تراجع سعر صرف اليورو، الى ادنى مستوى له هذه السنة، بالتزامن مع عودة مؤشرات الاسواق الى المنطقة الحمراء في ظل «عدم اليقين» من المستقبل السياسي في ايطاليا اثر اعلان رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني عزمه على الاستقالة بعد اقرار التعديلات المطلوبة اوروبيا في الموازنة الايطالية. ورئيس الوزراء الايطالي هو السياسي العاشر، بعد زعماء اليونان البرتغال وايرلندا وبريطانيا والمجر والدنمرك وسلوفاكيا وسلوفينا واسبانيا، الذي يسقط وحكومته نتيجة ازمة الديون في اوروبا. وقال مستثمرون لوكالة «اسوشييتد برس» ان الاسواق عاقبت ايطاليا «لأنها تريد مغادرة برلسكوني فوراً». وجاء تأخر اعلان تشكيلة حكومة الوحدة في اليونان، بعد استقالة رئيس الوزراء جورج باباندريو، و»خريطة الطريق» التي تسير وفقها، ليزيد الضغوط على العملة الاوروبية الموحدة. وقال آدام كول خبير القطع في «رويال بنك اوف اسكتلند»، في مذكرة الى الزبائن، ان برلسكوني «وعد بالاستقالة لكن لا نعرف من سيخلفه، كما ان من المستحيل توقع نتيجة اي انتخابات مستقبلية في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو». ولاحظ ان «الأسواق متوترة» ليس بسبب الديون السيادية الاوروبية وحدها بل ايضاً لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط ولغياب المبادرات التي يمكن للرئيس باراك اوباما اقرارها، قبل انتخابات الرئاسة، لدفع الاقتصاد وإعادته الى النمو. وتراجع اليورو امس دون مستوى 1.36 دولار ليسجل في الفترة الصباحية في سوق لندن 1.3557 منخفضاً من 1.3833 دولار الثلثاء بعدما ارتفعت الفائدة على السندات الايطالية فوق 7 في المئة. وقال آدام مايرز كبير استراتيجيي الصرف في مصرف «كريدي اغريكول» في مذكرة تفسيرية الى الزبائن «ان حجم الديون الايطالية يقارب خمسة اضعاف الديون اليونانية وسيزداد الضغط على سعر صرف اليورو حتى تعرف الاسواق هوية من سيخلف برلسكوني». وقال ديفيد غرين كبير المديرين التنفيذيين في شبكة الدفع الدولية «ويستيرن يونيون» لتلفزيون «بلومبيرغ» ان «سعر صرف الدولار مقابل اليورو ارتفع بنسبة 6 في المئة في الشهور الثلاثة الماضية. في حين حقق الين مكاسب 3.3 في المئة على رغم تدخل البنك المركزي الياباني لابقاء سعر العملة منخفضة». وعكست البورصات، التي تراجعت مؤشراتها بين 2.2 و2.8 في المئة اوروبياً وأميركياً، جدياً امس القلق الكبير من «تراجيديا الديون»، خصوصاً ان ايطاليا هي رابع اكثر الدول مديونية في العالم بعد الولاياتالمتحدة واليابان والمانيا، مع فارق وحيد بأن الناتج المحلي في الدول الثلاث الاولى افضل بكثير من ايطاليا، بديونها البالغة 1.9 تريليون يورو (2.6 تريليون دولار)، ما يتجاوز ديون اليونان واسبانيا والبرتغال وايرلندا مجتمعة. ومع الخطر الايطالي بدأت المصارف الفرنسية تشعر بخطر فقدان تصنيفها الحالي (اي اي اي) لأن المؤسسات المالية الفرنسية تملك 416.4 بليون يورو من الديون الايطالية من بينها 106.8 بليون يورو للسندات السيادية الايطالية. وقال جاك باسكال من «اوفي جستيون» للاستثمار ل»بلومبيرغ» ان «بي ان بي باريبا» و»كريدي اغريكول» اكثر من سيتأثر سلباً في الكارثة الأيطالية». وانعكست أزمة ايطاليا على العقود الآجلة للنفط مع ارتفاع عائدات السندات الايطالية الى مستويات خطرة ما حدا بالمستثمرين إلى تصفية الأصول الحساسة. وتراجع الخام الأميركي 2.07 دولار إلى 94.73 دولار للبرميل بعدما أثارت تكاليف تمويل الديون الايطالية قلق المستثمرين لكنه تحسن بعدها اثر تراجع المخزون الاميركي. وعكس تراجع النفط اقتناعاً بان الأزمة النووية الايرانية لن تتطور صراعاً عسكرياً. وحذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في بكين من «خطر دوامة من الاضطراب المالي في العالم» ما لم تتحرك الاقتصادات الدولية معاً للتصدي للمشاكل الاقتصادية والمالية»، مشيرة الى ان آسيا ليست بمنأى عن الازمة.