حاويات شحن مزودة بنظام GPS    مهرجان الحمضيات التاسع يستقبل زوّاره لتسويق منتجاته في مطلع يناير بمحافظة الحريق    بلدية محافظة الاسياح تطرح فرصتين استثمارية في مجال الصناعية والتجارية    الأونروا : تضرر 88 % من المباني المدرسية في قطاع غزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب الفلبين    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    ضبط 23194 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها    انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار واليورو    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    ابتسامة ووعيد «يطل».. من يفرح الليلة    رينارد وكاساس.. من يسعد كل الناس    «الجوير».. موهبة الأخضر تهدد «جلال»    الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    السعودية تقدم دعمًا اقتصاديًا جديدًا بقيمة 500 مليون دولار للجمهورية اليمنية    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    رفاهية الاختيار    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدعو إلى تطبيق استراتيجية "النمل" ... وتستنكر موقف خطباء المساجد تجاه المرأة ... ومعركتها مع "الهرفي" انتهت . ليلى الأحدب ل "الحياة" : ثقافتنا العربية تلصق النظرة التأثيمية بالمرأة كثيراً
نشر في الحياة يوم 08 - 01 - 2008


الصفحة: 29 - مقابلة
ليلى الأحدب... طبيبة واستشارية نفسية وكاتبة... لا احد يعرف المجتمع مثلها... أعدّت نفسها جيداً لكل شيء... ثقافة منفتحة واحترام للرأي وأرضية دينية متسامحة تسمح لها بالانفتاح على كل شيء... قضيتها الأولى المرأة وما يمتُّ لها بصلة... ومن خلالها تطل على المجتمع بكل اتجاهاته.
كل فريق يشعر بأنها تنتمي إليه وتؤمن به... وهي في مأمن من ذلك فلا حزبية ولا مرجعية تشدها إلا نفسها وتفاصيلها وعقلها.
نقرأ مقالاتها فنعرف أين يكمن وجعنا... وتمنحنا العلاج بأدوات سهلة.
حرفها يحرّض على التفكير والاستقلالية... وكتاباتها وآراؤها مسارات حياة ولا أجمل... ومع هذا لم تسلم من تهديدات من هنا وهناك.
هي مثلنا تعاني وتشتكي، ولكنها لا تتوقف أو تستسلم، لذا يصافحها النجاح كل حين.
مع ليلى الأحدب سنكون في رحلة حياة نتصفح بها جوانب حياتنا ونتعرف إليها معها أكثر. وهنا نص الحوار
بداياتك مع النشأة... هل شكلت مسارات حياتك... وفرضتْ عليك اتجاهات معينة؟
- نعم، إلى حدّ ما... هناك عوامل كثيرة تسهم في نشأة الإنسان، منها أمور فطرية وأخرى بيئية، فالعامل الأهم بين الأمور الفطرية هو امتلاكي العقل الناقد الذي لا يقبل بسهولة ما يُفرض عليه، وبالنسبة إلى الأمور البيئية كان كل ما حولي يدفعني إلى تكوين نزعة استقلالية ممزوجة بشيء من التمرد، لإثبات الذات في وقت مبكر!
متى حان وقت القرارات الصعبة في حياتك؟
- بعد التخرج من الجامعة... كنت خجولة في فترة من حياتي، لكني تخليت عن ذلك، لمصلحة اكتساب الشجاعة وعدم التردد!
وأنت تتصفحين حياتك... هل تشعرين بمستوى رضا عال؟
- الحمد لله رب العالمين... لديّ منسوب رضا عال بفضل الله... غالباً سببه إيماني بالقضاء والقدر، وكذلك عدم ظلمي لأحد.
على رغم أنك طبيبة، إلا أنك درست العلوم الشرعية... ما الذي دفعك إلى ذلك؟
- هذا نتيجة اندفاع في المراهقة للبحث عن الذات، فوجدتُ نفسي في التدين، لكنه كان تديناً أقرب إلى التشدد بسبب بعض المفاهيم الخاطئة التي حشرتْها الدروس الدينية في رأسي، فلما سافرت إلى دمشق لدراسة الطب عمدت - كلما وجدت فراغاً بين محاضرتين - إلى حضور محاضرات في كلية الشريعة، وكان لذلك أثر كبير في تغيير اتجاهاتي الدينية نحو الاعتدال.
