واصلت الفصائل الفلسطينية حوارها في القاهرة باجتماعات للجان الأمن والانتخابات والحكومة وسط مؤشرات مبشّرة، إذ تحدثت حركة"حماس"عن"تقدّم نسبي في كثير من القضايا وإنجازات في قضايا مهمة". ومن المفترض أن تكون لجنة الأمن أنهت مهماتها أمس ليغادر أعضاء اللجان الثلاث القاهرة اليوم بعد انتهاء أعمالهم باستثناء المشاركين في لجنتي الانتخابات والحكومة ولجنة التوجيه والاشراف التي تضم الأمناء العامين للفصائل أو من ينوب عنهم، بالاضافة إلى ثلاثة مستقلين هم الاقتصادي منيب المصري والنائب زياد أبو عمرو وعبدالله الحوراني. وقال رئيس وفد"فتح"في الحوار أحمد قريع ل"الحياة"إن القضايا العالقة تتركز في ثلاث لجان هي الامن والحكومة والانتخابات، معرباً عن أمله في التوصل إلى توافق في لجنة الأمن. وأضاف:"مواقف الجانبين ما زالت متباعدة في لجنتي الحكومة والانتخابات... الحوار لم ينته بعد ولم نصل إلى طريق مسدود"، لافتاً إلى أن الملفّين في حاجة إلى مزيد من البحث و"نحن مستمرّون في الحوار على أمل التوصل إلى توافق على القضايا الخلافية، وما زالت هناك أمامنا فسحة من الوقت"، موضحاً أن"الأخوة المصريين أبلغونا بأن حفلة التوقيع على اتفاق المصالحة من المفترض أن تكون في 22 من الشهر الجاري". وعن النقاط الخلافية في ملفي الانتخابات والحكومة، أجاب قريع بأن قانون الانتخابات ما زال خاضعا للبحث، سواء في مسألة تحديد موعد إجرائها، أو التزامن بين الانتخابات التشريعية والرئاسية معاً، وقال:"نريد في فتح ألا يزيد السقف الزمني للانتخابات التشريعية عن 25 كانون الثاني يناير العام المقبل، لكن الأمر ما زال خاضعا للبحث من أجل التوصل إلى تفاهم على نقاط الخلاف... فتح تريد إجراء الانتخابات وفق قانون التمثيل النسبي الكامل، بينما حماس تريد قانون التمثيل المختلط". وسألته"الحياة"لماذا لا توافق"فتح"على ان يكون تشكيل لجنة الانتخابات مهمة الحكومة أو الفصائل كما طرحت"حماس"في مقابل إبداء"حماس"مرونة تجاه ولاية الرئيس، فأجاب:"لا نقايض في أي قضية، وهذا موقفنا باختصار". وعما أعلنته"حماس"من أنها تتمسك بتسمية رئيس الحكومة والحقائب الوزارية السيادية، قال قريع:"هذا الأمر لم نخض فيه لأن الرئيس هو فقط الذي يملك صلاحية تسمية رئيس الحكومة، فهو وحده المفوض تكليف رئيس الوزراء، والرئيس من حقه أن يجري مشاورات مع من يشاء ليكلفه رئاسة الحكومة، لذلك نحن لم نبحث في تسمية رئيس الحكومة، لكننا نضع المعايير للاتفاق"، مضيفا:"استطيع القول إن هناك جدية لدى الجميع في التوصل إلى اتفاق". ولفت إلى أن موقف"فتح"من الحكومة أن تكون قادرة على إنهاء حصار غزة وتعزيز الوحدة الوطنية، مع الحفاظ على علاقاتنا الدولية وتعزيزها، وقال:"فتح لا تريد لأي قوى أو فصيل أن يتخذ مواقف لا يريدها... لكننا نتحدث عن حكومة انتقالية الغرض من تشكيلها محدد لتتمكن من القيام بمهماتها، وعلى رأسها رفع الحصار وإعمار غزة، ويجب أن تلتزم التزامات منظمة التحرير