من الصعب الموازنة بين القوامة والمشاركة في الأسرة، لأن بين المصطلحين بوناً شاسعاً، فمصطلح القوامة يعني أن يكون القائد والقيم ومتولي دفة الأمور في الأسرة هو الزوج وله القرار الأخير في أي أمر يتعلق بالأسرة ولا يمكن أن تكون القوامة بينهما مناصفة لأن الأمور لا تستقيم، وكذلك السفينة إذا تعدد ربانها لا تسير لأن كل ربان يريد اتجاهاً مغايراً للآخر وعلى ذلك فقس. فإذا تبين للزوجين هذا الأمر بوضوح لا غبش فيه أمكن حينئذ أن نوازن بين المصطلحين فتشارك المرأة زوجها، والمشاركة برهان على حسن العشرة واحترام المرأة وتقديرها وإيماناً بأهمية دورها في المشاركة في إدارة الأسرة ومن مقومات النجاح للشراكة بين الزوجين ما يلي: وضع دستور في بداية الحياة الزوجية وكيفية التعاطي مع هذه الحياة والمشاركة في وضع الأهداف الإستراتيجية للعائلة. وصياغة دستور مشترك يحدد وظائف وأدوار كل منهما بشكل واضح. والتشاور في الأمور العائلية بأدق التفاصيل وأخيرا الحرص على احترام أفكار الطرف الآخر والاهتمام بوجهة نظره. المرأة ماذا تقول عن واقع القوامة وأيضا رجال القانون كيف يحددون القوامة، في واقع اجتماعي اختلطت فيه الأدوار بين الرجل والمرأة. أنانية الرجل في البداية قالت مها أحمد مديرة مدرسة: إن الرجل الشرقي في الغالب أناني بطبعه يريد المرأة دائما تحت تصرفه، ويمنعها عن القيام بأي عمل إلى أن يكون راضيا عنه تمام، ولا يحب لها النجاح ولا يعذرها إذا قصرت في أعمالها بينما هو مقصر دائما، ويطالب المرأة بالقيام بالدورين معا من القيام بتوفير طلبات المنزل، مضافا إليه دور الرجل بتوفير المتطلبات الخارجية وتحمل الأعباء المادية ومتابعة الأطفال وغير ذلك من الالتزامات التي لا مجال حصرها.. القوامة الواعية أما أم سلطان اليحيي ربة منزل فقالت أن الله جعل القوامة للرجل لسببين طبيعة الرجل الجسمية التي تجعل الرجل قادرا على العمل ثم تحمل الأعباء المادية، والاهم حماية الأسرة، وعند اكتمال مفهوم الرجل لهذا الدور بوعي يحقق القوامة ولكن للأسف أصبحت القوامة بالاسم، لذا حدث تشتت للأسرة فأصبحت المرأة هي التي تصرف ماديا على الأسرة وتتحمل أعبائها الروتينية بالإضافة لحماية الأبناء والرجل يتنقل بين الاستراحات والسهر، وقامت أم سلطان برسم مخطط سهمي يوضح الحياة اليومية بالرجل منذ استيقاظه صباحا للدوام ثم تناوله الغداء بعدها يخلد للنوم ولا يتردد في أخذ قهوته او الشاي وهو في طريقة للاستراحة، التي يعود منها مرهقا فبل الفجر هذا إن حضر مبكرا، أما الزوجة تجهز الغداء بعد عودتها من الدوام ثم تذاكر للأبناء ثم تعد وجبة العشاء وبعدها تذهب لتوفير احتياجات المنزل والأغراض المدرسية اللازمة للمدرسة، وتابعت حديثها أين تطبيق القوامة لرجل في الأسرة. استغلال القوامة سارة الزامل اختصاصية مصادر قالت: لابد أن يفهم الرجل معنى القوامة التي تتطلب إشراف الرجل بشكل مباشر على تربية الأولاد وتقويم سلوكهم والإنفاق على احتياجات الأسرة، لا أن يستغل الرجل هذه القوامة في تنفيذ سلطته على الأولاد والتضييق عليهم والتخلي عنهم لقضاء أكثر أوقاته في الاستراحات وقت الاختبار والأزمات، وأكدت انه لابد من فهم الرجل معنى القوامة وأنها تكيف لهذا الرجل قدرته الفعلية على تنظيم الأسرة، فإذا قام الرجل بهذا الدور فستقل الضغوط على الزوجة ويوفر عليها الكثير من الجهد