لوح التفجير النووي الكوري الشمالي باحتمالات مخيفة. ومن الاحتمالات هذه إقدام اليابان، بدورها، على صناعة سلاح نووي. وهذا داعٍ واف لسباق تسلح جديد في شرق آسيا. وفي 31 أيار مايو المنصرم، حذَّر وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كسينجير بكين من أن عليها توقع امتلاك كوريا الجنوبيةواليابان القنبلة الذرية إذا لم تلجم حليفتها بيونغيايغ في الأثناء. وعلى رغم تمسك اليابان بتعهدها ألا تملك سلاحاً ذرياً، وألا تصنع مثل هذا السلاح أو تقبل تخزينه على أراضيها، تصدى سياسيون، أخيراً، للموقف التقليدي هذا. فاقترح أحد نواب الحزب الليبرالي الديموقراطي، غوجي ساكاموتو، أن تتخلى اليابان عن نهجها والتزامها الصارمين، وأن"تلوِّح"بالتحول قوة نووية إذا اضطرها الجوار الإقليمي الى ذلك. ويُروى أن رئيس الوزراء في 2006 - 2007، شفيزو آبي، قال في لقاء مع طلاب إن"ترسانة صغيرة"لا تعد انتهاكاً لدستور اليابان. وغداة التفجير الكوري الأول، في 2006، طالب النائب الليبرالي الديموقراطي البارز سويشي ناكاغاوا، ووزير الخارجية يومذاك، تارو آسو وهو رئيس وزراء لاحق، طالباً بمناقشة سياسة اليابان النووية علناً. والحق ان التهديد الكوري الشمالي، وتعاظم القوة العسكرية الصينية، لم يحملا معظم اليابانيين على تزكية الخيار النووي. فمن يؤيدون امتلاك ردع من هذا الصنف لا يتجاوزون 20 في المئة من اليابانيين. والى هذا، لا يسع اليابان، وهي جزيرة ضيقة وكثافتها السكانية عالية، اختبار قنبلة مصنوعة من البلوتونيوم. وهي المادة الانشطارية التي تملك اليابان كمية كبيرة منها، وتستخدمها في توليد الطاقة. ولا غنى لقنبلة البلوتونيوم، على خلاف قنبلة اليورانيوم، من اختبار حقيقي، ولو مرة واحدة، يسبق المحاكاة في المختبرات. وخلصت دراسة، في 1995، أعدتها وزارة الدفاع الى ان انتهاك اليابان معاهدة حظر السلاح النووي يؤدي حتماً الى انهيار حظر انتشار هذا السلاح. فانسحاب الضحية الوحيدة لهجوم نووي من المعاهدة قمين بتقويض الثقة في نظام الحظر كله. ويصيب الانسحاب، في حال حصوله، العلاقات بواشنطن، أول حلفاء طوكيو، بضرر كبير، ويسوغ سباق تسلح تنخرط فيه الصين وسيول، وتقع المسؤولية عنه على من بدأه، أي طوكيو، وتترتب على الانسحاب عواقب اقتصادية لا قبل لليابان بتحملها. فالبلدان التي تزود اليابان بالوقود النووي، وتتصدرها كندا واستراليا والولايات المتحدة، تشترط اقتصار استعمال الوقود على أغراض سلمية. والطاقة النووية هي مصدر ثلث الطاقة التي تنتجها اليابان. وفي الأثناء، خسر مؤيدو صناعة اليابان السلاح هذا، أو التهديد بصناعته والتلويح بها، نفوذهم، شأن شينزو آبي وسويشي كاغاوا وزير المالية السابق والمستقبل أو تارو آسو، وحظوظهم، في العودة الى الاضطلاع بدور سياسي بارز، ضئيلة. وقد يرد اليابانيون على عدوانية كوريا الشمالية المتعاظمة، أو على تسلح الصين المقلق، من طريق إجازة نشر سلاح نووي أميركي على أراضيهم. وقد يعمدون الى تطوير أسلحة تقليدية تهاجم منصات الصواريخ المنصوبة بالأراضي الكورية. والى اليوم، لم تستنفد وسائل كبح برنامج بيونغيانغ. وليس إقدام اليابان على صناعة السلاح الرهيب من الوسائل هذه. * معلق في نسخة المجلة باليابانية، عن"نيوزويك"الأميركية، 23 /6/ 2009، إعداد وضاح شرارة. نشر في العدد: 16882 ت.م: 24-06-2009 ص: 31 ط: الرياض