يحاول البعض تصنيفك فيفشل... هل هي مهارة منك أم شيء آخر؟
- يسرّني أن أكون مستعصية على التصنيف... أعتقد أن شخصيتي الاستقلالية هي التي توجب ذلك أكثر من كوني ماهرة، فبعد تجربتي الأولى في التدين حرصت ألا أنتسب إلى أي جماعة، كي لا يُفْرَض عليّ ما لا أوافق عليه... كما أن ذهنية الجماعة غالباً ما تُقصي الفردانية وتلغي الإبداع.
تهديدات الإرهابيين طالتني
هل صحيح أن بعض مقالاتك جلبت لك تهديدات بعض الإرهابيين؟
- هذا ما اضطررت إلى كشفه أخيراً كي أعرّف القارئ بقيمة الكلمة الحقيقية، فشتان بين كاتب يكتب ليشدو للناس أعذب الألحان مهنئاً إياهم على النوم في الظلام، وبين كاتب يكتب ليوقظ المستغرقين في النوم!
ما سبب التهديدات برأيك؟ وهل هي مستمرة؟
- المقالات التي جلبت لي التهديدات كانت مقالاتي عن الإرهاب... ولا عجب من ذلك، فقد قرأت أنهم وضعوا ضمن أهدافهم فضيلة المفتي العام للمملكة، بسبب كشفه عوارهم وضلالاتهم... انقطعت هذه الرسائل منذ 3 أعوام، ويعود السبب برأيي إلى أن المرسل إما أنه اعتُقل أو قُتل أو شُفي!
هل الحب يستطيع أن ينتصر على الإرهاب ويعيد الإرهابيين إلى الجادة؟
- الحب يمكن استعماله وقاية من التحول إلى الإرهاب، فلو أن أحد الإرهابيين عرف معنى الحب الحقيقي لمَا حاد عن الطريق الصحيح، والحب أيضاً يمكن استعماله كعلاج فقد تزلّ قدم بصاحبها في مستنقع الإرهاب، ويعيده الحب إلى الصواب... وأساس الحب هو الشعور بالحب الحقيقي للنفس، فكيف لمن يحب نفسه أن يقتلها ويقتل معها أناساً آخرين؟!
الحب لماذا يُنظر إليه على أنه جريمة في مجتمعنا أحياناً؟
- كلمة"أحياناً"أفضّل استبدال كلمة"دائماً"بها في حال كان المقصود هو الحب بين الجنسين قبل الزواج، وهذا يكاد يكون سمة للمجتمعات العربية عموماً، إذ يرفض الأب شاباً تقدم لخطبة ابنته إذا علم أنه يحبها، مخالفاً لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام الذي عرض عليه رجل مشكلته مع ابنته بعد أن تقدم لها غني موسر وفقير معدم والأهل يفضلون الغني بينما الفتاة تحب الفقير، فقال عليه الصلاة والسلام: لم يُر للمتحابين مثل النكاح فالرسول لم يستنكر الحب الذي وقع قبل الزواج، وكذلك لم يستنكر الحب الذي استمر بعد الطلاق كقصة بريرة، عندما فسخت عقد زواجها مع زوجها مغيث، فكان يسير وراءها ودمعه على خده حزناً على فراقها!
ينال الحب حيزاً كبيراً في أطروحاتك... كيف هي قراءتك له؟
- أطروحاتي عن الحب معظمها بسبب الاستشارات التي تأتيني من الشباب والفتيات... كذلك تعرضت له بأسلوب قصصي، إذ تناولته بأسلوب مغلف برمزية لا تخلو من شفافية، ولي بعض المقالات القصيرة عن ضرورة وجود الحب بين الزوجين كانت قريبة من طرحي في أحد فصول كتابي التربوي ألف باء الحب والجنس لأنه أدعى إلى استقرار الأسرة، ما يبث الطمأنينة والثقة في نفوس الأطفال، وتبقى بعض المقالات التي أكتبها في صحيفة"الوطن"من نوع المشاكسة أحياناً لنفض غبار"التابو"عن موضوع الحب، الذي هو أرقى وأنقى العواطف التي عرفتها البشرية في تاريخ تحضرها!