وستجد من يشاركها في تربية الأطفال والإنفاق وملاحظة الاهتمام بمستجدات الأسرة. تكريم المرأة الدكتورة نجوى عبد الرحيم شاهين من الإدارة العامة للإشراف التربوي، قالت: إن القوامة كما ذكرت بالقرآن الكريم لا تعنى التضييق على المرأة بل مساعدتها وإعانتها على مجالات الحياة المختلفة،وأيضا الستر بمعنى الحفاظ عليها وتكريمها كما كرمها الإسلام فهو مساعد ومعين وقائم بمسئوليات الأسرة الكبيرة التي تساند الزوجة. الطلاق العاطفي المحامي وليد المسند قال: إن مصطلح القوامة يرجع إلى إقامة الشيء والاستناد عليه وهذا ما تحتاجه المرأة من الرجل وهو وجود طرف آخر أكثر صلابة وقوة منها وتقويمها ماديا ومعنويا في جميع الأمور الحياتي، ولكن بعد تخلي الزوج عن هذا المبدأ تماشيا مع مقتضيات العصر انتشر الجمود والانهيار في أركان الأسرة فانصرف الرجل إلى أشغاله الخاصة بعد أن وجد المرأة تنزع عنه هذا اللباس لتقوم بكلا الدورين الرجولي والأنثوي، ولكن هيهات أن تتعادل الكفتان وأصبح الرجل متواكلا على الزوجة لتقوم بدور الأب والام، وبالتالي نجد الازدياد في القضايا الأسرية يلقي باللوم على زوجته لأنها لم تعطه الفرصة لإثبات قوامته ومن جهة أخرى تطالب المرأة الزوج بالانصياع للرباط المقدس الذي بينهما من تولي المسئولية الأسرية سواء المادية أو تربويا أو دينيا وأصبح الأطفال ضحايا لذنبهما كما نشأ مصطلح جديد ساعد في أبنائه وهو الطلاق العاطفي، كما نجد بعض الرجال قد اتخذوا مسمى القوامة بفرد العضلات والهيمنة بلا فكر أو وعي على الزوجة وأصبح يهضم حقوقها ويتمادى في إيذائها متخذا مصطلح القوامة وسيلة له من كل ذنب يقترفه في حقها وأخيرا ليس احد كاملا فالكمال لله وحدة ولكن عندما نكون أكثر وعيا وإدراكا بأمورنا الدينية والاجتماعية والأسرية نكون قد انتشلنا بعض رفات الانقسام والتفكك الأسري وساهمنا في بناء أساس جيل أكثر قوة وثباتا في مواجهة عقبات الحياة. مقومات القوامة هل ممكن أن يفقد الرجل قوامته ومتى ؟ وما هو مصير عقد النكاح في تلك الحالة ؟ وهل القوامة مرتبطة بالإنفاق ؟ هكذا بدأ المحامي عدنان العمري مداخلته بتساؤل،ثم أشارت الفتوى رقم 8676والصادرة من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين (حفظه الله) على أنه تسقط الولاية والقوامة إذا كان الرجل غير عدل فلا ولاية لفاسق، أو كافر، أو مجنون أو معتوه، كما تسقط الولاية بالغيبة الطويلة ونحوها. أي انه نعم من الممكن إن يفقد الرجل قوامته شرعاً إذا كان فاسقا على سبيل المثال لا الحصر، ومعنى الفسق شرعاً: هو خروج الإنسان عن حدود الشرع وانتهاك قوانينه بالسيئات وارتكاب المحرمات، ومثال ذلك قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه....) والفاسق له سمات يعرف بها كما بين لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقال "وأما علامة الفاسق فأربع: اللهو واللغو والعدوان والبهتان...". فالفاسق يتبع أهواءه على حساب مصلحة الأمة الإسلامية فلا يمكن الاعتماد عليه في شيء. كما قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" وفي أقوال أخرى ذكرت بأنه إذا لم يقم الرجل بالإنفاق على المرأة لم يكن له حق القوامة عليها ويصبح من حقها طلب الطلاق، أي انه إذا عجز الزوج عن نفقتها لم يكن له حق القوامة عليها، والدليل قوله تعالى "وبما أنفقوا من أموالهم" والمذاهب المالكية والشافعية أشارا إلى أنه عند الإعسار عن النفقة والكسوة يثبت فسخ العقد. ولكن إذا أرادت المرأة الطلاق فهناك العديد من الأسباب غير النفقة تستطيع المرأة تقديمها للجهات القضائية المختصة للحصول على الطلاق ومنها إذا ادعت أنها لا تستطيع إقامة حدود الله مع الزوج.