الفلسطينية"، مشددا على أن هذه التعهّدات ملزمة لأي حكومة ستشكل. وأضاف:"نتحدث حصريا عن الحكومة مع احترامنا وتقديرنا لمواقف القوى والاحزاب... هذه الالتزامات هي الأساس في بقاء السلطة واستمرارها، إلا إذا كان هناك توجه فلسطيني عام بإنهاء السلطة وتصفية مؤسساتها، حينئذ الوضع يختلف، وسيتطلب ذلك أطرا شرعية لتقرر ذلك". في غضون ذلك، قال الناطق باسم"حماس"، عضوها في حوار القاهرة فوزي برهوم إن"الحوار الوطني الفلسطيني أسفر حتى الآن عن تقدم نسبي في كثير من القضايا، وتحققت انجازات في قضايا مهمة"، معربا عن تفاؤله الحذر بقرب التوصل الى اتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة. وأضاف أن جميع الفصائل والتنظيمات الفلسطينية والمستقلين والمسؤولين المصريين الذين يشاركون في الحوار، مصمّمون على انجاز اتفاق المصالحة بأسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن مصر لم تحدد وقتاً محدداً لانجاز الاتفاق"إلا أنها طلبت بشكل غير مباشر التوصل الى اتفاق في أسرع وقت ممكن". وأوضح أن أهم الخلافات أمام الحوار بالنسبة الى موضوع الحكومة هو البرنامج، قائلاً:"طرحنا أن يكون برنامج الحكومة هو برنامج حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها عقب اتفاق مكة". في غضون ذلك، نفى مصدر موثوق ما تردد عن دعوة مصر الأمناء العامين للفصائل إلى الحضور الثلثاء المقبل إلى القاهرة للمشاركة في أعمال لجنة الإشراف العامة. وعلمت"الحياة"أن قريع أجرى اتصالاً هاتفياً أمس مع الرئيس محمود عباس أبو مازن لأخذ موافقته على الصيغة التوافقية التي تم طرحها في لجنة الإشراف والتوجيه بالنسبة الى منظمة التحرير، والتي تعتبرها مرجعية بديلة الى حين تشكيل مجلس وطني. وأوضحت مصادر أن الرئيس عباس وافق على هذا الطرح. الى ذلك، قال القيادي في"فتح"محمود العالول المشارك في لجان الحوار:"يجب القفز عن المصالح الفصائلية الضيّقة لمصلحة الوطن"، معوّلا على دور عربي فاعل لإنهاء الخلافات الواسعة بين الجانبين في القضايا الجوهرية التي قد تعطل الاتفاق، وقال:"يجب على العرب أن يشاركونا في انجاز هذا الاتفاق وتسويقه دولياً لأن الانقسام الفلسطيني كان له انعكاسه السلبي على الوضع العربي"، مشيدا بالدور المصري الفاعل. من جانبه، قال نائب الأمين العام ل"الجهاد الإسلامي"زياد النخالة ل"الحياة"إنه"لا يمكن تجريد حماس من موقفها السياسي، ويجب أن يشارك الجميع في دفع الفاتورة من أجل انجاز هذا الاتفاق الوطني"، لافتاً الى أن هناك رغبة لدى جميع الاطراف لإنجاح الحوار، والكل في حاجة للتوصل الى اتفاق. وعلى صعيد تشكيل الحكومة، قال:"لا اعتقد أن حماس ستتخلى عن رئاسة الحكومة أو المشاركة فيها"، مرجحاً أن تشكل من شخصيات مستقلة مقربة من حماس أو شخصيات حمساوية"لكن ليست فاقعة فصائليا". وعلى صعيد لجنة منظمة التحرير، أجاب النخالة بأن المرجعية التي طرحت أول من امس تم التوافق عليها إلى حين تشكيل مجلس