أو ليس الحب والجنس هما بوابات لبعضهما البعض أم أنهما مسارات تلتقي أحياناً وأحياناً لا؟
- أنا بحثت عن سر الحب وسيكولوجيته، ولم أجد الجواب إلا في كتاب عالم النفس تيودور رايك"الحب بين الشهوة والأنا"وهو على رغم الترجمة فإن روح المؤلف باقية بين السطور... وأعجبني استنتاجه بأن الحب مُحدِث نعمة في عائلة الغرائز، على رغم أنه لا ينتسب لها، لأنه خفف كثيراً من وحشية الجنس وهمجيته عندما اتحد معه، ويعتبر تيودور رايك هذا الاتحاد هو الاستثناء من القاعدة، إذ إن قلة من المحظوظين يصلون لذلك، وبرأيي أن قلة أقل منهم بكثير هم الذين يعلمون كيف يحافظون على هذه النعمة!
مشكلة المرأة ثقافتها
أبجديات حياة المرأة من يشارك في صياغتها؟
- تشارك التربية الأسرية بنسبة هي الأكبر برأيي، ثم تأتي المدرسة والثقافة السائدة في المجتمع، ثم وسائل الإعلام، وللأسف فإن رسائل المؤسسات التربوية التقليدية كالأسرة والمدرسة معاكسة تماماً لرسائل الفضائيات...
ولذلك يشعر هذا الجيل باهتزاز القيم كما لم يشعر أي جيل من قبله، وكمثال على ذلك الحادثة التي نشرتها إحدى الصحف عما حدث في مركز تجاري للملابس من طلاق رجل لزوجته عبر الميكروفون بعد أن رآها تأخذ بطاقة شاب وتضعها في حقيبتها، فهل ترى هذه الفتاة نالت من التربية أبسط أبجدياتها؟!
لماذا ننظر إلى المرأة على أنها مشكلة دائماً؟
- المثال الذي قدمته في جوابي السابق لا يبرئ الرجل من دوره، فقد يكون الزوج مهملاً لها أو مجرِّدا لها من ثقتها بنفسها، هذا إذا لم يكن في بعض الحالات هو البادئ بالخيانة فلا تجد المرأة سبيلاً إلا مقابلة السوء بالسوء.
وطبعاً لا شيء يبرر خيانة الرجل والمرأة، لكن كثيراً ما تلصق ثقافتنا العربية النظرة التأثيمية بالمرأة، لأسباب كثيرة.
ناهيك عن العادات الجاهلية التي تستشري في بعض البيئات وتقضي بأن المرأة عار يجب وأدها معنوياً، بعد أن حُرّم الوأد الجسدي، إضافة إلى وجود بعض الأحكام الفقهية التي تنبع من أمزجة بعض الفقهاء وهواهم الشخصي.
هل تعنين أن تعاملنا مع المرأة ما زالت تكتنفه جاهلية جهلاء؟
- نعم، وأسباب هذا التعامل الجاهلي يعود إلى النظرة التاريخية للمرأة على أنها ظعينة أي أنثى في هودج، لدرجة أنها لا تستطيع أن تقوده بنفسها، ولا بد من رجل وصي عليها، فهي التي تربي ابنها وهي التي تمدّه بالقيم وأسس الحياة، ومع ذلك عندما يكبر يصبح هو الولي عليها ويمكنه تكميمها ومنعها من استنشاق أنفاس الحياة!
القوامة لا تمارس كما يجب
مفهوم القوامة للرجل... هل يجيد الرجل ممارسته كما يجب؟
- غالبية الناس تفهم القوامة على أنها حق للرجل، بينما حق المرأة على الرجل أن يكون منفقاً عليها ومسؤولاً عن حاجاتها، وليس متسلطاً عليها، وقد بينت أن هذه القوامة محدودة بين الزوج وزوجته فقط، لأن آية القوامة في القرآن تدل على ذلك واهجروهن في المضاجع.
