تشهد الانتخابات الرئاسيّة في فرنساوالولاياتالمتحدة منافسة حامية، في وقت تبدو نتيجة الانتخابات في روسيا محسومة سلفاً. وقد يحسِب الغرب أن انتقال بوتين من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الدولة لتفادي العائق الدستوري الذي يحظر تولي الرئاسة لأكثر من ولايتين متتاليتين، هو مناورة تشير الى أن الأوضاع في الكرملين على حالها. لكنّ كثيرين من الروس من الفقراء والطبقات الوسطى والأغنياء لا يوافقون الغرب الرأي. وهم يخرجون إلى الشارع ليحتجوا على تزوير الانتخابات النيابيّة الأخيرة. هذه التحركات دحضت الفكرة السائدة بأن الناس يؤيدون بوتين من أجل ضمانة الاستقرار، وغيّرت التوازنات الداخلية. جابه بوتين هذه التحركات وهاجمها بسخرية مشبهاً الشرائط البيض الخاصة بالمعارضة بالحملة الوقائيّة لتفادي الأمراض التناسليّة. لكن رد السلطات الروسية لم يقتصر على السخرية. فبعيداً من الأضواء، باشرت إقرار سلسلة من الإصلاحات أبرزها السماح بتأسيس أحزاب جديدة بشروط ميسرة، واستئناف عملية انتخاب حكّام المناطق عوض تعيينهم. وقد تؤذن هذه الإصلاحات البسيطة بقرب انعطاف النظام السياسي. والتغييرات تساهم في إبصار روسيا جديدة النور يترشح فيها اصحاب الكفاءة الى الرئاسة، ويسع القوى المعارضة تسلم السلطة. وأرجو أن يقبل الناس على الاقتراع، وأن يدقق الناخبون في المرشحين الأربعة المنافسين لبوتين، ويختاروا واحداً منهم ولو كانوا يتمنون أن يروا غيرهم في اللوائح. في الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة فاز بوتين بالرئاسة من الجولة الأولى. النتيجة اليوم غير محسومة، وعلينا الانتظار هذه المرّة لمعرفة النتيجة. وإذا لم يفز بوتين في الجولة الاولى، وانتقل الى الجولة الثانية انقلبت أحوال المشهد السياسي الروسي. فالجولة الثانية تؤذن ببدء سيرورة التغييرات التي نطالب بها، وتبشر بأن التغيير سيرى النور سلماً. لا نريد ان تراق الدماء على ما يحصل في شوارع بعض الدول، ونرمي الى إرساء التغيير من غير الانزلاق الى حرب أهليّة. طوال اعوام طويلة، أُسيء استخدام السلطة وتفشى الفساد وانتهِكت حقوق الانسان في روسيا. لذلك تبرز الحاجة الى تحديث الاقتصاد، وبناء المجتمع المدني، لتتمتع الاجيال المقبلة بحياة أفضل ولتؤدي بلادنا دورها الرائد والفاعل في المجتمع الدولي. ويمكن متابع أحداث"الربيع العربي"أن يرى كيف تتغير العلاقة بين الحكّام والمحكومين، على رغم اختلاف الأوضاع بين تلك الدول وروسيا. ويستحق المواطنون الاحترام، سواء في مصر أو سورية أو روسيا. وأبرز"الربيع العربي"أهميّة التكنولوجيا والاتصالات الحديثة في توفير المعلومات وحشد المتظاهرين. والطبقة الوسطى تتوسع في روسيا، وفي عقد من الزمن ستشكل الشطر الراجح من السكان. وإذاك ستطالب الطبقة هذه بالمشاركة في السلطة، ولن تقبل الرفض. وانتخابات الأحد المقبل قد تكون المنعطف، وبداية نهاية الحكم الأحادي. وتنظيم جولة ثانية من التصويت هو إجراء واعد بالتغيير. فأركان النظام الرئاسي الذين تمتّعوا بصلاحيّات مطلقة طوال 12 سنة، سيضطرون الى سماع صوت الشعب الذي خرج عن صمته وشلله الى التفاعل مع السلطة ومحاسبتها. والسياسيون الذين حصدوا اصوات المعارضة قد يرتقون قوة فعليّة تساهم في تغيير وجه الحياة السياسيّة. حري بالغرب أن يغيّر موقفه، وأن يدرك أن السبيل الوحيد الى دعم المصالح المشتركة لا يقتصر على منح مشروعية لنظام يتلطى وراء مقولة الحفاظ على الاستقرار وخداع شعبه المنهك. لذا أدعو الغرب الى متابعة نتائج الانتخابات. ففي الولايات المتّحدة وفرنسا، يدور الانتخاب على توجهات سياسيّة مختلفة. أمّا في روسيا، فالعمليّة الانتخابية هي على محك نجاح بوتين في الجولة الأولى أو الثانية. معارض روسي سجين، عن موقع"خودوركوفسكي.رو"الروسي، 27/2/2012، اعداد علي شرف الدين