فإذا تحدثنا قليلا عن عجز الزوج عن النفقة، هل إذا أصيب الزوج في حادث أو مرض وعجز عن النفقة هل يحق للزوجة طلب إلغاء القوامة وفسخ العقد ؟ هنا يأتي دور القضاة الشرعيين في النظر في الموضوع بجميع اعتباراته. كذلك يفقد الزوج القوامة بفقده لأهليته الشرعية كالجنون والسفه وعدم قدرته على القيام بواجباته الزوجية من حفظ للزوجة وصيانتها. فالزوج يجب عليه كما قلنا أن يعي مسؤوليته بموجب القوامة على زوجته فلا يعاملها باستبداد وتعسف... ولا يجب عليه أن يستغل هذا الحق استغلالا مخلا بالحياة الزوجية فإذا أراد الرجل إن يحقق القوامة في هذا الزمن فعليه أن يقوم بما يصلح أمور الزواج والأسرة فهي مؤسسته الخاصة وعليه أن يرعى هذه المؤسسة بما يصلحها. صور فقد القوامة وأكد الأستاذ عبدالله بن راشد السليم الباحث القانوني أن الرجل يستحق أن ينال القوامة لسببين ذكرهما الله في آية القوامة وهما:تفضيل الرجل على المرأة في القوة البدنية والعقل والصبر والتحمل...الخ وهذا على سبيل العموم فقد يوجد من النساء من هن أفضل من كثير من الرجال، الإنفاق من ماله على المرأة وعلى الأسرة بشكل عام. فإذا فقد الرجل هذه الأسباب أصبح غير جدير بالقوامة وإذا افتقد بعضها فقد افتقد جزءاً من قوامته على المرأة، ولذلك ذكر الفقهاء- رحمهم الله- أن الرجل إذا لم ينفق على زوجته فإن قوامته عليها قد زالت بمعنى أنه يحق لزوجته طلب الطلاق لأجل عدم إنفاقه عليها حتى ولو كانت غنية. فلاشك أن إنفاق المرأة على الأسرة يضعف من قوامة الرجل على زوجته وسيطرته على بيته وأسرته، ولكن لا يمكن أن يقال أن نفقة المرأة تعارض القوامة مطلقاً، وإنما تكون معارضة لها إذا اعتمد الزوج كلياً على دخل زوجته وتولت هي الأمر برمته، أما إذا كانت ترغب في مشاركة زوجها في النفقة وعن طيب نفس فلا تأثير على القوامة هنا. أما ابرز صور فقد القوامة في المجتمع السعودي فأوجزها السليم بما يلي: - إدمان الزوج للمخدرات والمسكرات فتتولى المرأة القوامة لأن الرجل أصبح غير مؤهل للقوامة، وعدم تحمل الزوج أعباء ومسؤولية الأسرة وإلقائها على كاهل المرأة خصوصاً إذا كانت الزوجة عاملة. - تدخل الأهل في شؤون الزوجين وذلك في حالة تواجد الزوجين مع الأهل في مسكن واحد، فتجد الزوج لا يفعل قوامته ويفقدها بمجرد تدخل الأهل وتنتقل لأحد الأبوين ويكون ذلك من الزوج إما من باب البر أو الخوف والسيطرة من أحد الأبوين، بالإضافة إلى تسلط الزوجة وسيطرتها المطلقة على الزوج والأبناء وخاصة إذا كانت الزوجة هي التي تنفق على الأسرة. وفي ختام حديثه قال: من الآثار السلبية التي تترتب على فقد قوامة الرجل، فقد المرأة لأنوثتها وطبيعتها التي خلقها الله عليها وتوليها لعمل لا يناسبها، وبالتالي تحميلها فوق طاقتها، وقد يكون سببا في انحراف المرأة، بسبب أنها أصبحت لا تنظر إلى زوجها بعين التقدير والاحترام، فتبدأ تمني نفسها بالرجل ذي القوامة الذي تشعر معه بالأمان، إلغاء شخصية الزوج ومكانته التي خصه الله بها، فتنقلب الموازين وتتبادل الأدوار.