وقد كان لي مقالات عدة في هذا الموضوع وآخرها مقالة"نحو مفهوم عصري للقوامة"، إذ إن المرأة العاملة المنفقة أصبحت هي القاعدة وليست الاستثناء.
فعلى الرجل أن يتعامل مع المرأة على أنها شريك حياة وليس آلة تعطي من دون حساب بحسب الريموت كنترول القابض عليه بيده!
لماذا قضايا النساء تأخذ مشواراً طويلاً في المحاكم؟
- المرأة لا تستطيع أن تتحرك في المجتمع إلا برفقة رجل، فقضايا النساء لا تأخذ مشواراً طويلاً فقط في المحاكم بل في أي أمر تريده المرأة، حتى في فتح حساب بنكي تجد بعض البنوك تطلب موافقة ولي أمر المرأة، وكأن الإسلام لم يأت من 15 قرناً ليؤسس للمرأة ذمة مالية مستقلة وأهلية مدنية تامة!
كثرة تنازلات المرأة يرى البعض أنها تحفظ للمجتمع استقراره... ما رأيك؟
- الحياة الزوجية تتطلب تنازلاً من الطرفين، لكن المرأة يجبرها طبعها الأنثوي وعاطفتها الجياشة على التنازل كي تحفظ أسرتها من الانهيار.
ورأيي الشخصي أن المرأة يمكن أن تتنازل عن كل شيء إلا كرامتها، وفي الوقت ذاته لا أستطيع أن أبرر للمرأة تخليها عن أولادها تحت أي ظرف.
ومن هنا فإنني أتفهم ماذا يعني ضغط المجتمع على المرأة، وشخصياً أعرف بعض النساء اللاتي يتحملن إهانات الأزواج... ولو كان لإحداهن موردها الشخصي، لما بقيت مع زوجها يوماً زيادة!
كيف نعلّم المرأة أن تقول...لا، وكيف لها أن تأخذ قراراتها بنفسها؟
- ينبغي أن نعلّم أولادنا قول كلمة لا في الحق، سواء أكانوا إناثاً أم ذكوراً، ولكن البيئة قد تعطي هذا الحق للفتى وتلغيه بالنسبة للفتاة، وإجمالاً كثير من الفتيات يُحرمن من التعبير عن أنفسهن منذ الصغر، لذلك يتقنّ لغة الصمت، ويُفهم السكوت على أنه دليل الموافقة.
أما كيف تأخذ قراراتها بنفسها، فهذا بحاجة إلى دعم أسري للفتاة من خلال إتاحة الخيارات المختلفة أمامها، وتعويدها على المحاكمة المنطقية في اتخاذ القرار، مع احترام رغباتها الوجدانية.
ولا ننسى أهمية مناهج التعليم في دعم صورتها عن نفسها، من خلال عرض صور مختلفة عن صورة الجارية والسيد: كوني له أمة يكن لك عبداً!
الزواج عندنا فشله أكبر
آلية الزواج عندنا... هل ترينها في المسار الصحيح؟
- في معظم الأحوال لا، ولذلك ترتفع نسبة الطلاق إلى 30 في المئة بحسب الإحصاءات المعلنة، وطبعاً نسبة الطلاق العاطفي أكثر بكثير، والسبب أن الطريقة التقليدية لا تزال هي السائدة، ولا تتضمن إلا رؤية شرعية مرة واحدة قد يستحي الخاطب خلالها أن ينظر إلى الفتاة بسبب وجود والدها وإخوانها، بينما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام هو: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
وكثيراً ما شرحت أن المقصود بالإدام هو الطعام المشترك، فالمشتركان في طعام يتداولان بعض الكلام، فكيف بمن يريدان أن يؤسسا حياة تمتد على طول العمر؟ طبعاً لا بد من أن أشير إلى عزوف الشبان عن الزواج بسبب غلاء المهور، ووجود بعض الأبواب الخلفية كالمسيار وغيره!
