قبل الغليان لحظات من السكون والهدوء تعلو سطح الماء الراكد قبل أن تظهر على علوه معالم الحرارة. بالنظر قد لا تعرف أن الغليان أصبح وشيكاً، وان الانفجار لا يفصلنا عنه سوى ثوان... حالنا مع الرياضة المحلية اليوم في أواخر لحظات السكون تلك، في العام الماضي كلنا تابع تصرفات من الجماهير بعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا، شبان يدفعهم التعصب عند الخسارة إلى الخروج عن كل قواعد الأدب، فخروج بنص التشجيع عن أهدافه، ألفاظ نابية وأوصاف غريبة نُعِتَ بها لاعبون ومدربون وجماهير في الطرف الآخر، غير التعدي على أنظمة الملاعب بالنزول إلى الأرض وملاحقة اللاعبين. ظواهر التعصب عدوى تنتقل من الجماهير إلى اللاعبين كل يلقي باللوم على أحد بعينه فيفقد اللاعبون ثقتهم ببعضهم، فبدل من أن يكون دور اللاعبين تكاملياً لإنجاح الفريق يكون دور كل واحد فيهم فردياً لإنجاح ذاته، عدا ذلك فإن العصبية تصبح السمة الدائمة على أداء اللاعبين داخل الملعب فتكثر الكروت الملونة وتخرج الرياضة عن أهدافها. في التعصب كل يلقي باللوم على غيره، فالإعلام يستغرب أن يتهم بها واللاعبون والإداريون يرون أنهم منها براء، وكل يلقي بها على الآخر، ولكن الحقيقة تقول إن التهمة تقع على الجميع بشكل متساو وما من رياضي إلا وكان له دور. فإدارات الأندية تزرع في النفوس التعصب بكثرة التظلم، فبدل من أن يعدلوا أخطاءهم ويبحثوا عن نقاط ضعفهم يحاولون دوماً الخروج بمبرر للجماهير، فإما بإلقاء اللوم على الحكام أو القائمين على الرياضة أو الأندية الأخرى ولكل هزيمة مبرر. وهو حال اللاعبين والمدربين أيضاً، وهنا يأتي دور الإعلام، فالمتعصب منه يسلك المسلك ذاته مع الإدارات التي يميل إليها، وبدل من أن يكون له دور عقلاني في تهدئة النفوس، يكون دوره في تأجيج المشاعر ودفع الشارع الرياضي نحو الانفجار أكبر. ظواهر الغليان في الشارع الرياضي هذا العام على غير العادة ظهرت بوادرها أسرع عن سابقها من الأعوام، ودافعي اليوم لكتابة ما أكتب هو الخوف من أن تكون تلك البوادر مجرد بداية لما هو أشد خطراً وفتكاً برياضتنا. من هوامش ما قرأت أخبار تدور عن أحوال جماهير النصر بعد الخماسية الاتحادية، تعدي واشتباكات مع اللاعبين، أبرزها ما حدث بين الجماهير ونجمهم المعار مرزوق العتيبي، كذلك كان الحال مع جماهير الاتحاد في بداية الموسم قبل أن يتحسن المستوى وتعود الأحوال للهدوء بين النادي وجماهيره. وأيضاً ما حدث مع اللاعب خالد الشمراني في اللقاء نفسه بالتعدي على محمد نور بطريقة غريبة أفقدت فريقه الفائدة منه، وأودت بالنصر لهزيمة كان يمكن التقليل من حجمها. وغير هذه الأحداث كثير مما مضى وأكثر قد يأتي إن لم نتعامل بعقلانية مع التعصب، ونبذه من جذوره ومحاربته من كل الجبهات القائمة على الرياضة والمهتمة بها. عادل العيسى [email protected]