ان تستمر أزمة الديون الاوروبية حتى نهاية العقد، «على اقل تقدير» اذا صمد اليورو والوحدة النقدية. ويُتوقع «ان تغيب غالبية القيادات السياسية التقليدية عن الحكم في اوروبا وان يُعاد النظر في الأسس التي بُنيت عليها آلية العملة الاوروبية الموحدة في ضوء التجربتين اليونانية والايطالية وما جرى في ايرلندا والبرتغال واسبانيا». التغيير، او التغييب بدأ في اليونان مع اجبار رئيس وزرائها جورج باباندريو على الاستقالة وتنصيب لوكاس باباديموس النائب السابق لرئيس البنك المركزي بدلاً منه ليتعامل مع ديون قاربت 340 بليون يورو. وازدادت وتيرة الضغوط على رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني ليخلي منصبه، الذي يمكن ان يتسلمه المفوض الاوروبي السابق ماريو مونتي الذي قد يرأس حكومة تكنوقراط ائتلافية، للتعامل مع ديون ايطالية حجمها 1.9 تريليون يورو ولتأمين الاسلوب الأمثل في تدوير نحو 300 بليون يورو من الديون السنة 2012، وتُشرف على الانتخابات العامة في 2013. وفاز برلسكوني امس بتأييد 308 نواب فاقداً الغالبية (316 نائباً) التي كانت تعطيه المشروعية للحكم ما دفع المعارضة الى مطالبته بالاستقالة. ويقود التغيير، ولو بطريقة غير مباشرة، مستشارة المانيا انغيلا مركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في ما اصبح يُعرف اوروبياً بالثنائي «مركوزي» قائد التغيير في «الخريف الاوروبي». ووفق موقع «نيوروب ماغ» ستحدث «الصدمة الكبرى» في ركيزة الاتحاد الاوروبي، اي في فرنساوالمانيا، حيث ستُجرى في نيسان (ابريل) 2012 انتخابات الرئاسة الفرنسية وفي خريف 2013 الانتخابات العامة في المانيا حيث يُتوقع استبدال ساركوزي ومركل. ويُعيد الموقع الاسباب الى أزمة اليورو وما تحمله مكلف الضرائب الألماني دفاعاً عن العملة الموحدة في حين سيختار الفرنسيون بديلاً من رئيسهم، الذي سيكون مع حكومته مضطراً الى اقرار خفوضات في الانفاق تستهدف خفض الدين العام الى 3 في المئة في العام 2016 كي تحافظ المالية الفرنسية على تصنيفها الائتماني. ويقول دون هولاند ان خطط الانقاذ الاوروبية تحتم على اليونان «اجراءات تقشفية حتى 2020» كما تحض الحكومة الايطالية على تقشف مماثل في الانفاق غير الاستثماري ما يعني فقدان حوافز النمو والاضطرار الى الاستدانة مجدداً تحت وطأة خدمة الديون. وعكست الأسواق امس بعض التفاؤل بامكان سيطرة موقتة لصندوق النقد الدولي على «ادارة الأزمة» كما حققت مكاسب ملموسة في جلسات التداول الاولى بعد يومي تداول شهدا تراجع المؤشرات. وارتفع مؤشر «ستوكس يوروب 600» عند الاغلاق 1.5 في المئة، كما حقق مؤشر «ستاندارد اند بورز 500» مكاسب لم تتجاوز 0.4 في المئة. ولاحظ محللون في «بلومبيرغ» انه مقابل تحسن اسعار كل اربعة اسهم في اوروبا كان الخامس يتراجع في الاسهم المحتسبة ضمن مؤشر «ستوكس يوروب 600». كما تحسنت بنسب بسيطة اسعار اسهم القطاع المالي وراوحت بين 2 و7 في المئة. في المقابل تراجع مؤشر «ام اس سي آي» للاسواق الناشئة بنسبة 0.1 في المئة عاكساً القلق من الركود في اوروبا وخسارة اسواق تصديرية. وما لفت النظر عربياً أمس حديث رئيس «طيران الامارات» تيم كلارك، الى وكالة «رويترز»، عن إن المصارف الأوروبية، التي كانت من كبار ممولي صفقات الشركة مع «ايرباص» و»بوينغ»، تتجنب المجازفة بسبب أزمة اليورو. مشيراً الى ان الشركة قد تلجأ الى التمويل الاسلامي لتعويض النقص في القروض الاوروبية.