البعض يخاف من المرأة والآخر يخاف عليها... لماذا نحاصر المرأة بالخوف عليها دائماً؟
- هذا كان عنوان مقالة لي هل نخاف على المرأة أم نخاف منها؟ وكانت بخصوص منع النساء من مزاولة مهنة بيع المستلزمات النسائية.
وقد بينت أن الخوف على المرأة غير مبرر، بل يدل على تناقض، فلماذا يسمح للمرأة بالجلوس على الرصيف وعرض البضاعة، بدلاً من أن تكون محترمة في محل يقيها حر الصيف وبرد الشتاء؟.
الخوف على المرأة هو خوف مستقر في لا شعور من ينطلق من الخبرات اللاواعية ليعمّمها على المجتمع، والخوف اللاواعي له علاج نفسي، ولكنه يفشل في حال عدم اعتراف الشخص بأن المشكلة فيه هو وليست في المرأة!
هل الاختلاط كفيل بانتشار الرذائل والفواحش في المجتمع... ولماذا نرمي بالحمل والمسؤولية في ذلك عليها؟
- المجتمع في العهد النبوي كان مجتمعاً مختلطاً، ولا يؤدي الاختلاط إلى الرذائل إلا إذا كان من دون ضوابط، والأخذ بالضوابط ليس واجب المرأة فقط، بل إن الله سبحانه أمر الجنسين بغض البصر، وإذا كان قد خص المرأة بالاحتشام فإن البدء ? في سورة النور - بتوجيه الأمر للرجل لا يدل على أن مسؤوليته أقل.
هناك من يرى بأن التعليم وخطبة الجمعة أحياناً يظلمان المرأة كثيراً ويحرمانها من أبسط الأشياء؟
- بعض أسئلتك تأتي الإجابة عليها ضمن قالب البديهيات...
على سبيل المثال حرمان الفتاة من الرياضة في المدرسة ماذا يمكن أن نسميه؟ كتبت كثيراً عن معاناة الفتيات من السمنة والروماتيزم بسن مبكرة كما كانت لي بعض المقالات حول بعض خطباء الجمعة، الذين يحرّمون على الفتيات"الانترنت"وأية وسيلة اتصال، وما علموا أن كل ممنوع مرغوب، وأن كثرة الضغط تولد الانفجار.
الوقوف ضد التيار... ماذا يلزمه من عتاد؟
- يمكنني أن أصف هذا السؤال بأنه سؤال الحوار... وإن كنت أفضّل عبارة السباحة ضد التيار مثلاً.
وعلى كل حال فالسير ضد التيار ليس بقصد أن يقال انك معاكس للتيار، بل لأنك مؤمن بأن هذا التيار سيؤدي بك وبكل أتباعه إلى الانتحار.
ومن أجل ذلك يلزمك إيمان بالمبدأ وشجاعة بالتصريح به وشعور بالمسؤولية وعزيمة على المضي وتوكل على الله وكذلك خبرة بالنفوس وعقل يقظ وقدرة على الانحناء أمام العاصفة حين اللزوم، وهذا الانحناء يُدرج تحت استراتيجية النمل، فالنمل يتحرك مع سطوع الشمس عكس تصرفه إبان نزول المطر أو تجييش العسكر!
ترديد البعض اسطوانة"النساء ناقصات عقل ودين"هل هي حق أريد به باطل؟
- إن نقص عقل المرأة المشار إليه في الحديث هو أمر نسبي ومؤطر بالحياة الزوجية فقط، وذلك ما يشير إليه الحديث الشريف: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن وتساءلتُ: هل المقصود أي رجل حازم تُذهب المرأة عقله، أم أنه لا يحق للمرأة أن تذهب عقل رجل سوى زوجها؟
المرأة والمذاهب
الاختلافات المذهبية هل جنت على المرأة كثيراً... وجعلتها في مهب الريح؟
- الاختلافات المذهبية جنت على الأمة بكاملها، وليس على المرأة فقط، انظر إلى بيوت الله التي تفجّر في باكستان والعراق حتى تعلم أن الأمة بكاملها في مهب الريح إذا لم يوجد عقلاء يحسنون إدارة العاصفة!
