التعدد: سؤال سيظل عالقا بالأذهان بين الرفض والقبول على مدى الدهر ولن يجتمع عليه كل الناس.. والإجابة عليه متضاربة في الرأي مختلفة في الفهم. فهذا موضوع نحتاج فيه إلى عدة مقالات. بداية.. لا شك أن المرأة كيان لا غنى عنه في الحياة فهي أم تربي الطفولة وتصنع الرجولة وزوجة تزين الحياة ببسمتها ولمستها وتعين زوجها على أعباء الحياة.. قال الله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " (الروم 21) ففي جو الأسرة المتألقة المتوادة يسكن الإنسان نفسيا وروحيا وجسديا وفي ساحة السكن الجميل تنبت بذور المحبة وتمتد فروعها فتتحول إلى يد حانية تمسح من على جبين الرجل الكادح حبات العرق الذي يعمل لتأمين متطلبات الأسرة. في المقابل هناك زوجات أفسدن العشرة وهدمن هذا السكن الجميل بسبب الغيرة والجحود ونكران الجميل.. والغيرة في النساء كما أيضا في الرجال أمر طبيعي إلا أن الغيرة الزائدة عن الحد قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه فالمرأة لا تقبل أن يشاركها زوجها امرأة أخرى. والغيرة مع كل النساء حتى مع زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعندما خرج رسول الله في حجة الوداع وكانت معه نساؤه وكان متاع السيدة عائشة فيه خفة وكان على جمل ناج وكان متاع السيدة صفية فيه ثقل وكان على جمل بطئ فقال رسول الله: "حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب. فلما رأت السيدة عائشة ذلك قالت: يا لعباد الله غلبتنا اليهودية على رسول الله. فقال الرسول يا أم عبدالله إن متاعك فيه خفة ومتاع صفية فيه ثقل فأبطأ الركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها". كما أن الجحود والنكران سمة عند بعض النساء فهذا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن فإني رأيتكن أكثر أهل النار تكثرن اللعن وتكفرن العشيرة" (مسند أحمد 5091)، ومهما فعل الرجل من كل خير لها فإذا ما أخفق مرة واحدة قالت المرأة: ما رأيت منك خيرا قط. إن القوامة للرجل أمر شرعي لا اختلاف فيه. وقد يظن بعض النساء أن هذا نقصان في حق المرأة أن تكون القوامة للرجل فقط. يقول الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" (النساء 34) لقد نزلت هذه الآية عندما نشزت امرأة سعد بن الربيع - وهو أحد نقباء الأنصار - فلطمها فانطلق أبوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أفرشته كريمتي فلطمها. فقال النبي: (لتقتصَّ منه).. فنزلت الآية: "الرجال قوامون.... الآية" فقال رسول الله (أردنا أمرًا وأراد الله أمرًا والذي أراد الله خير). وللأسف نجد أن بعض النساء يستأسدن على أزواجهن وكأنهن الرجال - ولا يصلح لقيادة الأسرة رجلان. ويبقى السؤال "المحير" في التعدد.. فأينما سألت عن التعدد.. تأتيك الإجابة معظمها بالرفض من الجنسين. بسبب وبلا سبب.. مع أن الأفضل هو التعدد – فالأصل في الزواج التعدد - ليس لهوى نفسي ولكن لإفراز كفالة، ولم شمل، وأداء رغبة، ودرء مفاسد، وعلاج لمشكلات كثيرة.. فنحن نعلم أن نسبة النساء إلى الرجال قد تضاعفت مرات وستتضاعف بما اخبرنا به رسولنا الكريم حتى أنها ستصل في آخر الزمان إلى 50 امرأة مقابل كل رجل فكيف ستكون الحال ساعتها؟ وأسأل نفسي هل سيأتي زمان سيحث الخطيب في المسجد على أن يتزوج الرجل من ثانية وربما ثالثة ورابعة؟ - الله أعلم - لكن الحقيقة التي نغفل عنها أن الأمر يحتاج منا جميعا إلى علاج لرمد العيون وإشغال فهم العقول لهذا الواقع المرير الذي نلمسه.. ففي زماننا هذا نعاني من العنوسة ونسبة الطلاق المخيفة.. فلماذا لا نقبل بالتعدد على أن يكون تحت رقابة النفس في العدل المتاح للبشر. إن بعض الرجال عندما تسأله عن التعدد وتقول له هل تقبل أن تتزوج من أخرى فإذا به تنتابه رعدة وانتفاضة وكأنما قد لسعه عقرب، وعندما تدرك السبب تجده إما خوفا من التجربة، أو احترازا من تحرش الزوجة الأولى به، أو هو تعيس في زواجه ويخشى أن يجلب على نفسه مزيدا من التعاسة، أو غير قادر ماديا على الصرف على الاثنتين، وآخر أكثر جرأة فهو على استعداد إلا أنه لا يملك المال، وآخر يقول لك أنا أحب زوجتي فهي تكفيني ولا أريد أن أغضبها، أو هو في طريقه للزواج لأنه غير سعيد مع زوجته، وهناك أمور أخرى منها عدم الإنجاب ومرض الزوجة حيث تكون غير قادرة على تلبية كل احتياجات الزوج وما إلى غير ذلك. ومنهم من ثنى فعلا ويعيش حياة هنيئة مع الاثنتين. ومنهم من يعدل ومنهم من لا يعدل. في المقابل إذا سألت المرأة هل توافقين على التعدد فكثيرا منهن لا تؤيده خاصة المتزوجات. مع العلم أن بعض الفتيات يوافقن على زواجها من رجل متزوج من أخرى وخاصة المطلقات والأرامل والعوانس. وإذا كان الأصل في الزواج هو التعدد وليس في هذا إهمال للزوجة أو نقص لكرامتها. وإنما له أسبابه ومرجعنا الشريعة. وفي ظهور بعض النساء في الفضائيات تدعى أن التعدد فيه إهدار لحق المرأة وأن البشر ليس فيهم من يعدل متحججة ببعض الآيات مثل "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" "ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم".. فهي قد فهمت العدل بأنه العدل المطلق والعدل المطلق هو العدل الإلهي – أما عدل البشر كما أشار إليه بعض الفقهاء "العدل المطلوب هو العدل الظاهر المقدور عليه وليس هو العدل في المحبة والمودة والجماع".. ويقول القرطبي "أخبر الله تعالى بعدم الاستطاعة تحقيق العدل بين النساء في ميل الطبع والمحبة والجماع والحظ والقلب- فإن قلب الإنسان بين أصبعين من أصابع الرحمن يصرفه كيف يشاء وكذلك الجماع قد ينشط للواحدة ما لا ينشط للأخرى. فإن لم يكن بقصد منه فلا حرج عليه فيه فإنه لا يستطيعه فلا يتعلق به تكليفا". وعن العدل بين النساء يقول ابو هريرة: "من كانت له إمراتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة شقه مائل" والمقصود هنا النفقة والمبيت. (وللحديث بقية)