وطني جديد وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة، لافتا إلى استعداد"الجهاد"للانضمام للمنظمة بعد تعديلات في برنامجها السياسي والإداري، وبعد اعادة بنائها وإجراء صياغة برنامج سياسي وإداري جديد، وقال:"حينئذ سنكون جزءاً منها". من جانبه، قال الاكاديمي المستقل ياسر الوادية ل"الحياة"عقب لقائه الامين العام للجامعة العربية اول من أمس إن عمرو موسى أكد أهمية تتويج الحوار الجاري بمصالحة قبيل قمة الدوحة المرتقب عقدها نهاية الشهر الجاري، مضيفا أن الجامعة العربية سيكون لها دور أساسي في آلية متابعة اتفاق المصالحة. وكشف الوادية أن موسى أبلغه أن قمة مصغرة ستعقد قريبا تجمع مصر وقطر قبيل قمة الدوحة"وهكذا تكون المصالحات العربية اكتملت وهيأت الأجواء لنجاح قمة الدوحة"، لافتا إلى أن المصالحة العربية ستنعكس قطعا ايجابياً على اجواء الحوار الفلسطيني. وكشف الوادية ل"الحياة"نقاط الخلاف في لجنة الأمن والتي تم ترحيلها الى لجنة التوجيه والإشراف لحسمها، وهي تتلخص في ثلاث قضايا: أولاً تبعية جهاز الامن وحماية الشخصيات الذي كان مشكلا في عهد"فتح"ويتبع الرئيس ويشرف عليه مدير الشرطة، لكن"حماس"تعتبره أحد وحدات الشرطة الفلسطينية. ثانياً جهاز الامن الوقائي الذي تصر"حماس"على تسميته بجهاز الأمن الداخلي فيما ترفض"فتح"ذلك. ثالثاً جهاز الاستخبارات وترى"فتح"تبعيته للرئيس بينما"حماس"ترى انه يتبع الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية. من جانبه، قال القيادي في"فتح"عضو لجنة الانتخابات عزام الأحمد إنه"حتى الآن لم يحدث الاختراق المنشود، ولا تزال هناك خلافات كبيرة في القضايا الجوهرية"، وعلى صعيد لجنة الحكومة، قال:"حماس تريد التمسّك بصيغة اتفاق مكة، ونحن نرى أنها غير كافية بدليل أن الانقلاب جرى بعد اتفاق مكة". ولفت إلى أن إصرار"حماس"على كلمة"احترام"التزامات منظمة التحرير عوضا عن"التزام"لا يلبي مطالب تشكيل حكومة انتقالية يمكنها ان ترفع الحصار عن غزة وتعيد إعمارها. وقال رئيس لجنة الأمن الاكاديمي مهدي عبدالهادي إن مهمات الحكومة تتلخص في البعد الامني والاعمار والانتخابات، لافتا إلى ان هناك اشكالية في تضخم أعداد مسؤولي الاجهزة الامنية، وقال:"نحتاج إلى مرحلة انتقالية لايجاد حلول وطنية لهذه الاشكالية إما بالتسريح أو الاستقالة عوضا عن التعويضات". ولفت إلى أن"هناك مقترحاً لتشكيل حرس وطني فلسطيني لصهر كل الميليشيات في مرحلة انتقالية تصل الى عامين وفق نظام تسلسلي ومهني ومالي موحد من أجل استتبابهم في الاجهزة الجديدة". وعن نقاط الخلاف، أجاب بأن هناك خلافاً على مسميات جهاز الامن الوقائي أو الوطني، موضحاً أن الخلاف يتناول الاجهزة الجديدة التي شكلت. وطالب بضرورة ضمان تكامل الاجهزة الأمنية مع المقاومة وألا تتعارض معها، مشدداً على ان المقاومة خارج السلطة لكن"يجب ألا تلاحق أو تحارب باستهدافها". نشر في العدد: 16782 ت.م: 16-03-2009 ص: 13 ط: الرياض