قراءتنا للآخر ونظرتنا إلى التسامح هل تقفان حاجزاً مع تواصلنا مع العالم؟
- لا يمكن أن نتقبل الآخر إذا لم نتقبل ذواتنا أولاً، وإذا لم يكن التسامح سائداً في ما بيننا فلا يمكن أن نتسامح مع من هم خارج البيت المسلم.
وكما نعامل الناس يعاملوننا، فانظر إلى معاناة العربي عموماً والسعودي خصوصاً في الحصول على تأشيرة لزيارة بلد غربي، واقرأ الأخبار التي تأتيك من هناك حول تعرّض المبتعثين السعوديين للإهانة أو الضرب.
فإلى متى نترك صنبور الجنون مفتوحاً ليعبّ منه ابن لادن وصحبه ويسقوا منه الآخرين؟ الصنبور طبعاً هو أيديولوجيات الكراهية التي بنى عليها المتشددون أفكارهم ليعلنوا للعالم كله أن فوكوياما كان على حق!
تراثنا الإسلامي هل يحتاج إلى غربلة لكي لا يكون ألعوبة في أيدي كل احد؟
- نعم، ففي التراث ما فيه من تفسيرات فقهية لا تصلح لزماننا الحالي، وعلينا أن نعلم أن القياس على أي تجربة ثقافية - ومثالها هنا الحكم الفقهي - غير ممكن إلا مع وضعها في سياقها التاريخي، على سبيل المثال فقه الجهاد والولاء والبراء وأهل الذمة ودار الكفر ودار الإسلام، كلها مسميات كان لها ما يفسرها تاريخياً، ولكنها لم تكن موجودة في العهد المكي الأول!
السينما والأغاني... لماذا لا نرى فيها إلا الجانب السيئ... ولماذا فتوى أي أحد تبطل كل شيء؟
- أتفهّم رؤية بعضهم للجانب السيئ فقط، لأسباب من الماضي تتعلق بأن مجالس الموسيقى كانت تترافق مع الخمر في الجاهلية، ولأسباب من الحاضر.
إذ إن معظم ما تنتجه السينما لا يمتّ بصلة إلا الفن الإنساني الهادف، ولكن كلامي هذا تفسير للتحريم وليس تبريراً له، لأن الأصل في الأشياء الإباحة.
وكل ما لم يرد نص صحيح وصريح وقطعي بتحريمه فهو من تحريم الحلال الذي يماثل تحليل الحرام في الإثم.
أنا والهرفي والإختلاف
ما حدث بينك وبين زميلك الكاتب الدكتور محمد الهرفي أخيراً من سجال... كيف تقرئينه؟ وهل أزعجك في شيء؟
- ما حصل لا يعتبر سجالاً برأيي، فكل ما حدث أنه قرأ مقالاً لي فاتفق معي في أشياء واختلف في أشياء فقام بالرد، ولما قرأت تعليقه على مقالتي كان من واجبي أن أرد، وما حصل شيء عادي ولم يزعجني، ونشرت الوطن في عددها الصادر في وقفة عيد الأضحى خبراً بعنوان نهاية المعركة الفكرية بين الهرفي والأحدب، وكان رأيي واضحاً بأن الأمر لا يعدو سوء فهم، لأنني لم أقصد اتهامه بشيء فعبارة"أربأ به"تعني ارتفع به وأنزهه، والحقيقة أنني أحترم كل من يشترك معي في الهم التنويري من كتاب ومثقفين، ومنهم الدكتور الهرفي.
كيف ترين مستوى الحوار والاختلاف بين الكتاب أحياناً؟
- لا بأس به ويدل على حالة صحية، ولكن دائماً يجب حوار الأفكار لا اتهام الأشخاص، وللأسف فإن وسائل الإعلام الالكترونية تريد أن تجد مكاناً لها في هذا العالم الفسيح، فتحاول أن تصعّد أي خلاف لمصلحة شهرتها وزيادة الإقبال عليها.
لك مع الكتابة الصحافية مشوار طويل... كيف ترين حجم التفاعلات معك ... وهل صحيح ان الرجال يعجبون بطرحك أكثر من النساء؟
- بصراحة لم أكن أتوقع كل هذا التفاعل، سواء سلباً أم إيجاباً، وهو في الحالين جيد برأيي لأنه يدل على أن كتاباتي الصحافية تحرك المياه الراكدة، وأعتقد بأن هناك من الرجال من يعجبه أو لا يعجبه طرحي كما هي الحال من النساء، ولكن عدد الرجال في الحالتين أكبر.
هل تجدين صعوبة في تعاملك مع الرقيب... أم تكتفين برقيبك الداخلي؟
- في البدايات كانت الصعوبة أكبر بكثير، على عكس الوضع حالياً، ليس فقط بسبب الرقيب الداخلي الذي تكوّن مع الخبرة بعد أكثر من أربع سنوات من الكتابة، لكن ربما لمعرفتي بأسلوب وقدرات رئيس التحرير الحالي الأستاذ جمال خاشقجي، أتيح للقلم الانغماس حتى آخر قطرة متاحة من الحرية!
يذكر البعض أنك أقمت دورات مختلطة في نشر الثقافة الجنسية في المجتمع... هل هذا صحيح؟
- هذا السؤال مضحك، لأنني على العكس من ذلك نبّهت إلى التناقض بين السماح لمحاضرات مختلطة في الثقافة الجنسية تبنتها شركة أدوية لتسويق دواء يعزز القدرة الجنسية وبين عدم السماح لمحاضرات عن التربية الجنسية للأمهات، على كل حال هذا كان من سنوات عدة وقد تحسن الوضع قليلاً الآن.
بين الانتر نت والصحافة
تجربتك مع الإنترنت مميزة من خلال موقعك الشخصي ومن خلال مشاركتك في بعض المواقع... ما الفرق بين مجتمع"النت"ومجتمع الصحافة؟
- فرق كبير بين مجتمع"النت"ومجتمع الصحافة من حيث مساحة الحرية المتاحة، على سبيل المثال في موقعي الشخصي قمت بحوارات مباشرة مع شاذين جنسياً من بلدان عربية مختلفة لمساعدتهم في تخطي خبرات الطفولة المؤلمة التي انتهت بهم إلى الشذوذ، وهذا غير ممكن على الورق.
ومع ذلك فإن كثيراً من الاستشارات التي قدمتها على موقعي أو غيره من المواقع جمعتها في كتب، وأسعدني أن وزارة الشؤون الاجتماعية تبنّتها ضمن قائمة الكتب الموزعة على الجمعيات الخيرية من أجل حياة أسرية أكثر استقراراً.
في عيادتك... من يشتكي أكثر... ومن تشتكين منه أكثر؟
- طبعاً عيادتي هي للنساء لذلك الشكاوى غالباً نسائية، إلا في حالات معينة يأتي الرجل ويتكلم بدلاً عن زوجته، والموضوع غير مزعج إلا إذا تدخل الرجل في ما يظن أن زوجته تستحي منه فيحدثني فيه كالعلاقة الجنسية بينهما، فهنا لا أتردد في سؤاله: إذا كانت زوجتك تستحي فهل تراني لا أستحي أنا؟ تفضّل إلى الخارج وأنا أعرف كيف أجعلها تتكلم!
ما الحلم الذي لا تتنازلين عنه؟ والخطأ الذي تعترفين به؟
- حلمي الذي لا أتنازل عنه والذي أعمل عليه منذ سنوات هو أن أضع كل خبرتي وإمكاناتي في خدمة المجتمعات العربية والأمة الإسلامية وكل البشرية، من خلال آليات تعيد الناس إلى الفطرة السليمة.
أما الخطأ الذي أعترف به فهو إنني أحياناً كنت مثل البنفسجة الطموح في قصة جبران خليل جبران، أبت إلا أن تقف في وجه العاصفة كالأقحوان واستطاعت أن تفعل ذلك، لكن قدمت في مقابل ذلك حياتها، وأقصد أن خطئي كان عندما تجاوز طموحي الإمكانات المتاحة، ولله الحمد على كل حال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.